فصل الحقيقة عن الخيال في أداء «فاينانشيال تايمز 100»
أغنية فرقة ويستلايف "أنا لدي حلم" تصدرت القوائم الموسيقية البريطانية في نهاية عام 1999. كان الأمر سيكون أكثر ملاءمة بالنسبة لمساهمي البلاد لو أن الفرقة أصدرت أغنية "دعها تنهار". فقد تبيّن أن الأعوام الـ 15 التالية كانت مثل كابوس بالنسبة للأسهم، إذ لم يستعد مؤشر فاينانشيال تايمز 100 ذروته في نهاية عام 1999 مرة أخرى إلا الأسبوع الماضي.
تتم متابعة قصة حركة السوق على آلاف أجهزة التداول في الحي المالي في لندن وفي كل ليلة في الأخبار. لكن لا يزال المستثمرون يفوتون مضمون القصة، التي هي حكاية ظريفة حول الفصل بين المتداولين الدائمين والأموال.
ظاهرياً، هذه كانت فترة رهيبة امتدت عقدا ونصف عقد بالنسبة لحملة الأسهم في المملكة المتحدة. ارتفع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 الأمريكي بنسبة 44 في المائة، بينما كان أداء مؤشر فاينانشيال تايمز متساويا مع أداء اليابان، حيث تنخفض الأسهم ويستعد مؤشر نيكاي 225 لاستعادة مستواه في نهاية عام 1999.
لكن الواقع هو أكثر تعقيداً مما تُشير إليه العنوانين الرئيسة البسيطة.
في البداية، مستوى المؤشر يتجاهل الدخل الذي توفره أرباح الأسهم (باستثناء ألمانيا، حيث مؤشر داكس يتضمن بالفعل أرباح الأسهم).
عند إعادة استثمار الدفعات، سيحصل المساهمون على نسبة ليست متدنية كثيراً تبلغ 68 في المائة من مؤشر فاينانشيال تايمز 100، على افتراض أنهم لم يدفعوا الضرائب. ووصلت بلدان أخرى إلى ذروتها في أوقات مختلفة، لكن من بين البلدان المتقدّمة الرئيسية لا تتفوق عليه إلا الولايات المتحدة فقط، من حيث العملة المحلية.
إدوارد بونهام كارتر، نائب رئيس مجلس الإدارة في مجموعة جوبيتر لإدارة الصناديق، ينصح قائلاً: "عليك إعادة استثمار أرباحك من الأسهم. كثير من الناس في الأسواق يعتقدون أنها عوائد رأسمالية وتوقعات مكاسب [مضاعفات الأرباح إلى السعر] لكن على المدى الطويل إعادة استثمار أرباح الأسهم هي التي يجني المساهمون أموالا منها".
على ما يبدو أعضاء فرقة ويستلايف يفكرون بشأن الملايين التي حققوها، بسعر اليورو، من الموسيقى الشعبية غير الممتعة. والمساهمون العالميون يفكرون بالدولار، لكن بما أن هذه هي قصة عن مؤشر المملكة المتحدة الرئيسي، لنجعل المقارنة بالاسترليني (تصنيف العوائد سيكون نفسه مهما كانت العملة التي يتم اختيارها).
مقابل نسبة الـ 68 في المائة لمؤشر فاينانشيال تايمز، أي مستثمر في الاسترليني اشترى في مؤشر ستاندر آند بورز 500 أثناء ذروته في بضعة أشهر من عام 1999، وأعاد استثمار أرباح الأسهم، كان سيحقق نسبة أفضل كثيرا تبلغ 90 في المائة. شراء الأسهم الألمانية كان سيحقق عوائد مشابهة لعوائد أسهم المملكة المتحدة، في حين أن الأسهم الفرنسية حققت نسبة ضئيلة تبلغ 34 في المائة. العوائد النسبية جميعها جيدة جداً، لكن جزءا كبيرا منها في الواقع كان عبارة عن تضخم فقط، كما يُشير مؤرّخ السوق، إلروي ديمسون، من كلية لندن للأعمال. من حيث القيمة الحقيقية، عند تضمين أرباح الأسهم، بلغ متوسط مؤشر فاينانشيال تايمز 0.5 في المائة فقط سنوياً. وسيكون المساهمون أفضل حالاً لو أنهم اشتروا السندات البريطانية ذات العوائد المنخفضة.
بالطبع، كل هذا يفترض أن المساهمين ببساطة اشتروا المؤشر. من الصعب معرفة لماذا يمكن أن يفعل ذلك أي أحد. ونحو ربع إيرادات مؤشر فاينانشيال تايمز فقط تأتي من المملكة المتحدة، لذلك هو ليس مقياساً جيداً بالنسبة للاقتصاد البريطاني (الذي، بالمناسبة، نما أسرع بكثير من الاقتصاد الألماني منذ عام 1999).
ويُشير ريتشارد دانبار، مختص الاستراتيجية في أبردين لإدارة الأصول، أن مؤشر فاينانشيال تايمز قد يكون طريقة سهلة لشراء سلة من الشركات التي تعمل بشكل جيد دولياً. مع ذلك، من الصعب رؤية لماذا يمكن أن يرغب أي شخص أن يكون خُمس محفظته في المناجم وشركات النفط الكبرى.
لكن من السهل الاعتقاد أن النسبة الكبيرة في مؤشر فاينانشيال تايمز للمناجم الكبيرة وميله الشديد لشركات النفط هو سبب لأدائه الضعيف تاريخياً منذ عام 2000. في الواقع، كانت قصة السوق عبارة عن طفرات وإخفاقات متكررة، مع تغيّر أسماء أصحاب الأداء فقط.
ومنذ الذروة، كانت مجموعة الهاتف الجوال، فودافون، أكبر عائق على المؤشر، بفضل انهيار تكنولوجيا اتصالات وسائل الإعلام. في الفصل التالي للسوق ازدهرت المصارف قبل الانهيار (في بعض الحالات حرفياً).
ما يريد أن يعرفه المساهمون فعلاً هو ماذا يحمل الفصل التالي. يمكن أن نكون متأكدين إلى حد لا بأس به أنه ستكون هناك طفرات وإخفاقات في المستقبل، لكن أيّها سيأتي أولاً؟
كريسبين أودي، مؤسس صندوق التحوط أودي لإدارة الأصول، يقول إن من الصعب إلى حد كبير التحضير للانهيار الآن، مقارنة بالوضع في عام 2000، حين كان يسكب المال في المراهنة على سقوط شركات الدوت كوم والارتفاع في الأسهم المملة في "الاقتصاد القديم"، التي كان يبتعد عنها المستثمرون وكانت رخيصة للغاية. الآن جميع الأسعار عالية بصورة منتظمة تقريبا في مختلف أرجاء السوق.
ويقول: "هذه المرة، أين يمكن أن تختبئ؟ الوضع صعب للغاية".
بطبيعة الحال، يستطيع المستثمرون أن يقبلوا أن العوائد ستكون منخفضة في عالم يتسم بالنمو الضعيف، وأن يواصلوا تحصيل الأرباح على الأسهم بمعدل 3.4 في المائة.
يقول ديمسون: "إجمالي العوائد التي كانت هائلة حين كانت أسعار الفائدة عالية كان انحرافا ضمن الإطار الأرحب للتاريخ".
الخطر في الاستراتيجية التي من هذا القبيل هي أن الأوان قد فات أصلا، إذ تعرض الشركات ما يبدو أنه عوائد قابلة للاستدامة بعد أن شهدت ارتفاع أسعار أسهمها.
إذا انتعش الاقتصاد وبدأت عوائد السندات في الارتفاع، فإن المستثمرين الذين اشتروا الأسهم المملة التي يفترض أنها مأمونة ربما يجدون أنها عناصر رئيسة في الفصل التالي من الانهيار، حتى لو كانت بقية السوق تجرجر أقدامها. على الجانب الإيجابي، على الأقل يبدو أن فرق الصبيان لم تعد موضة رائجة.
(المصدر: فاينانشال تايمز 2015-03-03)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews