نجاح مؤقت للمفاوضات بين اليونان والاتحاد الأوروبي
وافق أخيراً وفد الحكومة اليونانية اليسارية الجديدة على مطلب وزراء مالية دول منطقة اليورو بالتقدم بطلب يسمح لمقرضيها الثلاث الرئيسيين "الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي" بمد فترة حزمة الإنقاذ الدولية لمدة لا تزيد على أربعة أشهر، والالتزام بتنفيذ مجموعة من خطط وإجراءات الإصلاح، مع تحديد نهاية أبريل المقبل كموعد نهائي لموافقة المقرضين الثلاثة عليها، وذلك بعد ساعات وأيام طويلة من النقاش والجدل والخلاف والضغوط الصعبة وتشدد طرفي النزاع حول برنامج الإنقاذ المالي الأوروبي الحالي لليونان والذي سينتهي العمل به في الثامن والعشرين من هذا الشهر، والذي يؤدي عدم تمديده بالتأكيد إلى تدهور أوضاعها المالية العامة تدهوراً حاداً وسريعاً.
وتنص مسودة الاتفاق بين الطرفين على أن تتقدم اليونان لمقرضيها بطلب يتضمن موافقتها على "تمديد تقنى" لحزمة الإنقاذ لمدة أربعة أشهر، مع التزامها الكامل بالامتناع عن اتخاذ أية إجراءات من جانب واحد، وأنها ستعمل بالاتفاق مع شركائها الأوروبيين والدوليين وعلى الأخص في مجال السياسات الضريبية وعمليات الخصخصة وإصلاحات سوق العمل والقطاع المالي والمعاشات، وعلى أن تسدد الحكومة اليونانية خلال فترة التمديد ما عليها من ديون مستحقة لمقرضيها وألا تتراجع عن أية إصلاحات اقتصادية، وكذا الالتزام باتفاقية تخفيف عبء الديون التي تم إقرارها في نوفمبر 2012 والخضوع لمراقبة المؤسسات الثلاث المقرضة والمشرفة على عملية الإنقاذ.... وأوضحت مسودة الاتفاق كذلك على عدم إجبار سلطات منطقة اليورو أو فرضها لأية تدابير أو إجراءات قد ترى الحكومة اليونانية أنها مجحفة عليها ويمكن أن تتسبب في تدمير اقتصادها.
هذا وقد تمت موافقة ممثلي الحكومة اليونانية الجديدة العاجزة عن سداد خدمة ديونها والمناهضة لخطط التقشف الأوروبية والراغبة في إنهاء التعاون مع مفتشي الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي، بعد تزايد فجوة الخلافات وعدم الاتفاق في مباحثاتهم الصعبة مع مفوضي منطقة اليورو ووزراء ماليتها الذين أكدوا على أن شروط خدمة الإنقاذ الأوروبية لليونان هي حزمة سخية للغاية ولا يوجد أي مبرر لتخفيفها، وتصور الجميع أن المباحثات قد وصلت إلى طريق مسدود.
يأتي ذلك بعد إلقاء رئيس الوزراء اليوناني الجديد "اليكسيس تسيبراس" كلمة في برلمان بلاده قبل بداية المباحثات مع الاتحاد الأوروبي بيومين فقط، أكد فيها على التزامه بتنفيذ كافة الوعود التي تعهد بها أثناء حملته الانتخابية وفي مقدمتها رفع الحد الأدنى للأجور وزيادة المعاشات وإعادة تشغيل عمال القطاع العام، ومؤكداً في كلمته على فشل حزمة الإنقاذ الأوروبية وكذا الخطط والسياسات التقشفية التي فُرضت على أثينا من الاتحاد الأوروبي والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي، وأن الشعب اليوناني لم يعد قادراً على تحمل المزيد من هذه الخطط.
وفي أعقاب ذلك أكد وزير المالية الدانماركي "جيروين ديجلسيلبلوين" الذي ترأس الاجتماع المشترك لطرفي النزاع على أن اليونان يجب أن تتقدم قبل نهاية هذا الشهر بطلب لمد فترة حزمة الإنقاذ، وإلا ستواجه بنوكها أزمة سيولة شديدة، وقد أدت هذه التصريحات إلى ارتفاع عائد السندات اليونانية لأجل عشر سنوات لنحو 9.4% والسندات لأجل ثلاث سنوات إلى 7.91%، كما انخفضت أسهم البنوك اليونانية في ذات اليوم بالبوصة بنحو 10%.
وعلى الرغم من نجاح المفاوضات "إلى حين" فقد بدأ الكثيرون في التساؤل ماذا لو كانت هذه المفاوضات قد فشلت تماماً؟.. بلا جدال كان من الممكن أن يؤدي إلى خروج اليونان من الاتحاد الأوروبي ومنطقة اليورو، وتخليها عن عمله اليورو وربما عودتها إلى عملتها القديمة "الدراخمه"، ومن ثم اضطرارها لفرض مزيد من القيود على حركة رؤوس الأموال والمسحوبات المصرفية، وسوف تشهد عملتها الجديدة بالطبع انخفاضاً كبيراً في قيمتها، كما سوف يشهد الاقتصاد اليوناني موجة حادة من الكساد ومواكباً له انخفاض ملموس بمستويات المعيشة كنتيجة مباشرة لانخفاض القوة الشرائية وتزايد معدلات التضخم "فيما يعرف بظاهرة الركود التضخمي" ومن ثم لن تكون قادرة على سداد ديونها السيادية الضخمة... وإن كان من المتوقع أن تؤدي هذه الخطوة كذلك إلى زيادة صادرات البلاد وما يترتب على ذلك من خلق وتوليد المزيد من فرص العمل وخفض معدلات البطالة، بالإضافة إلى زيادة إيراداتها من السياحة.
(المصدر: الشرق القطرية 2015-02-25)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews