الإسلام والدم وكرة القدم

فى الأيام القليلة الماضية.. كان الهتاف الجماعى لمحمد، عليه الصلاة والسلام، فى ملاعب كرة القدم هو أحد المشاهد التى توقف أمامها إعلام العالم.. ففى مباراة السنغال وغانا، فى البطولة الحالية للأمم الأفريقية، هتفت الجماهير السنغالية فى المدرجات: «يا حبيبى يا رسول الله».. ومع الهتافات لافتات تؤكد الاعتزاز بالرسول والدفاع عنه أمام الرسومات المسيئة لمجلة شارلى إبدو الفرنسية.. وفى مدرجات استاد الملك فهد، فى العاصمة السعودية، كانت جماهير الهلال تهتف: «إلا رسول الله»، أثناء المباراة أمام بايرن ميونخ، ومع الهتاف كان الغناء الجماعى: «طلع البدر علينا».. وفى استاد محمد الخامس بالدار البيضاء بالمغرب ظلت جماهير الرجاء تهتف: «إلا رسول الله» طيلة المباراة الودية أمام الصفاقسى التونسى.. وتكرر هذا الأمر فى أكثر من ملعب كرة فى أكثر من مدينة ودولة، وكان الاستثناء المصرى هو استبدال كرة القدم بكرة اليد..

كانت الجماهير المصرية فى الدوحة تهتف: «إلا رسول الله» أثناء مباراة مصر وفرنسا فى بطولة العالم لكرة اليد.. وبدا المسلمون فى النهاية وكأنهم يستغلون أى فرصة أو مشهد أو مسرح للتعبير عن حبهم واعتزازهم واحترامهم وغيرتهم على رسولهم، عليه الصلاة والسلام.. وبإمكان أى أحد تحليل هذا المشهد أو هذا السلوك وفقا لرؤيته الخاصة، كأن يراه البعض منتهى الحب، أو يراه بعض آخر منتهى العجز وقلة الحيلة، أو يراه فريق ثالث خلطا بين مجالات وأوراق وأفكار.. وأن كرة القدم لا علاقة لها برسومات شارلى إبدو أو بأى إساءة أو مديح لمحمد، مثلما أكد ذلك الاتحاد الأفريقى لكرة القدم، حين أنذر كل اللاعبين المشاركين فى بطولة الأمم الحالية من أى لافتات أو شعارات دينية أثناء البطولة..

وحين بدأ البعض هنا وهناك يطالبون إعلام العالم ومجتمعاته بضرورة التفرقة بين ردود الفعل على مجلة شارلى إبدو ورسوماتها المسيئة.. وإذا كان هناك المتطرفون الذين قتلوا، فهناك المسلمون الذين يكتفون بالحب.. إلا أن تنظيم داعش لم تعجبه صورة الحب، مفضلا صورة الدم.. فخرجت صحافة العالم تحكى عن المذبحة التى قام بها داعش مؤخرا، بقتل ثلاثة عشر شابا عراقيا، لأنهم أجرموا وشاهدوا مباراة منتخب بلادهم أمام الأردن فى بطولة أمم آسيا الحالية.. وتم قتل الثلاثة عشر شابا جميعهم فى حى اليرموك بمدينة الموصل، وتم فتح الميكروفونات أثناء القتل حتى يسمع الآخرون صراخ الموت ليدركوا أن كرة القدم محرمة على الجميع.. وتزامن ذلك مع قيام التنظيم بقتل ضابط شرطة عراقى كبير فى بيته، ثم الخروج للشارع ولعب الكرة برأس الضابط، صارخين أن هذه هى كرة القدم الحقيقية التى يعرفونها ويحبونها أيضا.. ويصاب العالم بالحيرة..

هل كرة القدم حرام أم حلال إن جرى لعبها برؤوس مسلمين آخرين؟.. وهل المسلمون هم الذين فى مدرجات ملاعب الكرة يهتفون حبا لرسول الله ويغنون له، أم هم الذين لا يعرفون السلام أو الرحمة أو الحب؟.. فقط يعرفون الدم ولا يمارسون إلا القتل حتى بسبب كرة القدم!

(المصري اليوم 2015-01-21)