هل توقف نمو إنتاج النفط الصخري أخيرا؟
بدأت أسعار النفط المنخفضة تلقي بظلالها على إنتاج الصخر الزيتي في الولايات المتحدة. حيث إن انخفاض نشاط الحفر وعدم إكمال الآبار الجديدة، أديا إلى توقف نمو إنتاج النفط الصخري بصورة شبه كاملة.
في هذا الجانب، أشارت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية في تقرير إنتاجية الحفر للشهر الحالي إلى أن إجمالي إنتاج الولايات المتحدة من النفط الصخري من المتوقع أن ينمو بنحو ألف برميل في اليوم فقط في شهر نيسان (أبريل) مقارنة بالشهر السابق، وهذا أبطأ معدل نمو منذ سنوات. سوف ينخفض الإنتاج في تشكيلات الصخر الزيتي الرئيسية في حوض باكن والنسر فورد، في حين أن حوض العصر البرمي في ولاية تكساس هو الوحيد الذي سوف يشهد نموا قويا في الإنتاج.
السؤال هنا: هل هذا التباطؤ بداية لاتجاه تنازلي في الإنتاج أم هو فقط تذبذب شهري؟
توفر أرقام النمو الحالية لأول مرة بعض الأدلة الدامغة على أن الشركات العاملة بالصخر الزيتي لا تضيف إنتاجا جديدا بسرعة كافية للحفاظ على النمو الكبير في الإمدادات الذي شهدته السنوات الأخيرة. يأتي تراجع الإنتاج هذا على الرغم من التحسينات المستمرة في الكفاءة، حيث حققت الصناعة طفرات تقنية كبيرة وركزت عملياتها الإنتاجية في التشكيلات العالية الجودة.
حيث تمكنت الشركات في حوض باكن من رفع إنتاجية الآبار إلى نحو 600 برميل في اليوم مقابل 300 برميل في اليوم فقط في أوائل عام 2013. في حوض النسر فورد تنتج الشركات حاليا في المتوسط 680 برميلا في اليوم لكل بئر، مقابل 500 برميل في اليوم في بداية عام 2014، أي بارتفاع 36 في المائة. لا يزال جزء كبير من حوض العصر البرمي في ولاية تكساس يشهد نموا قويا في الإنتاجية بسبب التحسن السريع في كفاءة الحفر منذ بداية هذا العام.
ولكن هذه المكاسب في الإنتاجية قد لا تكون كافية لديمومة النمو، نظرا للتراجع الحاد والسريع في معدلات إنتاج الآبار، حيث يتعين على شركات الصخر الزيتي حفر آبار جديدة وإكمالها بسرعة، وذلك ببساطة للحفاظ على معدلات الإنتاج القائمة. لقد اعتمد منتجو الصخر الزيتي على مجموعة من الاستراتيجيات للتعامل مع انخفاض الأسعار، بدءا من التخفيضات الكبيرة في الإنفاق. بصورة عامة، قامت الصناعة النفطية بخفض خططها الاستثمارية، لكن على منتجي الصخر الزيتي القيام بتخفيضات كبيرة بشكل خاص. حيث من الممكن أن يتراجع الإنفاق في تشكيلات الصخر الزيتي الأمريكية إلى النصف هذا العام.
تقوم الشركات أيضا بخفض عدد منصات الحفر العاملة بمعدل أسرع بكثير مما توقع المحللون قبل عدة أشهر. حيث انخفض عدد منصات حفر النفط المائلة في الولايات المتحدة بمعدل 38 في المائة منذ بداية العام إلى 922، وفقا لبيكر هيوز. لقد بلغ عدد منصات الحفر العاملة ذروتها في شهر تشرين الأول (أكتوبر) من العام الماضي، على الرغم من أن الأسعار بدأت في التراجع منذ حزيران (يونيو). تدل كل المؤشرات اليوم على أن عدد الحفارات العاملة سوف يستمر في الانخفاض. إضافة إلى ذلك، لا يزال نشاط تصاريح الحفر بطيئا، الذي يمثل مؤشرا رئيسيا لنشاط الحفر.
وفي الأماكن التي لا تزال لدى الشركات فيها منصات عاملة، فإنها تركز فقط على أفضل التشكيلات، حيث الآبار أكثر إنتاجية وربحية. بالنسبة لشركات الصخر الزيتي الكبيرة التي تمتلك مساحات شاسعة من الصخر الزيتي، تقوم بسحب منصات الحفر من تشكيلات الصخر الهامشية وتركز نشاطها على المساحات الأفضل. في حين أن الشركات الصغيرة، التي لا تمتلك الكثير من المساحات الجيدة، تقوم بحفر أفضل التشكيلات المتاحة لها، حتى لو لم تكن اقتصادية بأسعار اليوم. لكن أرقام إدارة معلومات الطاقة الأمريكية الأخيرة تظهر أن تحسين كفاءة عمليات الحفر ليست كافية تماما لتعويض الانخفاض الحاد في عدد الآبار المحفورة.
في الآونة الأخيرة بدأت شركات الصخر الزيتي اعتماد تكتيك جديد للتعامل مع انخفاض الأسعار، هذا التكتيك يتضمن مواصلة حفر الآبار لكن من دون أن يتم إكمالها، على سبيل المثال، ذكرت شركة أناداركو أنه سيكون لديها 430 بئرا محفورة ولكن من دون إكمال بحلول نهاية هذا العام، مقارنة بـ 305 آبار في عام 2014. في هذا الجانب يقول مصرف باركليز إن الشركات العاملة في تشكيلات الصخر الزيتي في الولايات المتحدة التي أعلنت حتى الآن عن خططها، سيكون لديها نحو 1000 بئر محفورة من دون إكمال بحلول نهاية العام.
تختلف دوافع الشركات في ترك الآبار من دون إكمال. البعض منها مجرد محاولة للحفاظ على النقد. حيث إن عمليات الإكمال تمثل نحو 50 في المائة من إجمالي تكاليف حفر الآبار. بالنسبة للشركات الأخرى الدافع استراتيجي أكثر، حيث يأملون في التفاوض مع شركات الخدمات الهندسية لخفض التكاليف أو انتظار الأسعار لترتفع لبدء إنتاج الآبار.
لقد أدخل هذا التكتيك ديناميكية جديدة إلى أسواق النفط، حيث إن قيام شركات الصخر الزيتي بحفر الآبار وترك النفط داخل الأرض يؤدي في الأساس إلى رفع مستويات النفط المخزن، في وقت وصلت فيه مخزونات النفط السطحية في الولايات المتحدة إلى مستويات قياسية. استجابة الآبار غير المكتملة لارتفاع أسعار النفط لن تكون سريعة مثل المخزون النفطي، حيث إن التكسير وعمليات الإكمال الأخرى يأخذان بعض الوقت، لكنهما يمثلان حجما كبيرا من الإنتاج المحتمل الذي يمكن أن يصل إلى الأسواق بسرعة إذا ما ارتفعت الأسعار.
على أسواق النفط التحسب من ارتفاع عدد الآبار غير المكتملة. من الواضح أن قرار ترك النفط في الأرض يؤثر سلبا في مستويات الإنتاج الحالية، لكنه يوجد أيضا وضعا تكون فيه كميات كبيرة من النفط في الولايات المتحدة جاهزة وتنتظر ارتفاع الأسعار. وهذا قد يشكل عبئا على أي ارتفاع في أسعار النفط في وقت لاحق من هذا العام، حيث من المحتمل أن يرتفع إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة بسرعة عند أي إشارة إلى ارتفاع الأسعار.
(المصدر: الاقتصادية 2015-03-25)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews