تعددت الأسباب وأحزاننا واحدة
يا لها من أيام حزينة ومؤلمة على عشاق كرة القدم في تونس والجزائر والمغرب ومصر.. أيام هي الأكثر سوادا رياضيا على البلدان الأربعة.
البداية مع ربع نهائي كأس الأمم الافريقية في غينيا الاستوائية والمنتخب التونسي في طريقه للتأهل إلى نصف النهائي متفوقا على أصحاب الملعب.. وبينما الجميع بانتظار صفارة النهاية من حكم موريشيوس لإعلان فوز عادل ومستحق لتونس انطلقت صفارة أخرى.. واحتسب الحكم ركلة جزاء وهمية لمنتخب غينيا الاستوائية، فتعادل بها في الوقت بدل الضائع وتحطمت معنويات لاعبي تونس من فرط الظلم ففاز الفريق المضيف في الشوطين الإضافيين.
ظلم فادح دفع لاعبي ومسؤولي المنتخب التونسي إلى مهاجمة الحكم عقب المباراة وتدخلت الشرطة لحمايته.. وكان وديع الجرئ رئيس الاتحاد التونسي على رأس المندفعين وتطايرت تصريحاته باتهام الاتحاد الافريقي بالتعمد المتكرر لحرمان تونس من البطولات والانتصارات.. وجاء الرد قاسيا ومؤلما للغاية من الاتحاد الإفريقي بغرامات مالية وطرد للجرئ من لجان الاتحاد.. وإنذار عنيف بإيقاف تونس عن بطولات القارة إذا لم تعتذر رسميا، وهو الأمر الذي رفضه الجميع في تونس.. وتلوح في الأفق سحب سوداء بقرار من الكاف بحرمان تونس من البطولات الإفريقية لمدة عامين.
منتخب الجزائر بدوره دخل مباراته ضد منتخب كوت ديفوار في ربع النهائي وهو مرشح أكبر للفوز بها وبالتتويج باللقب.. استنادا إلى صدارته للتصنيف القاري ومستواه الرائع في المونديال وغزارة الموهوبين في صفوفه.. وانتهت المباراة بهزيمة مريرة 3-1 وهي الثانية له في أربع مباريات فقط.. وطار الحلم الإفريقي الذي عاشه ملايين الجزائريين يمنون النفس بالذهاب إلى مطار هواري بومدين لاستقبال الخضر عائدين حاملين الكأس التي عاندتهم منذ ربع قرن.
الهزيمة والخروج كانا قاسيين للغاية على الجميع، خاصة وأن التقصير من بعض النجوم كان ملموسا، سواء على صعيد الأداء أو الأرقام.. وخلت سجلات الهدافين من الاسمين الكبيرين اللذين انتظر منهما الجميع أهدافا كثيرة.. ولم يكن للتحكيم أي دور في ظلم أو خروج الخضر.
ولم تمر أيام حتى اتجهت الأحزان إلى المغرب بعقوبات الاتحاد الإفريقي ضد الجامعة الملكية لكرة القدم ردا على قرارها بالاعتذار عن عدم تنظيم كأس الأمم خشية انتشار وباء"إيبولا" خلال تنظيم النهائيات.. وتمادى الكاف في تغليظ عقوباته بغرامات مالية، إحداها أكثر من ثمانية ملايين يورو والأخرى مليون دولار.. والإيقاف عن المشاركة في نهائيات الأمم الافريقية لدورتين متتاليتين ليطول غياب منتخب المغرب عن كبرى بطولات القارة حتى مطلع عقد العشرينات.. وهي أقسى عقوبة من الاتحاد الافريقي طوال تاريخه ضد أي دولة من أعضائه منذ تأسيسه عام 1956.
ولم يعد أمام المغرب إلا التظلم أولا ثم رفع الأمر إلى المحكمة الرياضية الدولية أملا في تخفيف العقوبات.
وأخيرا كانت ليلة الأحد السوداء في القاهرة.. وما أكثر الليالي السوداء التي يعيشها المصريون منذ اشتعلت ثورتهم البيضاء في 25 يناير 2011 .. ولا تزال أعداد الضحايا من جماهير الزمالك الذين قتلوا على يدي الشرطة قبل مباراة الدوري المحلي ضد أنبي غير مؤكدة.. ولكن الرقم الأخير وصل إلى 29 ضحية في مباراة كرة قدم.
الحادثة أو الفاجعة أعادت إلى الأذهان ذكريات أكبر مأساة في ملاعب كرة القدم عندما لقي 74 من جمهور الأهلي حتفهم إثر هجوم غوغائي وحشي من جمهور المصري في ملعب بورسعيد عقب نهاية مباراتهما في الدوري في الأول من فبراير 2012.. ولا تزال تلك الجريمة محل تأجيل متكرر في المحاكم المصرية دون أي عقوبة على أي مجرم أو قاتل.
المجزرة هذه المرة سبقت المباراة وهي الأولى التي يسمح فيها الأمن لجمهور الزمالك بالحضور في القاهرة منذ ثلاث سنوات كاملة.. وهو ما أدى إلى اندفاع أكثر من عشرين ألفا صوب ملعب الدفاع الجوي أملا في الدخول لرؤية فريقهم المتصدر للدوري.. المؤسف أن التعليمات كانت تقتصر عدد الحضور على عشرة ألاف متفرج فقط، وقام رئيس النادي مرتضى منصور باختصارهم إلى خمسة ألاف فقط بعد أن وزع خمسة آلاف تذكرة على أتباعه داخل النادي.
قوات الأمن تعاملت مع الأعداد الزائدة بأعلى درجات القمع بداية من الدفع ثم الضرب بالعصي ورصاص الخرطوش وبعدها قنابل الغاز التي تسببت في حالات اختناق واندفاع الآلاف للهروب من المحرقة.. وسقط العشرات بين صرعى ومصابين وعاجزين، بينما امتدت يد الشرطة الغليظة لاعتقال العشرات من الفارين من جهنم الغاز.
وها هو الملخص:
**حكم موريشيوس كان ظالما.. لكن قبول الهزيمة وتقبل أخطاء الحكام غابا عن لاعبي ومسؤولي تونس.
**غوركوف المدير الفني الفرنسي للجزائر لم يحسن قيادة فريقه وعدد من اللاعبين المحترفين كانوا دون المستوى فنيا وبدنيا وفي العطاء.
**عقوبات الكرة المغربية يتحملها من اتخذ القرار بالاعتذار.. وكان ممكنا للمغرب تنظيمها مع تشديد الاحتياطات.. ولكن صاحب القرار استهتر بالكرة المغربية فظلمها.
**مذبحة جمهور الزمالك على يدي الشرطة في القاهرة تمثل حلقة جديدة من القمع الذي تمارسه عصابة الانقلاب ضد الشعب بعد أن تحول سكان مصر على يدي العصابة إلى (أسياد وعبيد).
(المصدر: الشروق الرياضي 2015-02-10)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews