الأمهات السوريات اللاجئات في الأردن أمومة " معلّقة "
جى بي سي - لن تحصل سلمى، اللاجئة السورية في مخيم الزعتري شمال الأردن، على هديتها المعتادة والمتواضعة من ابنتها التي تدرس في الصف الخامس في المجمع التعليمي البحريني داخل المخيم.
فابنتها سالي لم تطلب منها 300 ليرة سورية، كما عودتها مع اقتراب عيد الأم من دون ان تذكر لها السبب، وتصر على كتمان السر الذي أوصتها به معلمتها في المدرسة.
وبحسب تقرير صحيفة الحياة اللندنية، تقول سلمى بحسرة: «كنت أعطيها المبلغ وأظهر نفسي أنني لا أعرف السبب، لا بل أحاول الضغط عليها مازحة من أجل معرفته، مظهرة شوقي الكبير الى معرفة المفاجأة». ولكن الطفلة تحاول جاهدة كتم سرّ مدرّستها، ولكنها سرعان ما تسأل أمها عن الألوان التي تحبها والمقاسات والملابس التي ترتديها، وهي تخفي حماستها لسماع الإجابات عن أسئلتها. تغرورق عينا سلمى بالدموع وهي تتحدث عن سالي التي تجلس الآن في خيمة من دون أن تستطيع إخراج يديها من تحت البطانية من شدة البرد، وكيف أمضت معها خمسة أيام في المستشفى الميداني في المخيم بعد إصابتها بأزمة برد في صدرها حوّلت أنفاسها الى ما يشبه الصافرة.
ولا تجد سلمى ما يعزيها بغياب أجواء يوم الأم عن أسرتها المكوّنة من خمسة أفراد سوى رؤية سالي تلعب مع شقيقتيها الصغيرتين ببعض بقايا خيام محروقة أو أوانٍ هجرها أصحابها بعدما وقّعوا على كفالات بالعودة الطواعية الى الوطن أو الخروج من المخيم للعمل وفقاً لتعليمات الحالات الإنسانية.
وتهون قصة سلمى الثلاثينية كثيراً عن قصة جميلة الأربعينية التي أصبحت تنتابها حالات متلاحقة من العصبية والإغماء بعدما فقدت زوجها وطفليها (دون العاشرة) في قصف عشوائي أصاب بيتهم المجاور لمركز أمني استولى عليه الثوار، لتخرج من تحت الأنقاض فاقدة إحدى قدميها.
تقول جميلة التي حملها أشقاؤها على نقالة إلى مدينة الرمثا الحدودية، بصوت أعياه البكاء والنحيب إنها لم تعد تريد الحياة، وانها تفضل الموت من أجل اللحاق بأسرتها، فيما يشير أشقاؤها إلى أنهم أنقذوها من محاولات عدة للانتحار. تجهش جميلة كلما نطقت بكلمة عن أبنائها.
ويوضح أحد أشقائها ان ابنيها كانا يلحّان عليها بضرورة مغادرة البيت بسبب شدة القصف وأصوات الانفجارات، ولكنها كانت تحضهما على الصبر وتطلب منهما التشبث بالبيت والوطن، قائلة ان «بشار سيسقط... قريباً».
ويشير الى ان شقيقته كانت ضد ترك بيتها في رنكوس، إحدى ضواحي دمشق التي ولدت وعاشت فيها، ما أجبر زوجها على اللجوء مع أشقائه الى منطقة في ريف السويداء، المحافظة الآمنة نسبياً، لكنه عاد الى بيته راجياً منها ان تلجأ معه الى حيث توجد عائلته. إلا ان القدر الذي كان يفر منه كان في انتظاره في المنزل حيث سقط عليه صاروخ قتله مع طفليه.
يتواصل تدفق اللاجئين السوريين إلى الأراضي الاردنية بمعدل ألفي شخص يومياً. ووصل عدد السوريين داخل المملكة إلى حوالى 445 ألف لاجئ موزعين على كل المناطق، وخصوصاً مخيم الزعتري الذي يضم وحده حالياً أكثر من 128 ألف لاجئ، وفق المنسق العام لشؤون اللاجئين السوريين في الأردن أنمار الحمود.
ويقيم اللاجئون السوريون في ثلاثة تجمعات رئيسة في الأردن، وهي مدينة الرمثا الحدودية ومخيم الزعتري في محافظة المفرق، فيما يتوزع الآلاف منهم لدى أقاربهم في مناطق أخرى، من بينها إربد والزرقاء والعاصمة عمان.
وكثيراً ما يتعرض السوريون للإصابة بأعيرة قناصة الجيش النظامي أثناء اجتيازهم الحدود إلى الأردن، ما يودي بحياة الكثير منهم قبل ان يطأوا أرض اللجوء، فيما تنقل غالبية الناجين الى مخيم الزعتري (35 كيلومتراً جنوب الحدود السورية) الذي يصفه اللاجئون بأن «نار بشار أهون من العيش فيه»، ما يدفع الكثير منهم الى طلب العودة إلى بلادهم.
غير ان المسؤولين الأردنيين، وخصوصاً رئيس الوزراء عبدالله النسور، يلقون باللائمة دوماً على الجهات والمنظمات الاغاثية الدولية. ويرى النسور ان الأخيرة قصرت في مدّ يد العون إلى الأردن الذي يعاني أصلاً أزمة اقتصادية خانقة، من أجل تقديم المساعدة المثلى للاجئين السوريين في أراضيه.
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews