هبوط اليورو يُفجّر «حرب العملات»

مع إعلان رئيس البنك المركزي ماريو دراغي عن بدء تنفيذ سياسات ضخ السيولة في الاسواق الاوروبية يوم الاثنين المقبل، يبدو انّ العالم دخل فعلاً في حرب عملات لا حدود لها. إذ بات 21 بنكاً مركزياً عالمياً يمارسون سياسات خفض اسعار الفائدة واسعار صرف العملات لتحفيز الاقتصاد.

ويتوقع ان تستمر هذه الحرب مع تسارع هبوط سعر صرف اليورو، فالدولة التي تهبط عملتها بالأكثر تكون الاكثر افادة اقتصادياً وخصوصاً على مستوى الصادرات. فقد انخفض سعر صرف اليورو أمس الى مستويات جديدة مع تراجعه بنسبة 0,53 في المئة الى 1,09 دولار عقب إفصاح رئيس البنك المركزي الاوروبي عن بدء تنفيذ سياسات ضخ السيولة في الاسواق لتحفيز الاقتصاد مع مطلع الاسبوع المقبل.

وانخفض الجنيه الاسترليني بنسبة 0,50 في المئة الى 1,5165 دولار وتراجع الدولار من جهته بنسبة 0,10 في المئة الى 120,01 يناً. ويبدو انّ الاسواق اصبحت جاهزة لتعديل كبير في سعر صرف اليورو بعد ان اعلن دراغي بدء عمليات ضخ المال وضخّه في الاسواق يوم الاثنين المقبل.

فتراجع اليورو دون مستوى 1,10 دولار للمرة الاولى منذ ايلول العام 2003. واعتبرت الاسواق انّ اليورو يخضع لعقاب قاس وانّ تقلبات حادة في اسعاره اصبحت عنواناً للعبة في الوقت الراهن.

وتنخفض اسعار العملة عادة خلال اعتماد سياسات التحفيز الاقتصادي حيث يرتفع المعروض من العملة في التداول بالتوازي مع انخفاض كبير في اسعار الفائدة. وهذا ما يدفع المستهلكين الى المزيد من الانفاق والمستثمرين الى توظيفات جديدة.

وسوف يساعد اليورو الضعيف لمحاربة الركود الاقتصادي على تحفيز النمو الاقتصادي في اوروبا ويدعم صادراتها. ومع اعلان دراغي عن بدء ضخّ 1,1 تريليون دولار في الاسواق، كشف عن مراجعة توقعات النمو في منطقة اليورو الى 1,5 و1,9 في المئة سنوياً في عامَي 2015 و2016 على التوالي.

ومع احتمالات رفع اسعار الفائدة الاميركية في الصيف المقبل مما سيزيد الهوة بين الفائدة الاميركية والفائدة الاوروبية، فإنّ اتجاه اليورو للمزيد من الهبوط يبقى مرجحاً بقوة، وهذا ما يعيد الى الاذهان التوقعات التي انطلقت مطلع العام الحالي والتي قالت انّ اليورو يتجه الى مستوى الدولار الواحد. وقد ينخفض دون هذا المستوى ليعيد تاريخ هبوطه بعد عام واحد من اطلاقه، أي في تشرين الثاني 2002 عندما تراجع الى 0,90 دولار اميركي.

وللتذكير، فإنّ اليورو استقر طوال العام 2014 فوق مستوى 1,30 $، امّا الوجه الآخر لهبوط اليورو فهو التداعيات على سوق الاسهم الاوروبية والاميركية، حيث يتوقع ان ترتفع اسعار الاسهم في اوروبا في ظل سياسات التحفيز الاقتصادي المعلنة بنحو 31 في المئة خلال العام 2015 الجاري. ومن جهة اخرى فإنّ تعافي سعر صرف اليورو سوف ينعكس سلباً على سوق الاسهم الاميركية وغيرها من البورصات العالمية وفي مقدمتها الاسيوية.

يعتقد الكثيرون انه لم يعد أمام اليورو في المستقبل المنظور سوى الهبوط دون تحديد مستوى معين. وبات هبوط اليورو عنواناً لقصص جذابة في منطقة اليورو. فالجميع يريد الافادة من توجهات البنك المركزي الاوروبي الجديدة، وبذلك تكون بورصات الاسهم الاوروبية تتمتع حالياً بأفضل انطلاقة سنوية منذ عقدين من الزمن.

وكانت الاسهم الاوروبية ارتفعت امس الى اعلى مستوى لها منذ العام 2007 على رغم الحذر الذي ساد الاسواق قبَيل بيانات الوظائف الاميركية فزاد مؤشر داكس الالماني بنسبة 0,07 في المئة الى 11511,65 نقطة. كما زاد مؤشر كاك الفرنسي بنسبة 0,08 في المئة الى 4967,38 نقطة. امّا مؤشر فوتسي البريطاني فتراجع بنسبة 0,06 في المئة الى 6956,66 نقطة.

وفي نيويورك فتحت الاسهم على ارتفاع في بورصة وول ستريت بدعم من تصريحات رئيس البنك المركزي الاوروبي، فزاد مؤشر داو جونز بنسبة 0,21 في المئة الى 18135,72 نقطة، كما زاد مؤشر ستاندرد اند بورز بنسبة 0,11 في المئة الى 2101,04 نقطة، وزاد مؤشر ناسداك 0,32 في المئة الى 4982,81 نقطة.

امّا في آسيا فأقفل مؤشر نيكي في بورصة طوكيو مرتفعاً بنسبة 1,17 في المئة الى 18971 نقطة، في حين تراجع مؤشر شانغهاي بنسبة 0,22 في المئة الى 3241,24 نقطة. وهبط مؤشر هانغ سنغ في بورصة هونغ كونغ بنسبة 0,12 في المئة الى 24164 نقطة.

اما في اسواق المعادن الثمينة، فتأثر الذهب أمس بقوة الدولار الاميركي وقبَيل بيانات الوظائف في الولايات المتحدة الاميركية، فتراجع بنسبة 0,07 في المئة الى 1195,40 $ للاونصة، كما تراجع سعر الفضة بنسبة 0,82 في المئة الى 16,02 $ للاونصة، وهبط ايضا سعر النحاس 0,43 في المئة الى 2,641 $.

اما سعر النفط الاميركي في نيويورك فزاد بنسبة 0,16 في المئة الى 61 دولاراً للبرميل بدعم من المخاوف بشأن عرقلة الامدادات النفطية من الشرق الاوسط، كذلك زاد سعر مزيج برنت الخام في اوروبا بنسبة 0,81 في المئة الى 60,97 دولاراً للبرميل.

(المصدر: الجمهورية اللبنانية 2015-03-07)