دراسة تُظهر تغيّر معاني الكلمات مع مرور الوقت
جي بي سي نيوز:- تتجدّد اللغات باستمرار، وتُضيف كلمات جديدة تتوافق مع تغير حياة الناطقين بها، كاحتكاكهم بأفكار مختلفة أو استخدامهم أدوات مبتكرة، كما يتغير استعمال بعض الكلمات بمضي الوقت لتحمل معاني جديدة تتفوق في بعض الأحيان على معانيها المستقرة منذ سنوات.
وربما سهلت أدوات البحث في البيانات ونشر ملايين الأشخاص لأفكارهم وأحاديثهم على الإنترنت من دراسة هذه التغييرات، من خلال البحث في قدر كبير من محتوى الكتب ومواقع الإعلام الاجتماعي، وهو موضوع دراسة حديثة لفريق من الباحثين في جامعة «ستوني بروك» في مدينة نيويورك الأميركية.
وفي مثال على تغير معاني الكلمات بسبب أحداث طارئة أو ابتكارات جديدة، يمكن النظر إلى كلمة «ساندي» sandy باللغة الإنجليزية التي ظلت حتى أكتوبر 2012 تستخدم عادة كصفة تُشير إلى شيء يتكون من الرمال أو مغطى بها، أو تعني لوناً بنياً فاتحاً مائلاً للصفرة، لكن الكلمة اكتسبت معنى إضافياً بعدما ضرب الإعصار «ساندي» الساحل الشرقي للولايات المتحدة الأميركية، لتشير إلى أحد أكبر الأعاصير التي خلفت خسائر بالغة في التاريخ الأميركي.
وخلال السبعينات من القرن العشرين، مرت كلمة «mouse» بتغيير مماثل، لتتحول من الاقتصار على اسم الفأر إلى الإشارة إلى أحد مكونات الحواسيب أو الفأرة «ماوس»، وفي الثمانينات لم تعد كلمة «apple» تشير إلى فاكهة التفاح فقط، لكن أيضاً إلى الشركة الأميركية الشهيرة «أبل» apple، وهو ما جرى لاحقاً لكلمة «widows» التي تعني أصلاً «نوافذ»، والتي اصبحت تشير إلى معنى إضافي آخر كاسم لنظام تشغيل الحواسيب الذي تصدره شركة «مايكروسوفت».
وتظهِر الأمثلة السابقة وغيرها التطور المستمر للغة الذي عادة ما يجري بشكل هادئ وعلى مدى سنوات، لكنه أحياناً ما يحدث خلال فترات قصيرة.
وسعى فريق جامعة «ستوني بروك» لتتبع التغييرات اللغوية بالبحث قي قواعد بيانات مختلفة والاستعانة بأداة Google Books Ngram التي تبحث في الكلمات الواردة في الكتب الموجودة في خدمة «غوغل بوكس»، وشملت الكتب التي بحثت فيها الدراسة المواد المنشورة خلال الفترة الممتدة بين عامي 1900 إلى 2005. كما غطى البحث مراجعات الأفلام في موقع «أمازون» منذ عام 2000، بالإضافة إلى التغريدات المنشورة في موقع التدوين المُصغر «تويتر» خلال الفترة بين سبتمبر 2011 وأكتوبر 2013.
وطور الباحثون ثلاث طرق مختلفة لاكتشاف التغييرات في اللغة، تعتمد الأولى على الإحصاء البسيط لعدد المرات التي استخدمت فيها الكلمة بواسطة أدوات، مثل «غوغل ترندز». وعلى سبيل المثال ظهر في أكتوبر 2012 ارتفاع استخدام كلمتَي «إعصار» و«ساندي» في الفترة السابقة على إعصار «ساندي». ومع ذلك، فلم تُبين هذه الطريقة تغير معنى إحدى الكلمتين.
وهو ما دعا فريق البحث للاستعانة بأسلوب ثانٍ يُصنف استخدام الكلمات في قواعد البيانات بحسب موقعها في الحديث، سواء كانت صفة أو اسم أو اسم علم أو فعل ونحو ذلك. وكشفت هذه الطريقة عن تغير استخدام «ساندي» من صفة إلى اسم علم، في الوقت الذي لم يتغير فيه استعمال كلمة «إعصار».
لكن تحليل موضع الكلمة في الجملة لم يُتح اكتشاف تغير استخدام كلمة «فأر» mouse، لأنها استخدمت كاسم سواء بمعناها التقليدي أو الأحدث كمكون للحاسوب، ما دفع الباحثين لتحديد نطاق لغوي لكل كلمة يجمعها بالكلمات القريبة منها التي تُستخدم في سياقات مشابهة ككلمات: كبير، وضخم، وعملاق، وهو ما سمح برؤية كيفية تغير المعنى باختلاف المراحل الزمنية. ولم تكشف نتائج الدراسة عن تغير معاني الكلمات فقط، وإنما بينت أيضاً سرعة التغير، فمثلاً في مرحلة السبعينات اكتسبت كلمة «tape» إلى جانب معناها الرئيس كشريط لاصق، معنى جديد يُشير إلى «شرائط الكاسيت». وكذلك بالنسبة لكلمة بلاستيك «plastic» التي عبرت عموماً عن المرونة قبل الخمسينات من القرن العشرين، بينما أشاع استخدام «البوليسترين» معناها كإحدى المواد الصناعية.
وينطبق الأمر نفسه على كلمة «diet» التي تعني الطعام الذي يتناوله الفرد، لكنها جنت معنى إضافياً كأسلوب استهلاك الطعام عقب كتاب ثورة الحمية الغذائية للدكتور روبرت آتكنز في عام 1972.
ولاحظ الباحثون تغيرات في معاني الكلمات في الآونة الأخيرة، من خلال تحليل الكلمات المستخدمة في مراجعات الأفلام في «أمازون» وموقع «تويتر»، فمثلاً تغير استخدام كلمة «candy» لتُشير أيضاً للعبة «كاندي كراش ساجا» الشهيرة.
وعموماً تُوفر الدراسة رؤية مثيرة للاهتمام عن كيفية تغير اللغة، وهو ما يظهر أساساً، بحسب الباحثين، على الإنترنت باعتبارها الساحة الرئيسة للتبادل السريع للأفكار، وتغير الكلمات بين عشية وضحاها. ويُمكن لذلك أن يفيد في تحسين أدوات معالجة اللغة، وفي تيسير فهم اللغات بتقديم سجل للطريقة التي تتغير بها، وآلية تسمح بمتابعة التغييرات بوتيرة تقترب من سير الوقت الحقيقي.
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews