اتفاق أوباما – أردوغان وخطوة تركيا القادمة في سوريا
لا أدري ما هي صحة ما سربه الصحفيون الأتراك الذين رافقوا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في زيارته الأخيرة لنيويورك عن أن أردوغان عقد صفقة مع أوباما يسمح فيها الأخير للأول بالتدخل عسكريا ضد داعش في سوريا واحتلال الرقة ودير الزور مقابل إسقاط بشار الأسد .
ما نقل على ألسنة هؤلاء فيه وجاهة : فالمشهد التركي وخاصة في الشهر الأخير يكشف بأن هناك " طبخة " ما تحضر لها تركيا , والولايات المتحدة ليست حدودها قاعدة أنجرلك فقط ، وهو أمر استشعره الأسد في دمشق ، فاعتبر مساء الجمعة وعلى لسان وزارة خارجيته بأن أي تدخل تركي في سوريا سيعتبر عدوانا .
هل كان تصريح خارجية النظام حقيقيا أم كان من باب مداراة الواقع والقول لمن تبقى من أنصاره ممن هم على شاكلته في الداخل والخارج : أنه يرفض ويصدر بيانات وما زال " دولة " ، أو لعله موافق على هذا التدخل في عين العرب " كوباني " والقرى الكردية الحليفة للنظام فقط ولكن ليس على مستوى محافظات كبرى .
العلاقة بين الأسد وبين أردوغان انقلبت من صداقة حميمية إلى طلاق بائن بينونة كبرى ، وتركيا ، التي تصل موازنتها السنوية إلى ترليون دولار ، لا تفكر بالطريقة التي يفكر فيها كل من تعاطى مع الأزمة السورية من العرب .
إن المنطقة العازلة التي يطالب بها أردوغان ، وصواريخ الباتريوت التي تسرب نبأ عن نصبها من قبل الحلفاء قريبا من الحدود ، ربما تكون حقيقة واقعة لكونها الشرط التركي الأول قبل الدخول في معركة " مفتوحة " مع النظام أو داعش في المنطقة الحدودية أولا ، وإذا ما تم منع مقاتلي داعش من دخول عين العرب كما قال رئيس الحكومة التركية ، فإن هذا لا يعني أن تركيا انغمست في الأزمة السورية عسكريا بقدر ما هي خطوة تدخل في باب الدفاع عن النفس ، خاصة وأن قذائف داعش وصلت الأراضي التركية أكثر من مرة ، وأصابت مواطنين أتراكا بجروح مع الأخذ بالإعتبار تصريح عبد الله أوجلان من سجنه : بأن سماح تركيا بدخول داعش لعين العرب سينهي محادثات السلام بين حزب العمال الكردستاني والحكومة التركية ، وهو تصريح يطرح علامات استفهام عمن يقف وراءه : هل هم الأتراك أنفسهم لتبرير تدخلهم " المحدود " على الحدود أم لا ( البرلمان سمح مساء الخميس بالتدخل عسكريا في كل من العراق وسوريا ) أم لعله تصريح ذاتي من زعيم الحزب الشيوعي السجين .
ولكن : ما موقف الإيرانيين من كل ذلك ؟ .
لنتذكر دائما أن العلاقات الثنائية بين إيران وتركيا وثيقة ومصلحية بامتياز وإن أهم ملف لإيران هو الموضوع النووي ، وسبق وحاولت مقايضة الولايات المتحدة في محاربة داعش ، ولا يعتقد مراقبون أن ترفض إيران إسقاط الأسد الذي بات يشكل وجع رأس مزعج لها مقابل مكاسب في هذا الملف أو غيره .
أما تركيا فإنها تعادل إيران في أهدافها " الإستراتيجية " وإن كان بأمر مختلف ، فهي ليست دولة هوائية تحلم بالفتات ، بل إنها بسيطرتها على المنطقة العازلة التي تقول تسريبات : إنها قد تصل إلى عشرات الكيلومترات في العمق وتضم مليونا من اللاجئين ، بالإضافة إلى الحكومة المؤقتة والأركان ، إنما ترغب في أن يكون لها اليد الطولى في بلد مدمر بحاجة إلى إعادة بناء وبنى تحتية بمئات المليارات من الدولارات ، وعلى صعيد القبول أو الرفض " الداخلي " فلا يصح أن ننسى أن الأتراك " سنة " وهم مقبولون من شعب " سني " يبحث عن نهاية لمأساته .
إسقاط الأسد بالنسبة لتركيا ، يعني هذا الصيد الثمين ، وغبي من يعتقد بأن المبادئ لا المصالح هي التي تحكم العلاقات بين الدول .
هذا هو بيت القصيد التركي ، ولربما تكشف الأيام القادمة على أي بحر من بحور الخليل بن أحمد تم نظمه .
د. فطين البداد
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews