التوجه إلى الأمم المتحدة

منذ بضعة اشهر تتناول وسائل الاعلام الاسرائيلية التهديد الفلسطيني حول التوجه إلى مجلس الأمن في الامم المتحدة والمطالبة بالاعتراف بحدود الدولة الفلسطينية على أساس خطوط 1967 وانهاء الاحتلال خلال عامين على الاكثر. يفهمون في القيادة الفلسطينية جيدا أن قرار كهذا حتى وإن تم اتخاذه لا يعني أن اسرائيل ستبدأ فورا بالانسحاب من الضفة الغربية وتقوم بتفكيك المستوطنات، أو أن العالم سيُجن ويفرض حصارا على شواطيء اسرائيل حتى تستسلم. الموقف الفلسطيني واضح – لا يتم الاعتماد على أن القيادة في اسرائيل تستطيع اتخاذ قرارات حول الصراع في اسرائيل. أو أنه ستكون حكومة يمين على رأس اولوياتها استمرار السيطرة والبناء في المستوطنات. الامر الذي يعني الغاء حل الدولتين، أو حكومة وسط تدعي أنها يسارية ولكن ليس لديها الجرأة لاتخاذ خطوات حقيقية لدرجة وضع الحدود وتفكيك المستوطنات. سبب آخر هو معرفة الفلسطينيين أن الاعتماد على الخيار الأمريكي ليس له أمل. الفرحة التي شعر بها الجميع بعد انتخاب اوباما تلاشت بعد أن تبين أن زعيما أسودا لن يغير البيت الابيض.
الرئيس الفلسطيني محمود عباس لا يريد فتح جبهة عسكرية، هو يعتبر أن انتفاضة ثالثة ستظهر وكأنها حرب اسرائيلية ضد الإرهاب، ويكون الفلسطينيون مرة اخرى متهمين. في ظل هذا الوضع فان الحل الامثل هو تدويل الصراع، ليس انطلاقا من توقع ساذج بالحصول على دولة للفلسطينيين وانما ليقرر العالم ما هي الخطوة القادمة، من اجل مساعدة الاطراف على التوصل إلى اتفاق، أو من اجل أن يأخذ العالم على عاتقه ادارة الامور ومناكفة اسرائيل.
تعتقد القيادة الفلسطينية أن قرارا ايجابيا في مجلس الأمن سيساعد أي حكومة منتخبة في اسرائيل على الذهاب في اتجاه الاتفاق تكون مبادئه واضحة ولا سيما في موضوع الحدود. وفي نهاية المطاف سيجلسون حول طاولة المفاوضات ويتحدثون في التفاصيل – الاحتلال يجب أن ينتهي، ولا يمكن اجراء المفاوضات لعشرين سنة اخرى. في اسرائيل يعتبرون أن هذه خطوة أحادية الجانب، وكأن البناء في المستوطنات ومصادرة الاراضي ليس أحادي الجانب. ومع ذلك يستخدمون في اسرائيل كليشيهات معروفة وهي أن كل اتفاق يجب أن تسبقه مفاوضات دون تحديد سقفا زمنيا، ويخلقون الانطباع بأن الحديث هنا عن مفاوضات على ارض فارغة قاحلة. وما يحاولون نسيانه في اسرائيل هو أنه يوجد احتلال وأن الفلسطينيين يستيقظون كل صباح على واقع الاحتلال والسيطرة. ولاسرائيل وللولايات المتحدة يوجد كل الوقت في العالم لادارة المفاوضات، وستنتهي الاراضي والهواء بالنسبة للفلسطينيين عن قريب. لذلك من يريد المساهمة في عمل حقيقي في اسرائيل ايضا يجب أن يؤيد الاقتراح الفلسطيني، لأن هذا ليس تهديدا وانما نافذة أمل.

هآرتس 18/12/2014