سجن تدمر : ما هو وما هي الجرائم التي ارتكبت فيه ؟
جي بي سي نيوز - : سمع كثيرون بالمقولة التي تتحدث عن المكان الذي يعتبر الداخل إليه مفقود والخارج مولود .. ذلك هو سجن تدمر الرهيب ، الذي كتب فيه وحوله الكثير ، من فصول الرعب والقتل والإجرام التي ارتكبها حافظ الأسد وشقيقه رفعت ، والآن بشار الأسد .
وبسيطرة تنظيم الدولة على سجن تدمر مؤخرا ، استعاد كثيرون ذكريات هذا السجن ، وتاليا بعض ما قيل فيه :
تشكل مدينة تدمر نقطة حيوية للمواصلات السورية مع المناطق الواقعة شرق البلاد، وهي الحاضرة الأكبر في البادية السورية الشاسعة وتتبع إداريا لمحافظة حمص، وتبعد قرابة 200 كيلومتر عن العاصمة دمشق، وقد شهدت منذ العقد السادس من القرن الماضي افتتاح سجن عسكري تحول مع الوقت إلى واحد من رموز فترة الرعب التي عاشتها البلاد.
والسجن يخضع لإشراف الشرطة العسكرية وهو غير بعيد عن المطار جنوب المدينة، وقد استخدم على نطاق واسع منذ سيطرة حزب البعث على السلطة من أجل سجن المعارضين السياسيين من إسلاميين وغيرهم في ظروف بالغة الصعوبة والقسوة.
وتشير المعلومات إلى أن سجن تدمر شهد أحد أكبر المجازر التي وقعت في سوريا ، وذلك في 27 يونيو/حزيران 1980، وذلك في عملية انتقام واسعة نفذتها قوات عسكرية موالية للنظام بعد محاولة فاشلة لاغتيال الرئيس السوري الراحل، حافظ الأسد، اتهمت بتنفيذها جماعة الإخوان المسلمين.
وتقول منظمة هيومن رايتس ووتش في تقرير سابق لها، إن العملية من تنفيذ فرق عسكرية خاصة تحت قيادة رفعت الأسد، شقيق الرئيس الراحل، والذي شن حملة انتقامية ضد سجناء في السجن العسكري في تدمر الذي كان يُحتجز فيه العديد من الإسلاميين. وتم إرسال جنود من الفرقة الخاصة إلى السجن وهناك فتحوا النار على السجناء.
وتضيف المنظمة: “ورغم انه لم يتم نشر أي تقدير محدد، قُدّر عدد القتلى في مجزرة تدمر بـ 600 شخص. وقال ميشال سورا، وهو خبير سوري أختطف وقُتل في لبنان سنة 1985، في كتابه “الدولة الهمجية” إن تحليلا أجرته الأجهزة الأمنية كشف أن عدد الضحايا بلغ 1181 ضحية.”
وبحسب روايات المعارضين السوريين الذين عاصروا تلك الأحداث، فقد وصلت قوات مسلحة عبر مروحيات إلى مطار المدينة ثم اقتحمت السجن وقتلت السجناء في زنازينهم بالرصاص والقنابل، وقام العناصر لاحقا بدفن الجثث للتخلص من آثار المجزرة.
أما الناشط الحقوقي السوري، وليد سفور، فقد ذكر في مقال سابق له أنه رغم محاولة السلطات السورية إخفاء المجزرة إلا أن الستار انكشف ” عندما اعتقل جهاز الأمن الأردني مجموعة من العناصر المسلحة في 31 يناير/كانون الثاني 1981 الذين أرسلتهم السلطات السورية لاغتيال رئيس وزراء الأردن الأسبق مضر بدران، وتبين أثناء التحقيق معهم أن عنصرين منهم شاركا فعلاً في مجزرة سجن تدمر، واعترفا بتفاصيل المذبحة، التي تابعها الشعب السوري والعالم عبر التلفزيون الأردني آنذاك .”
وجاء في الاعترافات للعناصر المسلحة السورية على التلفزيون الأردني أن إشارة البدء أعطيت لعناصر سرايا الدفاع (بقيادة رفعت الأسد، شقيق الرئيس السوري،) “فانطلقت الآلات النارية تصبّ وابل الحمم على المعتقلين العزل الأبرياء، وألقيت عدة قنابل، واستخدمت بعض قاذفات اللهب مع إطلاق النار الكثيف في كل من الباحات الثلاث، على حين تعالت أصوات المعتقلين بهتافات: الله أكبر.“
ويضيف سفور: “قام بعض الضباط والعناصر بتقليب جُثث الضحايا، والتأكد من مقتلها أو الإجهاز على من فيه بقية رمق؛ حتى تلطّخت أيديهم وثيابهم وصدورهم بالدماء.. بقي دم الضحايا يغمر أرض السجن؛ وتجمد في كثير من الأماكن من الباحات والمهاجع، فتم تنظيف الساحات، وتم طلاء جدران السجن بسرعة لإخفاء معالم الجريمة.”
ويصف سجين سابق نقلت عنه منظمة العفو الدولية، الحياة في تدمر بأنها “أشبه بالسير في حقل ألغام؛ فقد يفاجئك الموت في أية لحظة، إما بسبب التعذيب أو وحشية السجَّانين أو المرض أو الإعدام”.
ويشار عادة إلى سجن تدمر في سوريا بأنه مكان “الداخل إليه مفقود والخارج منه مولود”، وقد اكتسب السجن هذه السمعة السيئة بسبب الأنباء المتواصلة على مدى سنوات عديدة حول ممارسة التعذيب وسوء المعاملة بصورة منهجية فيه.
يصف الكاتب مصطفى خليفة، وهو أحد المخرجين السوريين المسيحيين، قضى زهاء عشرة أعوام في السجن بتهمة الانضمام إلى الإخوان المسلمين، في روايته “القوقعة” التي تتحدث عن السجن، فيقول: “في السجن الصحراوي، سيتساوى لديك الموت والحياة، وفي لحظات يصبح الموت أمنية”.
يقول أسامة الحلاق وهو أحد الذين سجنوا في سجن تدمر: “حين تم نقلي إلى سجن تدمر بتاريخ 24/ 2 /1981 رأيت آثار الطلقات على سقف وجدران المهجع، وكان من جملة ما رأيته قطعة من فروة رأس أحد السجناء ملتصقة بسقف الغرفة”.
وأضاف: “ما بين عام 1980 و1996 كان زبانية النظام يدفنون الجثث في منطقة قريبة من سجن تدمر العسكري وتدعى هذه المنطقة “وادي عويضة”، حيث دفن هناك ما يزيد على 20 ألف سجين ممن قضوا تحت التعذيب، أو أعدموا في باحات السجن، ولقد شهدت شخصيا إعدام الكثير منهم حيث كنت في غرفة تطل على هذه الباحة، وأذكر أني رأيت إعدام 200 شخص في يوم واحد، وبعد أن يتم الإعدام تأتي سيارة شاحنة كبيرة ويرمون الجثث بداخلها، حيث كان يقوم سفاحان من كلاب السلطة بالإمساك بالجثة، واحد من الكتفين والآخر من الرجلين ويلوحون بها ثم يرمونها في تلك الشاحنة، وكنا نحصي عدد الجثث من صوت الارتطام”.
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews