Date : 23,11,2024, Time : 12:25:53 AM
8905 : عدد القراء حاليا
حالة الطقس
°C
Amman,Jordan
13
اليوم
العليا 22° الدنيا 12°
غداً
العليا 18° الدنيا 12°
أرسل خبر
آخر تحديث: الثلاثاء 27 ربيع الثاني 1436هـ - 17 فبراير 2015م 04:01 ص

عندما لا تكون فضيحة المصرف خبرا

عندما لا تكون فضيحة المصرف خبرا
محمد كركوتي

"هذا العالم تحكمه الوحوش، ولا بد من التعاطي معهم. بعضهم يحكمون دولا، وبعضهم الآخر يديرون مصارف، وآخرون يتحكمون بالأخبار"

كين ليفنجستون عمدة لندن السابق

ليس هناك خبر ماحق في التسريبات التي أطلق عليها "سويس ليكس" الخاصة بمصرف "إتش إس بي سي" البريطاني. الفضائح السابقة للمصرف وغيره من المؤسسات المالية الكبرى، تعج بالأخبار التي باتت عادية من فرط حجمها وتنوعها. وأغلب هذه الفضائح تطورت لتصل إلى مرحلة المحاسبة لدى الجهات القضائية لاسيما الأمريكية منها. بعضها يختص بغسل الأموال، وبعضها الآخر بإخفاء ثروات المودعين لمساعدتهم على التهرب من الضرائب، وغيرها يتعلق بتهرب المصرف نفسه من الضرائب، إلى جانب أموال منظمات إرهابية. كانت هناك فضائح مرتبطة بأنواع من التجارة السوداء. دون أن نذكر بالطبع الأموال المنهوبة من الشعوب، التي دخلت خزائن المصرف المذكور. ولذلك لم يكن غريبا، عندما تبين في أعقاب الأزمة الاقتصادية العالمية، أن الأموال المشينة القذرة أنقذت عددا كبيرا من المصارف الكبرى، وحتى المتوسطة.

وجد "إتش إس بي سي" سويسرا أرضا خصبة للقيام بالأعمال المالية غير المشروعة. وأيضا لا عجب هنا، لأن الساحة المالية السويسرية صارت على مدى عقود مرتعا لأغلب الأموال غير المشروعة. وحتى عندما تقدمت السلطات السويسرية وفرضت مزيدا من القيود واللوائح، قامت المصارف السويسرية نفسها باللجوء إلى أماكن أكثر أمنا خارج النطاق الجغرافي السويسري. ومن المفارقات، أن المصارف السويسرية المتهمة بإخفاء أموال غير مشروعة، باتت غير أمينة على هذه الأموال، أين؟ في سويسرا نفسها فحتى السرية المصرفية التي تحكم النظام المالي في هذا البلد، لم تعد قوية بما يكفي لحماية الأموال، أو إخفائها أو "شرعنتها". لأن الأوقات تتغير. والأماكن المظلمة سابقا، باتت شيئا فشيئا في بؤرة الضوء. وهذا آخر ما تريده مصارف سويسرا ومودعوها الهاربون من العدالة والقوانين والأخلاق.

في التسريبات الجديدة، هناك حسابات مصرفية لدى فرع "إتش إس بي سي" السويسري تعود لمجرمين دوليين، وسياسيين، ومشاهير فاسدين، إضافة إلى شخصيات من عالم الأزياء والاستعراض والرياضة، وهؤلاء جميعا من كل الجنسيات تقريبا. وهنا حسابات تعود لأشخاص يديرون أموال حكومات خاضعة لعقوبات دولية. وفي السنوات الماضية، ظهر عديد من هذه القضايا على السطح، وخضع المصرف للتحقيقات وحتى لمحاكمات قضائية. الجديد في التسريبات، أن هناك قائمة بأسماء المودعين وصلت إلى الإعلام. وهذا أمر لم ينفه المصرف المذكور، ولكنه أسرع بإقرار وجود "مخالفات ماضية". أي أنه صار أفضل الآن مما كان عليه في السابق. غير أن المعلومات الجديدة، لا علاقة لها بقضايا (أو مخالفات) سابقة، بل تتضمن حراكا ماليا ضخما ضمن المصرف في الفترة الراهنة. وعلامات الفضائح الجديدة، أن المصرف الذي تخصص في تبييض أموال من مصادر غير مشروعة مختلفة، يقوم بتبييض هائل لأموال السياسيين.

حسنا، ستكون هناك تحقيقات. وكما أعلن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، أنه يتعهد بالكشف عن ملابسات تورط المصرف في عمليات التبييض هذه. وستقوم السلطات الغربية بشكل عام في المساهمة في هذه التحقيقات، لاسيما الأمريكية التي أعلنت (قبل غيرها) الحرب على المصارف من عدة جبهات، في مقدمتها تبييض الأموال والتهرب من الضرائب، ومساعدة مواطنيها على إخفاء ثرواتهم الشرعية هربا من الضرائب المستحقة. غير أن القضية لا تتوقف عند مصرف واحد. كما أنه لم توضع آليات واضحة تتضمن أشكال العقاب، بما في ذلك كيفية نزع الأموال غير المشروعة من أيدي ناهبيها. صحيح أن التسريبات لا تشمل مصارف أخرى، لكن هناك معلومات لدى السلطات الغربية بتورط عشرات المصارف الكبرى بشكل أو بآخر بعمليات مشينة ومشينة جدا.

يبدو واضحا، أن الحملة التي شنت على المصارف في أعقاب الأزمة الاقتصادية، لم تثمر إلا شيئا واحدا فقط، وهو إنقاذها من الهلاك. وقد أنقذت في الواقع من أموال ضحاياها. واستحوذت قضايا التهرب الضريبي على حراك السلطات الأمريكية، أكثر من استحواذها على قضايا أخرى أكثر خطورة، لأنها تتعلق بمصير شعوب، سواء من خلال أموال منهوبة، أو التجارة السوداء بكل قطاعاتها، المخدرات والاتجار بالبشر والتهريب والتزييف والرشا وغيرها. ولا يمكن أن تدعي الحكومات الغربية نجاحا ما، إذا لم تضع في حساباتها كل مصادر الأموال القذرة. يضاف إلى ذلك، حقيقة أنه بات حتميا الآن، أن يعاد النظر في فهم الحكومات لأحجام المصارف. فالمصارف الكبيرة توجد مشكلات كبيرة. فالمشكلة كما صورها وزير المالية البريطاني جورج أوزبورن هي، أن المصارف كبيرة حيث لا يمكن أن تنهار، بل كبيرة بصورة لا يمكن إنقاذها.

والمؤسسات المصرفية الكبيرة، تعم فيها الممارسات المشينة الكبيرة أيضا دون ملاحظة. إن فضائح "إتش إس بي سي" الجديدة، لا يمكن أن تمر دون سلسلة جديدة من الإجراءات الحكومية، تضمن أداء طبيعيا للمصارف بصرف النظر عن أحجامها. والأهم، أن يلقى المذنبون العقاب الموازي لجرائمهم ومخالفاتهم. لا أن يتقاضوا مكافآت هائلة على أموال مشينة، وفي أفضل الأحوال على نتائج هزيلة.

(المصدر: الاقتصادية 2015-02-17)




مواضيع ساخنة اخرى

استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
  • لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :

اضف تعليق

يمكنك أيضا قراءة X


اقرأ المزيد