انتصرت المقاومة .. فلك الحمد ربنا ولك الشكر
فرق بين فرح الجماهير الفلسطينية بوقف النار وهو فرح بالسلامة قاعدته النصر الكبير، وبين فرح العدو بالسلامة وقاعدته فشل وهزيمة دارت رحاها عليهم وعلى جيشهم ومدنهم ، وفرق بين أن يعود الغزيون لبيوتهم على خطوط التماس بقرار من قيادة مقاومتهم ، وبين أن يعود المستوطنون إلى بيوتهم في مدن ما يسمى " غلاف غزة " على خوف من تجدد القتال وبقرار من عدوهم - المقاومة - التي ألجأتهم للهجرة على وجوههم في مدن الكيان التي لم تسلم هي الأخرى من صواريخ المقاومة .. وهذا هو الفرق بين النصر والهزيمة ..
* المقاومة انتصرت لأنها فرضت شروطها واحدا واحدا على عدوها وآخرين من دونه أعداء أيضا قد نعلمهم وقد لا نعلمهم ولكن الله تعالى يعلمهم .
* المقاومة انتصرت بعد أن فرضت على ملايين الصهاينة أن يهيموا على وجوههم في مدن الكيان الكبرى التي لم تسلم هي الأخرى من يد المقاومة الطويلة ، وبعد أن فرضت على أكثر من خمسة ملايين صهيوني ولواحد وخمسين يوما أن يدخلوا الملاجئ وأن لا يخرجوا منها إلا وقتما تشاء المقاومة .
* المقاومة انتصرت لأنها وضعت نقطة في آخر سطر العدو الذي بات هو مقتنعا ونحن أيضا بأن عهد انتصاراته قد انتهى، وبعد أن ردعت جيشه عن مجرد التفكير في مهاجمة غزة فضلا عن التخطيط لدخولها ..
* المقاومة انتصرت بصمودها وصمود شعبها معها وبما سجلته في ذاكرة الأمة من إمكانية النصر والصمود ، ومن القناعة بأن القوة فقط وليس المجاملات والمفاوضات هي القادرة على قتل همة العدو عن المبادرة بالعدوان، والقادرة على تكسير إحساسه بالزهو والنصر الذي راكمته جملة الهزائم التي سجلها على جيوش عربية رسمية وأسلحة صدئة .
* المقاومة انتصرت لأن عدتها للنصر كانت بثلة من الشباب الشبه المدنيين الذين لم يتخرجوا من كليات عسكرية ولم يحملوا شيئا من النياشين والرتب العسكرية (ولا تخلو جيوشنا من رتب محترمة ) في مقابل عدو مجهّز بكل أنواع الأسلحة وبمئات آلاف المجندين المدربين والمتفرغين ليواجهوا جيوش ال22 دولة عربية في آن معا .
* المقاومة انتصرت بعد أن تخلى عنها الكثيرون ممن كان يظن أنهم سبب انتصارها في 2008 وفي 2012 ، وبعد أن تخلت عنها الجامعة العربية التي لم تلتئم طول الواحد والخمسين يوما لقول كلمة في ذم العدوان والتي لم يصرح امينها العام مجرد تصريح ولو على سبيل الشجب والاستنكار، وتخلت عنها منظمة المؤتمر أو التعاون الإسلامي التي تضم 56 دولة إسلامية لم نحس منهم من أحد أو نسمع لهم ركزا، وانتصرت بعد أن تخلت عنها سوريا وإيران وحزب الله، وبعد أن خانها الانقلاب المصري وداعموه وبعد أن دمر الأنفاق واستعدى عليها إعلامه المتصهين القذر .. فلا ينسب النصر إلا لله أولا ثم لذات المقاومة وصمود حاضنتها الشعبية.
* المقاومة انتصرت لأن المصالحة التي كانت قبل الحرب تترنح وتكاد تسقط قد توطدت اليوم وتأكدت وتعمقت وتحولت إلى كائن متحرك شرس ، ولأن القضية التي كادت تدخل قبل العدوان إلى مجاهل النسيان وانتقلت إلى آخر الاهتمام قد اندفعت إلى مقدمة الأحداث والاهتمام ، ولأن قضية الأسرى التي كانت في معترك الإضرابات منهم والتنكيل من العدو قد انفتح لها نافذة الأمل والتحرر بأسرى العدو الذين صاروا في يد المقاومة ، ولأن اتفاق 2012 للتهدئة الذي قصصه العدو وصار قبيل العدوان يتحكم في تنفيذه قد استطاعت المقاومة أن تعيد صوغ اتفاق أفضل وأكثر مكتسبات منه.
* المقاومة انتصرت لأن شعبية المقاومة التي انخفضت بشكل ملحوظ قبل الحرب قد ارتفعت اليوم إلى ما فوق السحاب ، ولأن أولويات الضفة التي كانت قبل العدوان اقتصادية وشخصية وفردية قد تحولت لتكون ثورية ووطنية وقومية ورسالية .
* المقاومة انتصرت لأنه ليس نصر يوم الإعلان عنه ، ولكنه انتصار مرحلة كاملة وجيل كامل ابتدأ جهاده بالحجر وصولا للصواريخ التي وصلت تل أبيب وما وراء تل أبيب ..
* المقاومة انتصرت ليس منذ اليوم ولا منذ واحد وخمسين يوما ، ولكن منذ اتخذت قرارها بالمسار نحو الجد والتسلح والتضحية بعيدا عن تقطيع الوقت بالمفاوضات وعن اللهو بالمجاملات وعن جعجعات الارتزاق والسقوط في التنسيق الأمني مع العدو ، وبعيدا عن الحرص على السلامة وعن الوجاهات الرخيصة التي كان يحسنها البعض ولم يحسنوا قراءة الواقع ومعرفة المطلوب .
* المقاومة انتصرت منذ أن اتخذت قرارها بتقديم قادتها ومؤسسيها للشهادة قبل أن تطالب شعبها وجنودها بالتضحيات ، ومنذ أن رفضت أن تكون ذيلا لأي نظام أو تصير تحت قرار خارجي ..
آخر القول : المقاومة انتصرت .. والكثير من القناعات والمضامين الفكرية والسياسية قد تغيرت وستتغير ، والمتوقع المؤكد أن أعداء هذا الانتصار منا ومن غيرنا سوف يتحركون في ذات اتجاههم القديم الجديد لتقليل وجاهة ومستخلصات هذا الانتصار .. ولكنهم لن يفلحوا إلا في المزيد من الانكشاف أمام الرأي العام .. فلك الحمد ربنا ولك الشكر ..
(المصدر: الشرق 2014-08-28)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews