محاكمة القرن
رغم أن أهالي ضحايا ثورة ٢٥ يناير كانوا ينتظرون إعادة محاكمة الرئيس المصري السابق حسني مبارك ونجليه ووزير داخليته و٦ من مساعديه في جلسة السبت ، آملين تنحي رئيس المحكمة الحالي مصطفى حسن عبد الله عن القضية ، كونه نفس القاضي الذي سبق وأصدر حكم البراءة لكافة المتهمين في محكمة موقعة الجمل الشهيرة ، إلا أن قرار تنحي رئيس المحكمة كان إجراء قانونياً لا بد منه، لأن محكمة الاستئناف تعلم يقيناً : إن رئيس المحكمة هو ذاته رئيس الدائرة الذي قضى في محكمة ما عرف بـ " موقعة الجمل " وهي قضية لصيقة بقضية إعادة المحاكمة بتهم قتل متظاهرين وتهم الاستغلال والفساد، فالقضيتان تشتملان على تهم قتل الثوّار المصريين ، وهذا مبدأ قضائي راسخ في سائر الأنظمة القضائية في العالم ، فحواه : عدم جواز اشتراك أي من القضاة في قضية سبق وأن اشترك في شبيهتها أو قضية ذات صلة بأختها الجديدة .
إذاً ، من المفترض منذ البداية ، أن لا تنظر هذه المحكمة في هذه القضية وما جرى كان مضيعة للوقت وفوضى وهرجا ومرجا - بحسب إخواننا المصريين - وهذا ما يسيطر - للآسف الشديد - على كافة مجالات ومناحي الحياة في مصر في العامين أو الثلاثة أعوام الماضية.
لقد كان من الطبيعي صدور هذا الحكم الذي يعتبر مسلمة من مسلمات الإجراءات القضائية الجنائية في سائر أنحاء العالم.
وما يثير الدهشة والاستغراب والتساؤل : كيف يفوت على محكمة استئناف القاهرة التي لها خبرة قضائية عتيدة هذا الأمر ، وأن تغفل عن هذه المسلمة؟ .
وبغض النظر عن الظروف السياسية المتوترة التي تمر بها مصر حالياً وحالة الرفض الشعبي الشديد لحكم الإخوان والرئيس محمد مرسي، تبقى محاكمة الرئيس السابق حسني مبارك هي محاكمة القرن ومحاكمة تاريخية لأول رئيس عربي يُحاكم بإرادة شعبية حرة.
هي المرة الأولى التي يظهر فيها حاكم عربي أطاح به شعبه خلف القضبان أمام منصة القضاء التي نرجو أن تكون عادلة لتعيد لأهالي الضحايا ولمصر وشعبها حقوقهم وكرامتهم.
في نفس الوقت، فإن مصير الرئيس المصري السابق حسني مبارك لم يعد يعني الكثيرين ويشغل محط اهتمام الجمهور العربي ووسائل الاعلام المختلفة (باستثناء أيام المحاكمات) نظراً للتداعيات والأحداث الخطيرة المتسارعة التي تتعرض لها المنطقة عموماً وسورية على وجه الخصوص.
لكن يبقى عدم محاكمة أي مسؤول عن قتل المتظاهرين في ثورة الـ٢٥ من يناير خلال أيامها الـ ١٨، يثير الغضب والإحباط ولن تهدأ الأمور ما لم تأخذ العدالة مجراها والمجرمون عقابهم وحسابهم .
د.فطين البداد
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews