فريق الرئيس... بين أميركا وإسرائيل
عند انتخاب الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، وحتى خلال حملته الانتخابية، كان الكتّاب والمحللون يطالبونه بأن يعلن عن فريقه الرئاسي وكانوا يعللون ذلك بأن الشخصيات التي ستلازمه هي التي ستقدم له المشورة وتساهم في تشكيل قراراته ومواقفه، بل إن مجرد اختياراته لهذه الشخصيات ينبئ عن توجهاته وفكره. واستندت المطالبة بمعرفة فريق الرئيس إلى أن التجارب الدولية أثبتت مدى تأثير هذا الفريق داخل القصر الرئاسي في قرارات كبرى. وصدر أخيراً في الولايات المتحدة كتابان يناقشان هذه القضية ويقدمان مجموعات من الشخصيات التي اعتمد عليها رؤساء أميركيون وكيف أثَّروا في سياساتهم وقراراتهم.
يركز الكتاب الأول على اثنين من هذه الشخصيات وهما الأخوان دالاس، جون فوستر وآلان، والأخوان باندي، ماك جورج ووليم. فجون وآلان دالاس عملا مع الرئيس ايزنهاور، والأخوان باندي مع جون كينيدي وليندون جونسون. وفي تلخيص تأثير هذه الشخصيات في الرؤساء والأحداث الكبرى، يستخلص الكتاب أن الأخوين دالاس وباندي رأيا العالم من خلال رؤية أيديولوجية اعتبرت أن حلفاء الاتحاد السوفياتي أكثر تحالفاً معه مما كانوا في الحقيقة، كما قدمت المكاسب السوفياتية على أنها أكثر إخافة مما الحقيقة، مع التشديد على ضرورة العمليات العسكرية الأميركية والعمليات السرية بأكثر مما يجب.
وفي أساليب هذا الفريق في التأثير، كان أفراده بمجرد النظرة والإيماءة وكلمات قليلة، وبلا استشارة أحد، بخلاف الرئيس، في استطاعتهم تعبئة كل قوى الولايات المتحدة في أي مكان في العالم، وعندما كان سفراء أو شخصيات أخرى يعوقون مشروعاتهم، كان الأخوان دالاس بخاصة يرتبان لإزاحتهم. وكان ايزنهاور خصوصاً مصمماً على تفادي الحروب الساخنة مع الاتحاد السوفياتي، وفي هذا اعتمد على الأخوين دالاس لتنفيذ عمليات سرية كبديل للعمل العسكري، وربما نجح بعض هذه العمليات كإزاحة مصدق في إيران عام 1953 وارينز في غواتيمالا عام 1954 في المدى القصير ولكنه أضر بالسياسة الخارجية الأميركية على المدى البعيد.
ويلقي الكتاب على الأخوين باندي مسؤولية الهزيمة في فيتنام. فعلى رغم أن الاثنين كان لهما بعض المخاوف حول الحرب، فإنهما قررا أن يستمرا في دعمها. كذلك فشل الأخوان باندي في أن يدركا أن فيتنام الشيوعية ستكون أقل خضوعاً للصين الشيوعية، ولو أدركا هذه اللعبة الجيوبوليتيكية فإن أرواحاً وأموالاً كثيرة كانت ستُنقذ، وكانت فيتنام ستبدو أكثر شبهاً بفيتنام اليوم.
ومصرياً، كانت رؤية وأيديولوجية الرئيس خلال عهود ناصر والسادات ومبارك حاسمة في تحديد توجهات السياسة الخارجية المصرية، وقد اختلفوا في اعتمادهم المؤسسي على المستشارين، فاعتمد عبدالناصر على مساعدين بخاصة في الشؤون الأفريقية والعربية (منهم محمد فائق وفتحي الديب)، لكنهم كانوا أقرب إلى التنفيذيين لسياساته. ولئن كانت استجابته للأحداث تعتمد على «المعلومات» التي يتلقاها من «الأجهزة»، فهو كان في النهاية صاحب التقدير والقرار.
واتجه أنور السادات إلى استحداث منصب مستشار للأمن القومي بخاصة في الفترة الحرجة للإعداد لحرب 1973 (حافظ إسماعيل)، وانتهى هذا المنصب مع نهاية الحرب. أما حسني مبارك، وبخلاف أسامة الباز الذي اعتزل في الفترة الأخيرة، فكان أميل إلى الاستماع غير المنتظم الى مجموعات من الخبراء، وكان اعتماده أساساً على رئيس الاستخبارات العامة. ومع نهاية عهده تزايدت الدعوات الى إنشاء مجلس للأمن القومي، وهو ما أخذ به دستورا 2012- 2014. ويبقى أن نرى فعالية مثل هذا المجلس وأن يتضمن تشكيله، إلى جانب الوزراء المعنيين، مجموعة من الخبراء الدائمين المهنيين، ومدى مساهمته في رصد وتتبع الأحداث والتطورات والأزمات الإقليمية والدولية وتقديم الأفكار والتوصيات والمبادرات للتعامل المبكر معها.
(المصدر: الحياة 2014-08-06)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews