عملياتٌ مشبوهة ضد يهود أوروبا
فور وقوع عملية كوبنهاغن التي قُتل فيها دنماركيان أحدهما يهودي، سارع القادة الصهاينة إلى استغلال الحادث ودعوا يهود الدنمارك إلى الهجرة إلى فلسطين المحتلة، وأعلنوا وضع خطة ورصد 46 مليون دولار لاستقبال مئات الآلاف من يهود العالم وإسكانهم وتشغيلهم أو مساعدتهم على إقامة مشاريع خاصة، وصرّح ليبرمان أن عدد سكان "دولته" ينبغي أن يرتفع قريباً إلى 10 ملايين يهودي.
في جانفي الماضي استغل نتنياهو مقتل أربعة يهود في متجر بباريس ودعا نصف مليون يهودي فرنسي إلى الهجرة إلى ما أسماه "إسرائيل"، وبعد نحو شهر ونصف تتكرّر الدعوة نفسها ليهود الدنمارك بعد عملية مشبوهة، فهل هي مجرد صدفة؟
في الخمسينيات، تعرّض اليهود في عددٍ من البلدان العربية ومنها مصر والعراق والجزائر لعمليات اغتيال عديدة، وبعدها بدأ الاحتلال بدعوة يهود الدول العربية إلى تركها و"الهجرة إلى إسرائيل"، وتبيّن بعد ذلك أن الموساد هو الذي كان يقف وراء تلك العمليات بهدف بثّ الذعر في نفوس اليهود الذين لايزالون مترددين بشأن الهجرة إلى فلسطين المحتلة، وإشعارهم بأن حياتهم في خطر شديد في الدول العربية، ويجب أن يتركوها ويهاجروا إلى "بلد الميعاد".
الخطة نجحت آنذاك وهاجر الكثيرُ من يهود الدول العربية إلى فلسطين المحتلة وعززوا بذلك عدد "الاسرائيليين"، واليوم يبدو أن الكيان الصهيوني قد وضع خطة مشابهة لخطته في الخمسينيات لتهجير مئات الآلاف من يهود أوروبا إلى فلسطين المحتلة وتعزيز مشروع "يهودية إسرائيل".
وقد يقول قائل إن عمليتي باريس وكوبنهاغن هي من تدبير مسلمين وتنفيذهما وليس للموساد أيّ علاقة بهما، إلا أن قتل منفذي العمليتين بسرعة برغم إمكانية القبض عليهما عبر إلقاء الغازات المخدّرة عليهما، يثير الشبهات. وبغض النظر عن مدبريها ومرتكبيها، فإن الكيان الصهيوني يحاول أن يستغلّ هذه العمليات إلى أقصى درجة لإنجاح خطته بتهجير يهود أوروبا إلى فلسطين المحتلة، بذريعة أن حياتهم لم تعد آمنة في القارة العجوز.
هذه الخطة قد تنجح ويُدفع مئات الآلاف من اليهود إلى ترك بلدانهم والهجرة إلى فلسطين المحتلة، علماً أن هناك نحو 13 .7 مليون يهودي في العالم.. ولكن ما يحاول قادة الكيان الصهيوني إخفاءه هو أن فلسطين المحتلة التي يسمونها "إسرائيل" ليست آمنة كما يزعمون؛ فعمليات الدهس بالسيارات والطعن بالسكاكين تقع في تل الربيع (تل أبيب) وفي عددٍ من المدن المحتلة التي تخضع لحراسة أمنية صهيونية مشدّدة، وليس هناك مكانٌ آمن للمحتلين.
أوروبا ومختلف بلدان الغرب هي الأماكن الأكثر أمناً لليهود، أمّا فلسطين المحتلة، فهي ليست وطنهم الموعود كما يتوهّمون، بل هي أرضٌ يحتلونها بالقوة ولن يهنأوا فيها بالعيش الكريم والآمن، وسيبقى هاجس المقاومة يطاردهم. ومهما طال الزمن سيُدحر الغزاة يوماً ويتركون فلسطين لأهلها، كما دُحر المستعمر الفرنسي في الجزائر بعد قرن وثُلث قرن من الاحتلال، إذ حمل مئاتُ الآلاف من الجنود وكذا المعمّرين الفرنسيين والأوروبيين حقائبَهم وغادروا "فردوسهم" إلى غير رجعة.
(المصدر: الشروق الجزائرية 2015-02-18)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews