سيدة تعيش فى حجرة ملحقة بقبر ابنها
جي بي سي نيوز :- مازالت تراه يقفز حولها رغم الصمت العميق وبرودة المكان، صوت ضحكاته الطفولية ترن فى أذنيها وكأنما تطل عليها من خلف الجدار الأصم الذى زينته "سومة" بصور ابنها الوحيد "عبد الرحمن" وألعابه وبلونات عيد ميلاده وكتبه المفضلة، لم يفصلها عنه شاهد القبر الذى حمل اسمه وتاريخ وفاته، ولم تطأ قدميها المنزل بدونه، وفضلت أن تعيش معه فى قبر مظلم، يؤنسها قربه، والبكاء، وتضئ وحدتها مشاهد احتفظت بها بجانب مشهد موته، وحادثة خطفه واغتصابه ثم الإلقاء به فى "صفيحة المهملات"، ليتركها وحيدة، بينما لم تتركه هى وحيدًا لظلمة الموت.
"سومة الدسوقى" أم لطفل أنهى عمره عند حدود السنوات التسع، بعد أن خطفه طفل آخر بشهادة "المحكمة" واغتصبه وقتله وألقاه فى "خرابة معتمة"، القصة لم تنته عند نهاية حياة "عبد الرحمن" الذى اعتبرته سومة "سندها فى الدنيا" وآخر ما تبقى لها من أمل بعد انفصالها عن والده، وفقدانها "للرحم" فى عملية جراحية صعبة، بل بدأت من لحظة وفاته التى فقدت فيها "السند" وقررت أن تحيا بقربه فى قبره لـ"تأخد بحسه" على حد تعبيرها.
من بين الدموع التى لم تتوقف منذ وفاته منذ عدة أشهر مضت، تحدثت سومة بصعوبة عن الحادثة التى مازالت تعتبرها كابوسًا لم يحن وقت انتهائه بعد، لم تتحدث عن حادثة موت "عبد الرحمن" التى تحولت إلى حديث مدينة "المحلة" منذ شهور، ولكنها تحدثت عن حياة أخرى نقلت إليها "سومة" كل تفاصيل المنزل فى غرفة صغيرة ملحقة بمدفن عبد الرحمن لتعيش بقربه، "عبد الرحمن اتخطف من تحت البيت، واتقتل فى خرابة، بس قبل ما يموت قال للى قتله عايز اسمع صوت أمى" سنوات عمره التسع لم تمنعه من استيعاب المشهد لحظة وفاته وفقًا لرواية سومة التى تتذكر اللقطات متتابعة وتقول: كلمنى وقالى أنا جاى يا ماما، وبعدها الموبايل اتقفل، حسيت أن فى حاجة ونزلت بلغت، لما لاقوه كان جثة، ومن ساعتها وأنا جمبه، مش هسيبه".
أول يوم فى الدراسة، ملابس المدرسة، والكتب الدراسية للعام الجديد، ملابس العيد، تورتة عيد مولده، ألعابه المفضلة وصوره التى تملأ المكان، وغيرها من متعلقات "عبد الرحمن" واحتفالات والدته بكل مناسبة معه فى المقابر، هى ما تشغل حيزًا كبيرًا من ساحة قبره الذى استقرت به سومة تاركة المنزل، لا تخرج منه سوى لتنظيم المسيرات وتوزيع المنشورات التى تحمل صوره وتدعو الجميع للتكاتف معها للحصول على حقه من مغتصبه، وتقول: "القانون بيقول إن مافيش طفل بيتعدم، واعتبرت اللى قتل عبد الرحمن طفل، لأن عنده 18 سنة إلا شهرين، بس أنا مش هسيب حقه، ولا هسيبه لحظة واحدة".
حياتها بقربه، أو الموت وراؤه هى كل الاختيارات التى تملكها "سومة"، الأم التى انتقلت خلف طفلها، واختارت العيش بقربه، والتى تحولت من ضحية إلى رمز لمئات الحالات القاسية لظاهرة اختطاف الأطفال التى تزداد يومًا بعد آخر.
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews