مراجعة العلاقات باسرائيل.. أم قطعها؟
يكون الأمر بلغ ذروته عندما يعلن الرئيس الفلسطيني: إن على إسرائيل أن تختار بين السلام معنا أو استمرار الاحتلال لأرضنا، إذ لا يعقل أن تظل تضع نفسها فوق القانون الدولي، وتستمر في تقويض الاتفاقات الموقعة، وتعمل بشكلٍ ممنهج على تغيير هوية القدس وتستمر في حصارها لقطاع غزة وتستولي على 60٪ من أراضينا في الضفة، بما في ذلك السيطرة الكاملة على مواردنا الطبيعية، وأخيراً قامت بحجز أموالنا، وهي بذلك سلبت جميع صلاحيات السلطة، مما جعل الحكومة الفلسطينية غير قادرة على أداء مسؤولياتها تجاه شعبها وإدارة مؤسساتها، وهو أمر لا يمكن استمراره، وبالتالي لا بد من مراجعة العلاقات الأمنية والاقتصادية..
أن الوضع العربي الرسمي اصبح بعيدا عن الانشغال بقضية فلسطين ولم تعد القضية الفلسطينية تشغل بال السياسي العربي ولا الإعلامي العربي، بل والأسوأ انها تراجعت عن اهتمام المواطن العادي الذي أصيب بالإحباطات المتوالية واصبح الاهتمام بها مقرونا بالمجازر والكوارث الصادمة وتصبح مادة اعلامية تشغل الصحفيين والمتابعين كأن العملية حسابية لعدد الشهداء والجرحى ونوعية القنابل الملقاة على رؤوس الآمنين.. وعندما ينتهي صوت المدافع وأزيز الطائرات يسكت الإعلام وتنصرف الجموع لملهاتها من جديد، فيما يستمر الموت الصامت يشد الخناق على الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية..
ومما لا شك فيه ان المؤسسات الاستعمارية تمكنت من صناعة الهيات للعقل العربي الرسمي والشعبي بحيث اصبحت القضية الفلسطينية ليست هي القضية الأساسية او الكبيرة او الأولى او المركزية كما قال الرئيس الأمريكي أوباما.. ولقد استجاب الرسميون العرب، بل ان بعضهم يتطوع في التشنيع بالفلسطينيين والتهوين من القضية.
ان اسرائيل فوق القانون الدولي.. وان العالم الإمبريالي كله يقف مع حالة اسرائيل فوق القانون.. بل ان هناك من المضحكات المبكيات في السلوك الغربي تجاه فلسطين ما يصفع الوجوه ان لا تثقوا بالأمريكان والغربيين وانهم فقط يضحكون على الحكام..
فهل نحن بحاجة إلى مراجعة مواقفنا الرسمية العربية مع اسرائيل والقضية الفلسطينية أم قطعها؟ على الصعيد العربي اصبح واضحا ان الابتعاد عن القضية الفلسطينية هو الخطوة الأولى للارتباك الداخلي والتصارع الداخلي والدخول في دوامات الفتن كما هو واضح في اكثر من بلد عربي.. وواضح كذلك ان الفلسطينيين عندما يبتعدون عن رص صفهم الوطني يتمكن العدو منهم اكثر.. والأسوأ من هذا ان الفلسطينيين يصبحون عرضة للوقوع في مشاريع لتصفية القضية الفلسطينية من خلال حلول جزئية تعمق التمزق الذاتي وتكرس الانفصال فيما بينهم.
ان الرد الطبيعي والحقيقي على عنجهية العنصرية الصهيونية يتمثل في توحيد الصف الفلسطيني والموقف الفلسطيني وهذا لا يمكن ان يتم الآن إلا بخطين متوازيين.. ابتعاد الأطراف العربية الرسمية المشوشة عن التدخل الانتقائي في الساحة الفلسطينية.. ومن جهة اخرى، قيام أطراف عربية وازنة ومحترمة بالتحرك من اجل لم الشمل الفلسطيني وانهاء المناخ الفاسد الذي يعتبر الفرصة لمعان العدو في العدوان على فلسطين وشعبها ومقدساتها وارضها.
ان وحدة الصف الفلسطيني مع العمل بكل الوسائل الملائمة لملاحقة مجرمي الحرب الصهاينة مع التحرك لمزيد من كسب المواقف الدولية الرسمية والشعبية هو المثلث بأضلاعه الثلاثة الذي يخرجنا من الفوضى والضنك نحو عمل هادف منهجي ينقذ قضيتنا ويوحد شعبنا ويراكم انجازاتنا.. تولانا الله برحمته.
(المصدر: الشروق الجزائرية 2015-03-15)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews