استيراد "صنع في الجزائر" !!
"صُنع في الجزائر".. جملة احتلت في الساعات الأخيرة واجهات صفحات الجرائد والإعلانات التلفزيونية التي بشّرت الجزائريين بخروج أول سيارة جزائرية إلى شوارع الجزائر.. جملة لم يتعوّد عليها الجزائريون كثيرا؛ خصوصا فيما تعلّق بالمنتجات ذات الماركة المسجّلة.. جملة استفزت ذاكرتي لاستحضار حادثة وقعت معي قبل يومين.
في زيارة يومية إلى صالون الجزائر الدولي للكتاب، مؤخرا، التقطت أذني حديثا بين شابين (طالبيْن في الجامعة على الأرجح) أعرب أحدهما للآخر عن سعيه لشراء كتاب "المفكّر المغربي محمد أركون" ! من جناح وزارة الثقافة المغربية بالصالون. وبقدر ما وجعتني جملة الطالب الجامعي الجزائري التي نسبت المفكر الجزائري محمد أركون إلى المغرب، بقدر ما لعنت سياسة التجهيل التي تمارسها المنظومة التربوية في الجزائر - بقصد أو من غير قصد - على الشباب الجزائري ..
سياسة ليست حكرا فقط على المنظومة التربوية؛ بل تشاركها فيها كل منظومة الدولة ككل، هذه المنظومة التي سمحت قبل أربع سنوات من اليوم؛ بأن يُجنّس أركون، ابن بلدة ثاوريرت ميمون في تيزي وزو، بجنسية أخرى، ويغطّى بعلم آخر، ويدفن في تراب آخر، بعد أن أبرق الملك المغربي محمد السادس لعائلته بتعزية، ذكر فيها أن "الفقيد الكبير سيظل خالدا في ذاكرة كل المغاربة الذين نهلوا من معين عطائه الفكري الغزير"، في الوقت الذي لم "يخسر" عليه أولو الثقافة في بلدنا؛ أكثر من سطر تعزية في نشرة الأخبار..!!
بهذه اللامبالاة، يهرّب اسم محمد أركون، صاحب مشروع "الإسلاميات التطبيقية" الجريء، وابن الجامعة الجزائرية، كما يهرّب المازوت والسميد وتهرب الأغنام عبر الحدود الغربية..
بهذه العبثية إذن، يُعاد إلينا فكر أركون معلبا اليوم، بجنسيّة أخرى ستفرض بالتقادم، كما تعود إلينا "دڤلة نور" الطولڤيّة، معلّبة تحت ختم "صنع في المغرب" أو "صنع في تونس" (مع حفظ مقام طرف المقارنة طبعا..) وبهذه العبثيّة أيضا، يستقبل الجزائريون اليوم أول "حديدة مستوردة" صُنعت في الجزائر !! وبصحتكم.
الشروق الجزائرية
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews