العرب والفيتو الأمريكي
يتقدم العرب إلى مجلس الأمن بمشروع قرار يلزم اسرائيل بجدولة انسحابها من الضفة الغربية وقطاع غزة لكي يتمكن الفلسطينيون من إقامة دولتهم وعاصمتها القدس الشرقية.. ويغلب الظن أن مندوبة الولايات المتحدة الأمريكية ستعلن موقف بلادها باستخدام حق الفيتو، الأمر الذي يعني ان المؤسسة الدولية فقدت أخلاقها لمرة بعد آلاف المرات.. وهنا يسرع السؤال بالامتثال حول ما هو رد العرب على رفض مشروعهم.. هل ستعقد قمة عربية طارئة لمناقشة الأمر وطرح البدائل التي تعاقب فيها إدارة الولايات المتحدة كما حصل ذات يوم في اكتوبر 1973 عندما كان النفط سلاحا بيد العرب اهم من كل الأسلحة.. أم ان هناك خطة معينة وضعت قيد التنفيذ في حال ما إذا استهتر الأمريكان بالموقف العربي والجهود الدولية لإنهاء الصراع بصيغة أقرتها الشرعية الدولية..
ان السؤال مشروع: ماذا سيفعل العرب فيما لو قابلتهم امريكا بالفيتو؟ هل ستغلق سفارات اسرائيل في البلدان العربية المطبعة؟ هل ستتوقف اجتماعات المسئولين الإسرائيليين مع مسئولين عرب أمنيين؟ هل تتوقف صادرات اسرائيل لدول عربية تتم على قدم وساق بتمويهات غربية؟ هل ستطلب بعض الدول العربية من المستثمرين الصهاينة مغادرة البلدان بعد ما يتبين انهم خدعة كبيرة؟
اما الفلسطينيون فيبدو انهم قد أعدوا خطوة احتياطية وذلك بالذهاب إلى المنظمات الدولية التي تمتلك القانون في معاقبة مجرمي الحرب واللصوص الصهاينة على ما اقترفوا ويقترفوا في فلسطين من تطهير عرقي وسطو على أملاك المواطنين الفلسطينيين وقتل وعقاب جماعي.. وسيتابع وزراء اسرائيليون وجنرالات اسرائيليون واعلاميون اسرائيليون في محاكمات دولية وستغلق المطارات الدولية امام المسئولين الاسرائيليين وستقاطع اسرائيل اقتصاديا.. ثم ستقوم السلطة كما اعلن الرئيس الفلسطيني بإيقاف الاتصال بالإسرائيليين وعدم التعامل معهم.. وتوقيف التنسيق الأمني.
فكيف تتعامل اسرائيل في مواجهة هذه الإجراءات الدولية والفلسطينية؟ بلا شك سيحدث لدى الصهاينة ارتباك وسيدفعون أثمانا باهظة لعنجهيتهم واستهتارهم بالمجتمع الدولي وبأصحاب الحق الأصليين.. ولكنها ستقدم على اجراءات قاسية بحق الفلسطينيين لسبب رئيسي، لأنهم كشفوا طبيعة المشروع الصهيوني وكشفوا زيفه وأظهروا بأنهم هم المظلومون.. ستقوم اسرائيل بإيقاف تحويل الأموال وستسحب بطاقات المسئولين الفلسطينيين وستمارس تضييقات على حركة الناس من وإلى الضفة الغربية.. لكنها ستخسر كثيرا وهي ترى عجزها عن فعل شيء ضد المجتمع الدولي..
وهنا يتولد سؤال آخر: ماذا سيفعل الفلسطينيون ان قامت اسرئيل بكل تلك الخطوات التصعيدية.. ماذا سيفعل الفلسطينيون ان حرموا من الأموال وتم التضييق على حكومتهم ومؤسساتهم وقياداتهم؟ هل يلقون بالسلطة الوطنية في وجه الاحتلال، وانهم لن يقبلوا ان يستمروا في هذا الوضع الانتقالي، وان يكونوا هم من يغطي الاستيطان واستمرار الاحتلال؟ هل ينسحب الفلسطينيون نهائيا من مربع المفاوضات مع اسرائيل؟ هل يعني ذلك فتح باب مواجهة صارخة عنيفة بين الشعب الفلسطيني بقيادته السياسية ضد الجيش الصهيوني..؟ كل الاحتمالات قائمة.. تولانا الله برحمته.
(المصدر : الشروق الجزائرية 2014-12-30)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews