ولكن ماذا يعني تغيير "قواعد اللعبة"؟
انهالت التحليلات للعملية الاسرائيلية في الجولان، من جانبي الحدود، على نحو يذكّر بالمعلقين الرياضيين على مباراة في المصارعة الحرّة والمفتوحة. الاسرائيليون تساءلوا هل كانت ضربة مبيتة أم مغامرة غير محسوبة، وهل يردّ "حزب الله" وكيف وأين. اللبنانيون اعتبروها تغييراً لقواعد اللعبة، مؤكدين أن الحزب لا يمكنه إلا أن يرد بسبب حجم الضربة ومدى التحدّي الذي تشكّله لهيبته. وكان أيضاً، على الطرفين، حديث عن توقيت الردّ وطبيعته، وتوقّعات بأن الحزب سيحرص على أن لا يتسبب ردّه بمواجهة واسعة. لكن ماذا لو قررت اسرائيل أن تردّ على الردّ خلافاً لحسابات الحزب، كما في 2006. ثم، هناك العنصر الايراني الموجود علناً في المعادلة هذه المرّة، بل في الجولان، اذ يتوافق المحللون على أن طهران ستُعنى بمسألة التوقيت لئلا تشوّش على المفاوضات النووية.
اذا قدّر لمجلس الوزراء اللبناني أن يناقش ما حصل في الجولان فإنه قد يضطر الى ضمّ مندوبين عن النظامين السوري والايراني الى أعضائه، كي يتمكّن من بلورة موقف واضح. هذا ليس خيالاً، فهو ما تمارسه الأطراف الثلاثة (طهران ودمشق و"حزب الله") واقعياً على الأرض، وتحاول دفع الحكومة اليه لإنهاء تعقيدات لا لزوم لها، وكذلك لإشهار لبنان رسمياً شريكاً كاملاً وعلنياً في الاستراتيجية الايرانية. ولِمَ لا، فالحكومة قد تُرغم على ذلك، في حال نشوب حرب، ومن دون وجود رئيس للجمهورية، لأن الثلاثي إياه يريد توجيه ادارتها السياسية لهذه الحرب.
بطبيعة الحال، كان السؤال المطروح - والمستغرَب - مساء الأحد: ماذا يفعل الايرانيون وقياديون من "حزب الله" في الجولان؟ كان مستغرباً من جانب الحزب لأنه يفترض أن الجدل على وجوده ودوره في سوريا حُسِم وانتهى. ويقول القيادي في الحزب محمود قماطي إن العدوان الاسرائيلي "تحوّل نوعي في طبيعة الصراع لجهة أنه خرقٌ للسيادة السورية، واغتيالٌ مباشر لقادة مقاومة نوعيين على الأراضي السورية"، مستنتجاً "وقوف اسرائيل الواضح الى جانب التنظيمات التكفيرية الارهابية"... لكن ما هي "طبيعة الصراع"، أن يقتصر الاشتباك بين الطرفين على أرض لبنان؟ وماذا عن الانتهاكات الاسرائيلية المتكررة للسيادة السورية في العامين الأخيرين؟ وكيف يُفسّر غياب أي عسكري سوري عن موقع العدوان على القنيطرة، حتى إن دمشق لم تدنه إلا في اليوم التالي؟
لم يعد هناك معنى للحديث عن تغيير في "قواعد اللعبة"، إلا في حالين: أن تكون المواجهة مع اسرائيل صارت "حرباً جانبية" عند ايران، مقارنةً بأولوية حربها في سوريا، أو أن تعتبر ايران أن اسرائيل أخلَّت بتفاهم ضمني بينهما، قوامه الحفاظ على النظام السوري. لم تغيّر اسرائيل موقفها بشأن إبقاء النظام، لكنها لا تريد الجولان السائب تحت سيطرة ايران وتفضّل احتواء المسيطرين عليه حتى لو كانوا "تكفيريين".
(المصدر: النهار 2015-01-21)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews