كيف نتخلص من " داعش " ؟
لعل زعيم حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي لم يبارح الصواب حينما قال : " ان الشعور بالظلم والتمييز الذي يعاني منه الشباب المسلم في الغرب يجعل البعض يتعاطف مع تنظيم الدولة الاسلامية ويرى فيه الخلاص من الاستعباد والتهميش الذي يعاني منه .. "مضيفا لوكالة أنباء الأناضول في لقاء بثته السبت : " إن ظهور تنظيم الدولة الاسلامية كان نتاج تدخل الولايات المتحدة والغرب في الشأن العراقي وتسليم مقاليد السلطة للشيعة وتبني رئيس حكومة بغداد المنتهية ولايته نوري المالكي لسياسات إقصاء وتمييز ضد السنة " .
وأكد على " الضرر الكبير الذي يلحقه التنظيم بمبادئ الرحمة والتسامح والعدالة في الاسلام ويعكس صورة سلبية قاتمة عن الدين الاسلامي " .
وإذا كان من نافلة القول أنه لا مسوغ لـ " ممارسة " التطرف أيا كان السبب ، إلا أن " بعض " ما قاله الغنوشي صحيح ، ذلك أن تقريرا للمفوضية العليا لشؤون اللاجئبن أفاد : إن ثلثي مهجري العالم هم من المسلمين " ، ومن هنا نفهم المعادلة التي لم يفهمها الغرب ، أو لعله فهمها ولم يشأ التوقف عندها لكونه أحد صانعيها ومهندسيها .
وإذا قرأنا ما قاله الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز السبت ، خلال لقائه البعثات الدبلوماسية في بلاده ، عن أن الإرهاب لن يقف عند حدود المنطقة ، بل سيمتد إلى أوروبا خلال شهر وأمريكا خلال شهرين ، مطالبا بحلف دولي لمواجهته ، ندرك الهاجس والخوف الذي تعيشه المنطقة وزعاماتها من تنظيم إرهابي أقلق الدنيا ، واجتمع لأجله مجلس الأمن ، وتقوم الطائرات الأمريكية بضربه بدون توقف ، واتحد من أجل محاربته أعداء الأمس ، ولكن الذي فات هؤلاء جميعا ، عربا وعجما ، أن هذا التنظيم ليس سوى " فكرة " انتعشت ضمن حواضن تسبب بها السياسيون ، وفرضتها وقائع على الأرض لم تستشر بها الشعوب ، ولم تشارك في بنائها بسبب الإقصاء والتهميش .
كيف سيتم القضاء على داعش ، إذا كانت هذه المنظمة تتغلغل كالسرطان ، وهذا وصف استعان به الرئيس أوباما مؤخرا ، حيث يبرز السؤال : هل يقضى على السرطان باستئصال الورم " الظاهر " فقط ، بدون أن نراقب : هل له امتداد إلى بقية أجزاء الجسم أم لا ؟؟ .
إننا بأمس الحاجة إلى تغيير حقيقي على الأرض ، وإلى عدالة اجتماعية ، وتكافؤ فرص ، وخلق آفاق للشباب ، ومن ثم ، تثقيف تعبوي شامل ضد أفكار هذا التنظيم الإرهابي يتزامن مع عملية الإستئصال ، وذلك من خلال الندوات والبرامج والجامعات والمساجد والإعلام ، لأننا إذا قرأنا المشهد جيدا ، فإن أغلبية من التحقوا بالتنظيم الإرهابي هم من هذه الفئة التي بحثت عن أمل فلم تجد ، فلجأت إلى التطرف بكل ما يعنيه من قتل وإقصاء و" ذبح " و" سلخ " على نفس نهج هولاكو وجده زعيم المغول الأعظم .
فلنقاتل " داعش " بتغيير على الأرض ، وبالفكر ، ولكن حذار أن ننسى - في غمرة حربنا على هذا التنظيم - أننا لا يجب أن نكون في خندق الصفويين ، فهؤلاء هم داعش آخر ، ولكن من وراء حجاب .
د . فطين البداد
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews