السياسة الصينية ومشكلات هونغ كونغ
فيما يترنح أبناء هونغ كونغ تحت تأثير توابع صدمة الإعلان الصادر عن اللجنة الدائمة لـ«برلمان» الصين، المؤتمر الشعبي الوطني، يحتاجون لمن يطمئنهم إلى أن العالم يهتم بواقع أن حكومتهم ذات السيادة، قد ضربت عرض الحائط بتطلعاتهم نحو انتخابات ديمقراطية حقيقية لرئيس الحكومة أو للرئيس التنفيذي للمدينة في عام 2017.
ستقول أصوات ساخرة إنه كان من السذاجة عدم توقع ما جرى، وإنه لم تكن هناك أية فرصة لتسمح قيادة بكين لأبناء هونغ كونغ باختيار قادتهم بحرية. ولهذا هناك كثير من الغضب وخيبة الأمل بين أولئك الذين شاركوا في هذه اللعبة.
ورغم سنوات من الإحباط وخيبات الأمل السابقة، إلا أن مركز أبحاثي المؤيد للديمقراطية «هونغ كونغ 2020» وغيره العديد من المراكز، وضعوا الثقة في عملية تشاور امتدت ستة شهور بعد انطلاقها في ديسمبر 2013 من قبل حكومة منطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة.
وقد عملنا بحسن نية من أجل التوصل إلى مقترحات تتسم بالعدالة وتحترم بنود دستور هونغ كونغ، القانون الأساسي، وتقدم للناخبين اختياراً حقيقياً للمرشحين.
وأوضحنا أنه وفقاً للحزمة النهائية التي تلبي بشكل واسع متطلبات المعايير الدولية للاقتراع العام، سنكون مستعدين للتفاوض وإبداء الليونة. وكانت مكافأتنا التواطؤ من قبل حكومتنا، حكومة منطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة، في صياغة القرارات الصارمة جداً، والتي لا تدع مجالاً للمساومة، حتى إن مؤيدي بكين أنفسهم فوجئوا.
باختصار، فيما يمكننا الحصول على شخص واحد وصوت واحد في عام 2017 كما وعدنا، سيعرض علينا الاختيار بين ما لا يزيد على ثلاثة مرشحين، كل واحد منهم عليه أن يحشد تأييد نسبة لا تقل عن 50% من أعضاء «لجنة الترشيح» المؤلفة من 1200 عضو، والتي تم انتخابها من قبل 7% فقط من الناخبين المسجلين، وحيث ثلاثة أرباع أعضائها على الأقل، يمكن الاعتماد عليهم في اختيار مرشحين يحظون بقبول الحكومة المركزية.
والبديل المطروح في مقابل القبول بهذه الديمقراطية الزائفة، هو الاستمرار بالنظام الحالي، حيث اللجنة المكونة من 1200 عضو تقوم بترشيح المسؤولين التنفيذيين وانتخابهم.
وقد وعد أبناء هونغ كونغ بالاقتراع العام لانتخاب المسؤولين التنفيذيين وكل أعضاء المجلس التشريعي لدينا في القانون الأساسي، الذي ينبع بدوره ويعكس في الجزء الأكبر منه شروط الإعلان المشترك الصيني البريطاني، معاهدة عام 1984 التي مهدت الطريق أمام تسليم المستعمرة البريطانية مجددا إلى الصين في عام 1997.
وفي إطار مفهوم «بلد واحد بنظامين»، ضمن أهالي هونغ كونغ الحق في الحكم بدرجة عالية من الحكم الذاتي، والحفاظ على الحقوق والحريات وسيادة القانون التي كانوا يتمتعون بها، كما هي دون تغيير لمدة 50 عاماً.
لكن، على نحو متزايد، يجري تقويض شعار «بلد واحد بنظامين»، وتتدخل سلطات الحكومة المركزية الصينية علناً في شؤون ينبغي أن تقع بالكامل ضمن مجال الحكم الذاتي لهونغ كونغ.
ومع زعزعة أسس حرياتهم وتراجع الثقة في حكومة منطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة إلى أدنى مستوياتها، ليس هناك ما يدعو للتعجب من أن يتعلق أبناء هونغ كونغ بأمل التمكن من انتخاب رؤسائهم التنفيذيين عام 2017، لكي يمثلوا مصالحهم حقاً، ويكونوا مسؤولين أمامهم فعلاً، وليسوا فقط مرددين على مضض لخط بكين عند كل مناسبة.
وبالإطاحة بهذا الأمل، ليس فقط في عام 2017 وإنما أيضاً لأجل غير مسمى، فإن بكين تكون قد بددت فرصة حاسمة لكسب القلوب والعقول. وبدلاً من الوثوق بأبناء هونغ كونغ في ممارسة التصويت بشكل معقول، قرروا ببساطة أن يوضحوا لهم من هو الآمر الناهي.
القيادة الصينية تعول بشكل واضح على القدرة على التأثير في الرأي العام للقبول بالكأس نصف المملوءة، بدلاً من الكأس الفارغة، لكنهم يغفلون حقيقة أن المشرعون المؤيدون للديمقراطية لديهم تفويض من حوالي 60% من الناخبين، ولا يمكن أن يتوقع منهم ببساطة الرضوخ والتخلي عن مبادئهم.
ومن عمل منا بجهد لوضع المقترحات بتقديم توصيات بشأن الطرق التي تجعل لجنة الترشيح أكثر تمثيلاً، وليس فقط دمية في يد بكين، لا يمكنه قبول حظر شامل على أي تغيير لأعضائها ونطاق الناخبين. ولا بد من أن تستجيب بكين للضغوط، وبسرعة، وإلا فستواجه هونغ كونغ اضطراباً اجتماعياً متزايداً وانهياراً كاملاً في الحكم.
ويظهر التيار المتمثل في اهتمام وسائل الإعلام والمعلقين ما وراء البحار أخيراً، أن العالم الأوسع نطاقاً يراقب ما يحدث. لكن التعليقات من الحكومات الخارجية والشركاء التجاريين، لا سيما بريطانيا التي لديها التزامات للدفاع عنها وفقاً للمعاهدة، كانت نادرة بشكل منذر بالسوء وصامتة.
وعليهم أن يدركوا أن معاملة بكين لهونغ كونغ تشكل جزءاً من صورة أكبر لصين تزداد فيها تشدداً وتعالياً، حيث ليس لديها وازع عن إصدار تهديدات ولعب ورقة العلاقات التجارية والاقتصادية في سبيل الحصول على ما تريد. ومن الأهمية بمكان أن تقف المجتمعات الحرة في المجتمع الدولي إلى جانب مبادئها، ولا تضحي بنزاهتها الأخلاقية في وجه هذا النوع من الترهيب.
(المصدر: البيان 2014-10-05)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews