إعدام أحمد فتحي
استمراراً لسياسة مصرية قديمة ودائمة وغريبة أقنعت الكثيرين وحرضتهم طوال الوقت على اختيار حاد ودائم بين الأبيض والأسود.. وإلغاء متعمد لكل الألوان الأخرى، وسخرية مرة من اللون الرمادى الذى لا يختاره إلا الضعفاء والجبناء والجهلاء والمنافقون.. أصبح أحمد فتحى، لاعب الأهلى السابق، مجرد ضحية جديدة لتلك السياسة، ولن يكون بالتأكيد آخر ضحاياها..
فالعقل الجماعى المصرى لم يعد يدرك أو يقبل رؤية الكثير جدا من المزايا والفضائل فى شخص ما، والكثير جدا أيضا من العيوب والخطايا.. وأصبح الناس فى بلادنا يخشون أن يذكروا حسنات وسيئات إنسان واحد وإلا اتهمهم الآخرون بإمساك العصا من منتصفها، والعجز والخوف من إبداء رأى صريح ومحدد وواضح.. أصبح الناس فى بلادنا قضاة يحكمون على الآخرين بقانون لا تضم مواده إلا قليلا جدا من الكلمات والأحكام.. أبيض أو أسود.. ملاك أو شيطان.. بطل أو مجرم.. وهكذا لم يجد عموم الناس إلا هذا القانون للحكم على أحمد فتحى.. فأصبح هو الخائن والمتآمر والفاسد والشيطان الذى باع كل شىء من أجل المال..
بل وكان هناك من تطوع من تلقاء نفسه بالتأكيد على أن أحمد فتحى لم يبع الأهلى وجمهوره فقط.. وإنما باع وطنه أيضا ونال الجنسية القطرية مقابل ملايين قطر.. ولم تعد الحكاية لاعباً لم يجدد تعاقده مع ناديه نتيجة الطمع أو الخوف، ولكنه جاسوس خان الوطن والأهل ولم يعد يستحق إلا الإعدام حكما واجب النفاذ.. والمثير فى الأمر أن أحمد فتحى، الذى هو الآن ضحية لسياسة الأبيض والأسود.. لايزال هو نفسه يمارسها ويدعو إليها..
فقد أصدر اللاعب بياناً يوضح فيه حقائق انتقاله لنادٍ قطرى.. وتضمن هذا البيان أكاذيب لا تقل فى حجمها وغرابتها عن الأكاذيب التى قالها آخرون حاولوا بها تشويه صورة أحمد فتحى والمطالبة بإعدامه.. ومثلما لم يتعامل الناس مع أحمد فتحى بموضوعية ليعددوا مزاياه ويذكروا لها تاريخا جميلا، ويحاسبوه أيضا على أخطاء ارتكبها..
جاء بيان أحمد فتحى أيضا ضد أى موضوعية ومنطق.. فاللاعب أكد عشقه للأهلى وجماهيره، بل واختتم بيانه بالصراخ قائلا: «الأهلى فوق الجميع».. وقد اضطر رغم العشق والصراخ للسفر إلى قطر لأنه يرى صعوبة إقامة الدورى الجديد من مجموعة واحدة، وأنه لم يعد قادرا على اللعب بدون جماهير فى الملاعب.. وكأن أحمد فتحى يريدنا أن نصدق ذلك.
( المصري اليوم 2014-08-23 )
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews