Date : 20,01,2025, Time : 02:23:21 AM
2843 : عدد القراء حاليا
حالة الطقس
°C
Amman,Jordan
13
اليوم
العليا 22° الدنيا 12°
غداً
العليا 18° الدنيا 12°
أرسل خبر
آخر تحديث: الاثنين 17 شعبان 1435هـ - 16 يونيو 2014م 01:51 ص

عودة الروح إلى الأمن القومي؟!

عودة الروح إلى الأمن القومي؟!
عرفان نظام الدين

برزت خلال الأشهر الثلاثة الماضية مؤشرات مهمة ومباشرة عن عودة الروح إلى الأمن القومي العربي من خلال جهود حثيثة وسريعة ومدروسة لتأمين توازن نسبي يعيد إلى النظام العربي، ولا سيما في الجانب الأمني منه، قدرته على مواجهة الأخطار الكثيرة والأحداث الدراماتيكية المتلاحقة والأوضاع المأسوية التي تمر بها المنطقة من فلتان أمني وتشرذم وإرهاب وأعمال عنف إضافة إلى الخطر الدائم والداهم وهو الخطر الصهيوني.

قد يبدو هذا الاحتمال مستغرباً بسبب الإحباط الذي طغى على الساحة لكنه متوقع وحقيقي ومبشر، فصحيح أن النظام العربي المنهار لم يكن على مستوى الآمال المعلقة عليه، ولو في حدوده الدنيا، ومن المؤكد أنه لم يستطع حماية الأمن القومي العربي والدفاع عن المصالح العربية لكن العودة إلى الحكمة والتبصر، بأي شكل من الأشكال، تعتبر خطوة في الاتجاه الصحيح تنعش الآمال بغد أفضل وتخفف من حالة القلق والإحباط داخل كل بيت عربي لعلها تسهم في وقف تدرج آفة الفوضى التي أصبحت عابرة للحدود.

ولهذا فان التباشير القادمة من عدة جهات تجري عكس اتجاه الرياح والعواصف التي اجتاحت الدول العربية خلال السنوات الثلاث الماضية ونشرت الدمار والهلاك وفتحت الأبواب على مصاريعها للمطامع الأجنبية والتدخلات في شؤون العرب كما أطلقت يد القوى الإقليمية في بت قضاياهم وتقرير مصيرهم. كل هذا حدث بعد أن أصاب الشلل الجسد العربي وكثرت التحليلات والتوقعات بأنه قد استسلم لمصيره وقبل على مضض أن يتحول إلى «مفعول به» بعدما كان فاعلاً.

كان النظام العربي شبه مشلول، كما كان الأمن القومي شبه ممسوك في شكل نسبي، لا سيما بالنسبة إلى اختصاصات وزراء الداخلية العرب، لكن الأخطار كانت تحيط بالدول العربية من كل حدب وصوب ومعها المطامع الأجنبية والإقليمية التي غذتها الصراعات الداخلية وتحالفات الأنظمة مع القوى الطامعة.

وعلى رغم كل ذلك، كانت هناك اتصالات ومؤتمرات وحوارات للتنسيق ووضع خطوط حمر لا يحق لأحد تجاوزها. وكان هناك نوع من الاتفاق الضمني على «قواعد اللعبة». كما أن المظهر العام كان يوحي، ولو من حيث الشكل، بوجود أمن قومي، أو على الأقل الاعتماد على محاور وقوى عربية رئيسة فاعلة ونافذة تحافظ على التوازنات وتقوم بمبادرات لتطويق أي خطر من خلال التنسيق والتفاهمات والقدرة المالية أو العسكرية أو البشرية التي تتميز بها.

إلا أن ما جرى خلال السنوات الماضية قلب الأوضاع رأساً على عقب وأحدث شرخاً هائلاً في الجدار العربي ورسم صورة مظلمة للحاضر والمستقبل. فقد اختلط الحابل بالنابل وانقلبت المعادلات وتغيرت التحالفات واهتزت أوضاع قوى عربية كانت تمثل «بيضة القبان» في ميزان الأمن القومي.

فبعد حوادث «تسونامي» الربيع العربي حصل ما حصل لمصر الدولة العربية الأكبر والأقوى عسكرياً وبشرياً ثم لسورية وقبلهما العراق الذي كان الظهير القوي للعرب، وفي المقابل جرى تقسيم السودان، الظهير الأفريقي للعرب وعمّت الفوضى تونس وليبيا واليمن، وضرب الشلل لبنان واشتدت الضغوط وتعددت الأخطار على دول الخليج وعلى رأسها المملكة العربية السعودية لكنها صمدت في وجه العواصف ونجحت في حماية أمنها القومي وتأمين الاستقرار. هذا من دون إنكار تأثرها بها.

ضاعت جهود نصف قرن من التوازنات سدى واختلطت الأوراق بين حلفاء الأمس بين ليلة وضحاها. فعلى رغم الخيبات والانتكاسات والأخطاء كانت الدول العربية تتعامل مع الواقع بحكمة وتتوزع الأدوار فيتم تفويض دول المحور بقيادة السفينة ومعالجة القضايا الطارئة كما جرى مع محور القاهرة - الرياض- دمشق مقابل تنسيق آخر مع بغداد قبل كارثة الاحتلال العراقي للكويت، التي يمكن الجزم بأنها سجلت بداية الخلل والاهتزاز العربي ونقطة التحول التي هددت الأمن القومي وقادت العرب إلى منعطف خطير وتوجت بالغزو الأميركي للعراق كبداية لمؤامرة التقسيم.

كل هذه التحولات أدت إلى وقوع العرب في حالة عدم توازن أوصلتهم إلى حافة اليأس والإحباط والخوف من مستقبل مظلم لا أمن فيه ولا أمان. إلا أن تباشير الأمل بدأت تظهر في الأفق لتعيد جريان الدماء في الشرايين العربية نتيجة لتوالي الأحداث الإيجابية المبشرة بالخير نتيجة للجهود القائمة على الحكمة.

من هذه التباشير، نذكر على سبيل المثال لا الحصر:

- نجاح مصر في تجاوز محنة السنوات المنصرمة واستعادة زمام المبادرة في الداخل والخارج بعد انتخاب المشير عبد الفتاح السيسي رئيساً وإشاعة أجواء التفاؤل بعودة تدريجية لأجواء الاستقرار والأمن والأمان بعد إزالة آثار الأحداث المؤسفة. وهذا يعني أن مصر ستعود للعب دورها الطبيعي على مختلف الأصعدة كعمود فقري للعمل العربي المشترك إذا نجح النظام الجديد في مواجهة الإرهاب وتحقيق المصالحة الوطنية وتنفيذ بنود خريطة الطريق التي وضعتها ثورة ٣٠ حزيران ( يونيو) 2013.

- التنسيق الشامل والدعم الكامل لمصر من دول الخليج العربية، ولا سيما من السعودية والإمارات العربية المتحدة، ومعهما الكويت والبحرين. وقد ترجم هذا الدعم عملياً خلال العام الماضي وتكرس فعلياً في رسالة التهنئة المعبرة والصادقة للسيسي من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز والنابعة من أصالة عربية وإدراك لدور مصر ومكانة الشعب المصري في قلب كل إنسان عربي.

كما تأكد بالدعوة لمؤتمر أصدقاء مصر لتأمين استمرار الدعم على مختلف الأصعدة والمساهمة في الاستثمار بالمشاريع المنتجة وإيجاد فرص عمل لآلاف المصريين. كما أن الرئيس السيسي أعلن بحزم أن مصر لن تتوانى عن الدفاع عن المصالح العربية وأنها تقف على مسافة «السكة» من دول الخليج للدفاع عنها في حال تعرضها لأي خطر.

- قيام محور خليجي فاعل داخل مجلس التعاون مهمته الدفاع عن المصالح العربية وتأمين أمن واستقرار المنطقة وسد الفراغ الناجم عن أحداث السنوات الماضية وهو ما أعلن عنه في اللقاء الأخير بين الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي والشيخ محمد بن زايد نائب رئيس دولة الإمارات مع عدم إغفال التنسيق التام مع المغرب والأردن واعتببارهما حليفين في المجلس الخليجي، إضافة إلى دعم استقرار اليمن وتشجيع الحوار بين مختلف الأفرقاء لإنهاء حال الفوضى والحروب المتعددة الوجوه والأهداف ووقف التدخلات الأجنبية.

- التحرك الذي يقوم به أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح بوصفه رئيس القمتين العربية والخليجية من أجل رأب الصدع ولم الشمل والحوار مع جميع الأطراف الفاعلة. ومن هنا تبرز أهمية زيارته الأخيرة لإيران وعرضه لوسائل نزع فتيل التوتر وإزالة أسباب الجفاء وعدم الثقة بينها وبين معظم الدول العربية للبدء بمرحلة حوار مع دول الخليج لتحقيق مصلحة الجميع وإيجاد حلول للأزمات العربية ولا سيما في سورية والعراق ولبنان واليمن.

وهناك تفاؤل بإيجاد أرضية مشتركة للانطلاق نحو حلول جذرية حملها معه أمير الكويت تتويجاً لتجربته العريقة والدور الذي لعبه خلال أكثر من نصف قرن.

وهذا ينطبق أيضاً على بدء الحوار السعودي الإيراني وفتح الباب على إعادة الحرارة للعلاقة بين البلدين في عهد الرئيس حسن روحاني، كما كانت بين الملك عبد الله والرئيسين محمد خاتمي وهاشمي رفسنجاني. وجاء الإعلان عن توجيه الدعوة من المملكة لوزير الخارجية الإيراني جواد ظريف لتكريس هذا التوجه على رغم تأجيل الزيارة التي ما زالت قائمة مع عدم استبعاد قيام الرئيس روحاني نفسه بزيارة إلى السعودية في مرحلة لاحقة.

- الزيارة اللافتة لملك المغرب محمد السادس إلى تونس وتوقيع اتفاقات شاملة تمهد لقيام محور مغاربي يواجه الأخطار القائمة (وبينها أحداث ليبيا) ويعمل على سد الأبواب أمام الإرهاب ومعالجة جذوره.

- توسيع رقعة الاتصالات والانفتاح على القوى الدولية الفاعلة عبر عدة اتصالات مهمة وزيارات لافتة مثل الجولة التي قام بها ولي العهد السعودي الأمير سلمان بن عبد العزيز وشملت الصين واليابان والهند وباكستان وغيرها.

- اتفاق المصالحة الفلسطينية وتشكيل حكومة وحدة وطنية بمباركة حركتي «فتح» و»حماس» والمنظمات الأخرى والبدء بخطوات إعادة الثقة المفقودة بين الطرفين ووصل ما انقطع وإعادة توحيد نواة الكيان الفلسطيني بين قطاع غزة والضفة الغربية. وقد قوبلت هذه الخطوة المباركة بارتياح وفرح وأمل بالانفراج وتخفيف الأعباء عن كاهل الشعب الفلسطيني والرد على التعنت الإسرائيلي. وهذه الخطوة تصب بدورها في مصلحة الأمن القومي في وجه العدو الحقيقي للعرب وهو إسرائيل التي تمادت في غيّها.

كل هذه الخطوات والجهود الحميدة تدفع للأمل بعودة الروح للعمل المشترك بعد سنوات الإحباط والخيبات التي أضاع فيها العرب البوصلة التي تدل عن مصدر العلة والعودة إلى جادة الصواب، والعود أحمد، لمواجهة جدية للإخطار القائمة والقادمة وهي تتراوح بين وضع حد للتعنت الإسرائيلي ومحاربة الإرهاب المستشري وضرب أي تهديد للأمن والتنسيق في شأن إيجاد حلول للأزمات الاقتصادية التي تثير التوترات إضافة إلى الأخطار النائمة مثل الأمن الغذائي والأمن المائي وقضايا الشباب وحل معضلة البطالة التي تعتبر قنابل موقوتة.

إنها مجرد بداية نأمل أن تتواصل فصولاً وتثمر وترسخ لتشمل جميع الأطراف العربية لعل خيبة الأمل تتحول إلى أمل، واليأس إلى فرج، والتشاؤم إلى تفاؤل، فتفاءلوا بالخير تجدونه قريبا بإذن الله.

( المصدر : الحياة 2014-06-16 )




مواضيع ساخنة اخرى

استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
  • لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :

اضف تعليق

يمكنك أيضا قراءة X


اقرأ المزيد