سندات حكومية بفائدة سلبية..سابقة ذات مدلولات

بات الحفاظ على الثروات المالية هو الهاجس في خضم الاوضاع المقلقة في الاسواق المالية العالمية. ولم يفكر يوما المستثمرون الكبار أنهم قد يقتنعون بعمليات شراء سندات حكومية من دول مثل المانيا وسويسرا رغم ان هذه التوظيفات قد تشكل خسارة مؤكدة بدلا من ان توفر الايرادات كما هي العادة تقليديا في اسواق السندات.

وبلغت الاسواق هذا المستوى بينما تواجه اوروبا تراجعا في النمو الاقتصادي وانخفاضا واسعا في الاسعار مع تقلص نسبة التضخم باستمرار. وقد اصبح الكثيرون على استعداد لخسارة القليل من خلال التوظيف في السندات الحكومية هربا من خسارة الكثير في التوظيفات الاخرى، مع استمرار الضغوط الناتجة عن تراجع اسعار النفط.

وتحولت الايرادات على السندات الحكومية الى السلبية على اكثر من 4 تريليون دولار من سندات الدول الغنية نتيجة ارتفاع الاقبال عليها وبالتالي ارتفاع اسعارها مع تفوق حجم الطلب على المعروض. هذا يعني ان المستثمرين يدفعون اموالا في الواقع مقابل اقراض دزينة من الدول بدءا من المانيا، مرورا بفرنسا ووصولا الى اليابان.

هذا ما قاله مدير احد اكبر الصناديق الاستثمارية العالمية التي تستثمر في السندات الحكومية بعائدات سلبية. هذا الاندفاع الكبير نحو الاصول المالية التي تعتبر الاكثر آمانا في العالم يأتي في مرحلة قرر فيها البنك المركزي الاوروبي اعادة شراء نحو 1,2 تريليون دولار من سندات الدين الحكومية في اطار السعي لتحفيز الاقتصاد بعد هبوط اسعار المستهلكين في منطقة اليورو للمرة الاولى في خمس سنوات.

وتراجعت العائدات على السندات الالمانية لمدة خمس سنوات الى 0,06 في المئة سلبية مؤخرا. ويعتبر المستثمرون التوظيف في هذه السندات افضل من ايداع الاموال بفائدة 0,2 في المئة سلبية كما حددها البنك المركزي الاوروبي مؤخرا. وفي سويسرا يدفع المستثمرون للحكومة لقاء اقراضها لمدة تزيد عن العشر سنوات.

وفي العموم تراجعت العائدات المتوسطة على السندات في منطقة اليورو الى 0,68 في المئة. ويقول مستثمرون كبار انهم يسعون لتجنّب شراء سندات حكومية بعائدات سلبية وهذا شيء جديد لم يعتادوا عليه في السابق.

كل ذلك يعود الى تدهور التوقعات في شأن النمو الاقتصادي مع تخفيض البنك الدولي توقعاته هذا الشهر بأكبر نسبة في ثلاثة اعوام. وتتجه اليابان الى ركود اقتصادي آخر في حين يتباطأ الاقتصاد في الصين. وتبلغ سوق السندات الالمانية والفرنسية واليابانية ذات العائدات السلبية نحو 4,6 تريليون دولار.

(المصدر: الجمهورية اللبنانية 2015-01-28)