النموذج البريطاني في الحرب على الإرهاب
تواصل الدول الأوروبية حربها ضد الإرهاب والمجموعات الإرهابية المتطرفة التي تنشر الرعب في كل مكان ، لأنها عبارة عن مجموعات فقدت صوابها وخُرّبت عقولها وأصبحت تحركها زعاماتها التي تهدف إلى تدمير الإنسان ، وهذه المجموعات تتحرك - للآسف الشديد - تحت غطاء الإسلام زورا وبهتانا ونتيجة لأفكارها وأفعالها ألحقت أضراراً جسيمة بالعرب والمسلمين وقضاياهم.
بريطانيا هي من أكثر الدول في العالم التي تتحرك بشكل جدي في محاربتها للإرهاب والإرهابيين والشبكات التي تموّلهم وتدعمهم ، وقد حققت يوم الجمعة الماضي نجاحاً كبيراً في اعتقالها لأربعة أشخاص يُعتقد أنهم حاولوا تنفيذ تفجيرات في لندن .
إلا أن على الحكومة البريطانية أن تعلم أن الأمر ليس مجرد توجيه ضربات تكتيكية للمتطرفين ، بل إن عليها أن تدرك - وهذا هو التشخيص الأصح - أن بناء استراتيجية طويلة ومستمرة للقضاء عليهم لا بد له من تعمق وقراءة موضوعية تسبر غور هذه الظاهرة ، للوصول إلى عمقها وأطرافها، وذلك لمعرفة إجابة سؤال مهم : كيف يخرج من بين ظهرانيها متطرفون إرهابيون ، مع أنهم ولدوا ونشأوا وترعرعوا في كنفها وكفالتها ورعايتها ؟ .
بريطانيا الآن تواجه نفسها في هذه الحرب ، فهي تلقي باللوم على حكومتها وتعتبر أن وجود الإرهاب على أراضيها هو مسؤولية الحكومة ومن واجبها البحث عن أسباب هذا المرض الخبيث وكيفية معالجته والشفاء منه لا إعطاء إبر مورفين قد تخفف من ألمه لكنها لا تقضي عليه.
البريطانيون اليوم يدركون أن نار الإرهاب والإرهابيين قد وصلت إلى أراضيهم ، فهؤلاء الغلاة لم يعودوا مجرد ورقة في يدي الغرب للضغط على الحكومات العربية، أو تسويق سياسات ومواقف بعينها ، وإنما أصبح هناك مواطنون بريطانيون تابعون لشيوخ الإرهاب ، يأتمرون بأمرهم وينفذون تعليماتهم حتى لو كانت الموت في تفجير انتحاري من منطلق الوصول إلى الجنة ، وقد استيقن البريطانيون الآن : أن هؤلاء باتوا يشكلون خطراً كبيرا " حقيقياً " على المجتمع البريطاني.
تتبع بريطانيا سياسة متشددة في محاربتها الإرهاب، فأي قادم أو زائر لأراضيها من الدول العربية التي يشتد فيها الصراع والتي تحوي إرهابيين متشددين ، أو حتى المواطن البريطاني القادم من هذه المناطق الساخنة، يخضع لتحقيق ومساءلة حتى يتم التأكد من هويته وخلفيته ، وإن عليها الاعتراف بأن إيواءها سابقاً لإرهابيين معظمهم من العرب المسلمين الذين يلقون العظات في المساجد والمدارس الدينية تمجيداً للانتحار والفكر الجهادي بغية استخدامهم في ابتزاز الأنظمة العربية كان سياسة خاطئة اتبعتها عشرات السنين ، وايضا لا بد من البحث في بنية وتركيبة المجتمع البريطاني والأسباب التي أدت إلى تجنيد المواطنين البريطانيين المسلمين لتنفيذ عمليات انتحارية .
إن السياسة الحالية التي تتبعها بريطانيا في حربها على الإرهاب يجب أن تحتذى من قبل الحكومات العربية ، ومن ثم يتم البحث عن أسباب انسياق الشباب العربي المسلم نحو الفكر الإرهابي التطرفي ، والعمل على إيجاد الحلول حتى يتم اقتلاع الإرهاب من جذوره ، لأنه طاعون العصر وأكبر خطر على الإنسان والإنسانية وعلى الإسلام وعلى كل الأديان السماوية.
د. فطين البداد
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews