انتخابات الكيان توقعات بـ … تعزيز التطرف!
بداية، انتخابات الكيان في 17 مارس القادم للكنيست العشرين .. مثل كل الانتخابات للدورات السابقة وبخاصة في الدورات الخمس الأخيرة, ستعزز من قوة الاتجاهات الأكثر تطرفا وفاشية في الدولة العنصرية والعدوانية حتى العظم منها !. أيضا , من الضروري التوضيح أن مفهومي:اليمين واليسار في إسرائيل هما نسبيان، قد ينطبقا على مفاهيم الأحزاب فيما يتعلق بالحياة الداخلية الإسرائيلية بتطبيقاتها الاقتصادية بشكل خاص، لكن المفهومين لا ينطبقان على وجهات النظر السياسية لكلا الاتجاهين الرئيسيين : أحزاب اليمين وأحزاب ما يسمى باليسار، فباستثناء الحزب الشيوعي ( وغالبية أعضائه من فلسطينيي منطقة 48, ومن بعض اليهود القلائل, والحزب مع ما يسمى بـ “حل الدولتين”, ونحن اختلفنا ولا نزال نختلف معه , في رؤاه السياسية للصراع .. ففلسطين كاملة غير منقوصة, من النهرإلى البحر, إضافة إلى مياهها الإقليمية البحرية 14 ميلا بحريا… هي حق مشروع لأهلها الفلسطينيين العرب الكنعانيين ) باستثناء هذا الحزب , فإن كافة أحزاب المعسكرين, صهيونية حتى العظم، ولا يمكن الجمع بالطبع بين الصهيونية كمعتقد أيديولوجي- سياسي وبين مفهوم اليسار, بمعناه العلمي المصطلح والمتعارف عليه.
لذلك فيما يتعلق برؤية الأحزاب الإسرائيلية للتسوية(ما يسمى بالسلام) مع الفلسطينيين والعرب، فإن الأكثر دقة في توصيف هذه الأحزاب جميعها هو القول:الأحزاب اليمينية والأحزاب الأكثر يمينية, وهذه تتضمن الأحزاب الفاشية.إن مظهراً آخر يتلازم مع مفهوم الصهيونية هو مفهوم العنصرية, بكافة أشكالها وصولاً إلى الفاشية، فالحزب الذي يعتنق الأيديولوجيا الصهيونية هو بالضرورة :على أتم الاستعداد لتبني الفاشية , وإن ادّعى عكس ذلك في سياساته.
وفقاً لكافة استطلاعات الرأي الإسرائيلية فإن الاتجاهات الأكثر يمينية ستحقق قصب السبق في الانتخابات التشريعية الإسرائيلية القادمة، فهي ستستحوذ على ما يقارب الـ69 عضواً في الكنيست إذا ما دخلت تحالفا مع الوافد الجديد موشيه كحلون ( استطلاع أجرته هآرتس الجمعة 2 يناير الحالي 2015) , المنشق عن الليكود والذي أسس حزبا جديدا تحت اسم “كلنا”..بالتالي سيكون من السهل على هذه الأحزاب,( استطلاع أجرته هآرتس الجمعة 2 يناير الحالي 2015) التحالف وتشكيل الحكومة.
وإذا ما أضفنا الأحزاب الأكثر يمينية الأخرى، فسيكون من السهل على نتنياهو ( الذي حاز من جديد على رئاسة الليكود بالتنافس مع الفاشي فيغلين, وقد فشل الأخير في الحوز على موقع متقدم في القائمة الانتخابية للحزب) تشكيل ائتلاف حكومي جديد برئاسته وبمنتهى الراحة. استطلاع هآرتس يتوقع : 23 مقعدا لليكود, حزب ” البيت اليهودي” بزعامة بيليد 16 مقعدا. حزب الفاشي ليبرمان 7 مقاعد وكذلك حزب “شاس” للمتدينين الشرقيين السفارديم , وحزب “يهودت هاتوراة” للمتدينين من اليهود الغربيين( الأشكناز) 7 مقاعد لكل منهما. أما حزب كحلون الجديد ” كلنا” فسيحوز على 9 مقاعد. أيضا في استطلاع آخر أجراه مركز(حوار) واستطلاعات أجرتها صحف إسرائيلية عديدة : “هآرتس” , “يديعوت أحونوت” ومعهد تابع لصحيفة “جيروزاليم بوست” وغيرها, تبين أن نسبة اليمين بين اليهود الإسرائيليين في عام 2025 ستبلغ 62% , بمعنى آخر أننا سنكون أمام مرحلة جديدة في إسرائيل عنوانها: تعزيز مواقع الاحزاب الأكثر يمينية وتطرفا في الكيان الصهيوني بالمعنى الأستراتيجى المستقبلي القريب. هذا الأمر له تداعياته الكبيرة على مجمل السياسات الصهيونية, وبخاصة في المزيد من التشدد في الشروط المتعلقة بـ التسوية مع الفلسطينيين والعرب.
على صعيد أهلنا في منطقة 48: ستشهد المرحلة القادمة المزيد من التضييق عليهم في إسرائيل بالمعنيين الحياتي بكافة أشكاله وسبله،والقانوني من خلال سن قوانين عنصرية جديدة ضدهم, وسط أجواء من تصاعد وتنامي المظاهر العنصرية في الدولة الصهيونية. سيتفنن اليمين الأكثر تطرفاً في إسرائيل في اختراع الأساليب التي يستطيع من خلالها إجراء ترانسفير للكثير من العرب ( نتنياهو وليبرمان دعيا صراحة مؤخرا لرحيل أهلنا في منطقة 48 من مناطقهم!)، وفي خلق التعقيدات السياسية الاقتصادية،الاجتماعية لهم حيث تتحول حياتهم إلى جحيم، بحيث يتم دفعهم دفعاً(وبخاصة الشباب)إلى الهجرة الطوعية.كذلك ستزداد الدعوات إلى تحقيق شعار”يهودية دولة إسرائيل” لتكون خالصة نقية لليهود دون وجود العرب فيها.
على صعيد التسوية مع الفلسطينيين: بدايةً فإن كافة الأحزاب الإسرائيلية الصهيونية هي مع إبقاء القدس”عاصمة موحدة أبدية لإسرائيل”, وهي ضد حق العودة للاجئين، وهي مع الاستيطان الذي ستزداد وتائرة، حيث إن نسبة ما تبقى للواهمين بإقامة الدولة الفلسطينية من مساحة فلسطين التاريخية،ستقل كثيراً عن النسبة الحالية(12% وليس 22% وفق لآخر الأحصائيات)، حيث يستحيل بشكل مطلق إقامة هذه الدولة بالمعنى الواقعي- العملي.ثم أن كافة الأحزاب الإسرائيلية اليمينية والأكثر يمينية مع بقاء التجمعات الاستيطانية في الضفة الغربية، وهذا ما يدعو إلى التساؤلات:ماذا سيبقى من أراض لإقامة دولة فلسطينية عتيدة عليها؟أين هي الفروقات في رؤية التسوية بين الأحزاب الإسرائيلية؟أين هو اليمين واليسار في هذه التشكيلات الحزبية؟.
على صعيد التسوية مع العرب: إذا كان من يسمون بـ(الحمائم) في إسرائيل مثل: بيريز،أولمرت، تسيبي ليفني، قد رفضوا ما يسمى بـ(مبادرة السلام العربية) ولكن بكلمات دبلوماسية.إذا كان هؤلاء قد رفضوها صراحة(مع أنها تتجاهل حق العودة وفقاً لقرارات الأمم المتحدة) فهل سيقبلها نتنياهو وليبرمان وليبيد وكحلون ويعلون وغيرهم؟ إسرائيل باختصار تريد استسلاماً كاملاً من العرب والفلسطينيين على قاعدة”السلام مقابل السلام” و ليس ” السلام مقابل الأرض”.الحكومة الإسرائيلية القادمة ومقابل التفاوض مع العرب, ستطالب بتخليهم عن القدس والمقدسات وعن مطالب أخرى, وستفرض عليهم شروطا جديدة …ستسفر عنها قرائح الشايلوكيين الصهيونيين!.
وبعد ألم يحن الوقت لنا كفلسطينيين وعرب إدراك حقيقة إسرائيل وجوهر الصهيونية؟ وأن نبني الاستراتيجية والتكتيك السياسي المفترضيْن الموائميْن لطبيعة هذه الدولة؟ وأن نحرر عقولنا من أوهام: إمكانية قيام سلام مع هذه الدولة؟ وأن نستعد لمواجهة متطلبات المرحلة القادمة بنهج واستراتيجية كفاحية مسلحة بالإرادة والسلاح المؤثر .. وقبل كل شيء بـ الإيمان المطلق بانتزاع حقوقنا عنوة من براثن هذا الكيان؟ وليس من خلال التسول والتوسل والمفاوضات!؟.
(المصدر: الوطن العمانية 2015-01-11)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews