الجعفري والفيتو ومحكمة الجنايات الدولية

استخدمت كل من روسيا والصين الجمعة حق النقض (الفيتو) ضد صدور قرار في مجلس الأمن الدولي يقضي بإحالة الملف السوري إلى محكمة الجنايات الدولية.

بذلك ، عطلت روسيا والصين - مجدداً - مشروع قرار جديد ضد النظام ، ولقد أحبط مشروع القرار الذي طرحته فرنسا في ١٢ أيار/ مايو وحظي بدعم ٦٥ دولة ويعنى بإحالة جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبها نظام الأسد في سورية إلى المحكمة الجنائية الدولية ، مما يعني إعطاء رخصة مستمرة لنظام الإجرام لمزيدٍ من العنف والقتل في ظل هذه المجازر التي دخلت عامها الرابع.

والمضحك المبكي ، هي تلك الكلمة التي قدمها بشار الجعفري مندوب الأسد الدائم لدى الأمم المتحدة ، والتي هاجم فيها فرنسا وطالبها بالاعتذار العلني عن حقبة الاستعمار التي سرقت خلالها خيرات سورية والشعب السوري ومطالبته إياها بدفع تعويضات .

فقد أشار إلى ضرب فرنسا للبرلمان السوري بتاريخ ٢٩/٥/١٩٤٥ عقب إعلان مجلس الأمن استقلال إقليم سورية عن الاحتلال والوصاية الفرنسية.

وعن دور فرنسا في اتفاقية سايكس بيكو وما نتج عنه من سلخ لواء الاسكندرون السوري والتنازل عنه لتركيا كي لا تدخل الحرب إلى جانب ألمانيا.

وأشار الجعفري في كلمته إلى مسؤولية فرنسا عن إدخال الإرهاب الإسرائيلي إلى منطقة الشرق الأوسط في خمسينيات القرن الماضي.

ولقد تناسى هذا الجعفري مندوب الأسد والعميل هو ورئيسه لإيران الفارسية ، تبعية نظام الأسد منذ عهد أبيه ولغاية هذه اللحظة لإسرائيل التي عبّر عنها ابن خال بشار الأسد المدعو رامي مخلوف عندما قال في لقاء صحفي مع بدايات الثورة السورية : “ أن أمن إسرائيل من أمن النظام السوري " .. وإلا فبماذا نفسر ادعاءاته بالمقاومة وهو لم يطلق رصاصة واحدة باتجاه الجولان المحتل من قبل إسرائيل منذ ما يقرب من نصف قرن .

لا بل قد دفعه غروره للحديث عن الأردن دون الإشارة بالاسم متهماً إياه بـ " دعم الإرهابيين وتسهيل حركتهم " وفق زعمه .

إن هذا الجعفري الذي يتحدث عن فداحة الإرهاب ويدعي إتخاذ نظام الأسد كافة التدابير للقضاء على الجماعات الإرهابية وتحقيق العدالة " الأسدية " نسي التقارير المؤلمة التي كشفت إجرام هذا النظام ودمويته منذ استيلاء حافظ أسد على السلطة إلى آخر قطرة دم سورية أراقها بشار ، وليس آخرها ما ظهر في الشهر الأول من العام الحالي والتي تتضمن صوراً عن انتهاكات ارتكبها نظام الأسد من تجويع وتعذيب وقتل لآلاف المعتقلين ، وهي انتهاكات واسعة وممنهجة تعد جرائم حرب دولية وخطيرة.

ومؤخراً ظهرت صور جديدة تدل على انتهاكات مستمرة بحق المعتقلين وتعرضهم للضرب المبرح والتعذيب والخنق والحرق والتجويع لفترات طويلة .

ماذا يسمي هذا الجعفري تقارير منظمات حقوق الإنسان الدولية ، وشهادات الأهالي في سورية حول استشهاد أبنائهم المعتقلين في السجون السورية تحت التعذيب ؟.. ماذا يسمي عدم تسليم الأمن السوري للأهالي جثث أبنائهم لدفنها ؟ ..

هو من يتبجح ويتحدث عن عقوبات اقتصادية فُرضت على رئيسة لجنة الإغاثة الوطنية في سورية معتبراً إياها فضيحة العصر، بينما نظامه الذي يتغنى بديمقراطيته وعدالته ألقى القبض على آلاف السوريين الذي عملوا في بدايات الثورة في العمل الإغاِثي معتبراً إياه عملاً إرهابياً، وجميعنا نستذكر " بيان الحليب " الذي أصدره مجموعة من الفنانين والمثقفين السوريين مع بدايات الثورة السورية لتأمين إيصال الحليب والمساعدات الإسعافية إلى أطفال درعا، حيث تعرض فيما بعد كل من وقع على هذا البيان إلى الملاحقة والتهديد وتشويه السمعة.

إن هذه الانتخابات والعرس الديموقراطي الذي يتباهى به الجعفري ونظامه هو رقص على دماء السوريين الأبرياء وعلى رُكام مدنهم في حمص ودير الزور وريف دمشق وغيرها .

وكما ادعى طيلة ٤٠ عاماً محاربته وممانعته ومقاومته لإسرائيل التي لم يطلق رصاصة واحدة باتجاهها ، ها هو يدّعي محاربته ومكافحته للإرهاب والمتطرفين وهو لم يطلق رصاصة أو يبعث بطائرة واحدة باتجاه مدينة الرقة معقل الإرهاب وداعش وما بينهما .

الدكتور فطين البداد 

fateen@jbcgroup.tv