75 بالمئة من إذاعات قطاع غزة حزبية وحكومية.. والصحف والفضائيات الخاصة شبه غائبة
جي بي سي نيوز :- تزايدت أعداد الاذاعات على موجة الأف أم في قطاع غزة مؤخرا، وطبعَ أغلبها بطابع حزبي أو حكومي، في حين كانت الزيادة في أعداد الصحف والفضائيات تقليدية.
الطابع الحزبي والحكومي الذي صبغَ الاذاعات المحلية ترافق مع ضعف في مضمونها وفق عدد من المواطنين، فالبعض يعتبرها تُروّج لأهداف معينة بعيدا عن أهداف الاعلام الحقيقية، معتبرين أن ما تقدمه هي مواد خاصة لجمهورها لا للمستمعين كافة، في حين رآها البعض ضرورية لخلق حالة من التوافق في المجتمع الفلسطيني بين الفصائل المختلفة، أو بين الحكومة والمواطنين.
فأثير قطاع غزة وفق ما رصده "مراسل جي بي سي نيوز" يحمل موجات لعشرين إذاعة محلية، وهي من المفترض أن تخاطب مليون وثمانمائة وخمس وستين ألف نسمة يقطنون 365 كم فقط، إضافة إلى اذاعتين دوليتين يُعاد بثهما داخل القطاع وهما الـ"بي بي سي" و "الجزيرة"، ناهيك عن أن أثيره محتلاً بشكلٍ كامل من قِبل اسرائيل.
وعدد الفضائيات والصحف اليومية والأسبوعية الخاصة والحزبية مجتمعةً لا تتعدى نصف عدد تلك الإذاعات، وهي لا تُشبِع رغبات الجمهور الفلسطيني، إذ أن التراشق السياسي بين الأحزاب الفلسطينية هو المُسيطر على سياستها.
أستاذ الإعلام بالجامعة الاسلامية في غزة مُحسِن الافرنجي أشار في حديثه لمراسل "جي بي سي نيوز" إلى أن المتتبع لخارطة الإعلام الإذاعي في قطاع غزة يجد أن الاحزاب الفلسطينية والمؤسسات لها اليد "الأطول" في السيطرة على أهم الإذاعات المحلية، لافتاً إلى أنه لا يوجد استثماراً كافياً في مجال الإعلام الإذاعي المستقل والخاص الذي لا يخضع للشروط السياسية، شريطة ألا يخضع أيضاً لاعتباراتٍ تجارية ومالية بحتة، حسب قوله.
وقال :"الأمر ليس متعلّقاً بالعدد قدر تعلُّقه بالإمكانات المادية والفنية ومساحة الحريات المتاحة للجميع على قدرٍ متساوٍ، مضيفاً :"وهذا أمر من الصعب أن يكون متاحاً في ظل غياب القوانين المنظَّمة للعمل والتجاذبات السياسية وحالات المد والجزر التي تصيب السياسيين فتلقي بظلالها على العمل الاعلامي".
وبيَّن الإفرنجي أن القطاع ليس بحاجةٍ إلى المزيد من الإذاعات ما لم تضف جديدً، موضحاً :"قطاع غزة الصغير من حيث المساحة والكثيف سكانياً والأسخن سياسياً يحتاج إلى إذاعات تسهم في تنميته وحمايته وإيصال رسالته إلى المسئولين بكل شفافية، وأعتقد أن 20 إذاعة محلية تغرّد في منطقةٍ محاصرة واحدة كافية جداً، خاصة في ظل النمطية والتقليدية التي تُهيمن على عدد منها".
وأشار إلى أن العمل الإذاعي المتميّز يعتمد على الإنتاج والمضمون الذي يلبّي حاجات المجتمع والجمهور الفلسطيني، متسائلاً عن مدى اهتمام الإذاعات بدراسة احتياجات الجمهور ورغباته واتجاهاته نحو أدائها وسبل تطويره، مؤكداً أن العمل الإعلامي في غزة غير خاضع لمعايير الجودة في العمل.
وحول عدم وجود فضائيات خاصة تشبع رغبات الجمهور وتغطّي كافة الأذواق، قال مدير عام وزارة الاعلام بحكومة غزة سلامة معروف لـ"جي بي سي نيوز" إن الفضائيات كعملٍ إعلامي لابد أن يستند إلى قاعدة اقتصادية واستثمارية كبيرة، نافياً أن يكون للأمر علاقة بإجراءات الترخيص من قِبل الحكومة.
وأوضح معروف :"يجب أن يوجد اعلانات ورعايات تغطّي نفقات المشروع وفيها جدوى استثمارية، وتجارب رجال الأعمال الناجحة في هذا المجال دليل على ذلك، غير أن محدودية الشركات العامة التي يمكن أن تقدم رعايات للبرامج والحصار الذي يشهده القطاع أفشل عدد من التجارب، وهذه الظروف لا تُشجّع رجال الاعمال على المغامرة بافتتاح فضائيات".
عادت الصحف اليومية الصادرة بالضفة الغربية الثلاثة "الأيام والحياة الجديدة والقدس" بعد منعِ حكومة حركة حماس المسيطرة على قطاع غزة لها ثمانية أعوام، والتي اقتصر خلالها وجود الصحافة المكتوبة فقط على واحدة يومية تنطق باسم حركة حماس، وخمس صحف أسبوعية ونصف شهرية حزبية ومستقلة ومتخصصة جميعها حديثة العهد.
رئيس مجلس إدارة شركة "برو إيفينت" للإنتاج الإعلامي التي تُصدر صحيفة الرياضية الأسبوعية نعمان شتيوي أرجع عدم ظهور صحف يومية جديدة في قطاع غزة إلى عدة أسباب وتحديّات أساسية متمثّلة بتكلفة الطباعة الباهظة وعدم وجود ثقافة الإعلان، إضافةً لإختفاء ثقافة القراءة، وفق قوله.
متابعاً :"يخلو قطاع غزة من مطابع مخصصة للصحف، إضافةً إلى أن إمكانيات المطابع المتوافرة في غزة بسيطة وهي بالأساس ليست مخصصة للصحف، لذلك فإن تكلفة الطباعة في غزة يساوي ثلاثة أضعاف الثمن في الدول المجاورة أو الضفة الغربية، فعلى سبيل المثال المبلغ الذي يتم فيه طباعة ألف نسخة بغزة بإمكاننا طباعة ثلاثة آلاف نسخة فيه بالدول المجاورة والضفة الغربية"
وأضاف شتيوي :" ثقافة الإعلان من قِبل شركات القطاع الخاص والمنظومة الاقتصادية منعدمة تقريباً، وهو ما أدى إلى ندرة الإعلانات في الصحف القليلة بغزة والتي تعتمد بالأساس على عليها كمصدرٍ رئيسي لها، إضافةً إلى أننا نعاني من ضعف ثقافة القراءة لعدم وجود صحف في غزة.
لا تتوقف العوائق التي تقف حجر عثرة أمام انشاء الصحف والفضائيات في غزة عند حاجز التجاذبات السياسية أو القوانين المنظّمة للعمل الإعلامي، أو ضعف التمويل والاستثمار فيها، وإنما يتعداها ليصل إلى عرقلة اسرائيل بشكلٍ غير مباشر.
إذ قال الخبير في البث الإذاعي والتلفزيوني م.عاطف عيسى إن إسرائيل لا تمنع من إقامة فضائيات فلسطينية في قطاع غزة، إلا أنها تمنع إدخال الأجهزة والمعدات للفضائيات، موضحاً :"تدخل الأجهزة إلى قطاع غزة عبر طرقٍ غير قانونية من خلال التحايل وتفكيكها وإدخال كل قطعة على حدا باعتباره قطعة غيار أو جهاز للكهرباء أو للانترنت"
تلك المشاكل هي جزء من المعيقات التي تضعها اسرائيل أمام تطوير الاعلام الفلسطيني، خاصة بشقَّيه الإذاعي والتلفزيوني، ناهيك عن حجب الترددات الإذاعية للفلسطينيين من قبل إسرائيل أشار الخبير في البث الاذاعي والتلفزيوني م. عاطف عيسى إلى أنه من المفترض حصول السلطة الفلسطينية على ترددات وفقاً لاتفاقية أوسلو من قِبل الاتحاد الدولي للاتصالات الذي يُنظّم قطاع الاتصالات في العالم ويمنح الترددات الخاصة لكل دولة، لافتاً إلى أنه لم يتم منحها ترددات خاصة بكل الطيف الترددي الاذاعي والتلفزيوني والفضائي، وتُركت هذه المسألة لإسرائيل.
وأوضح عيسى أنه ومنذ مجيء السلطة وحتى أربع سنوات سابقة كانت عملية تحديد تردد على موجة الـ FM تعتمد على اجتهاد المهندسين، مضيفاً :"كل مهندس يفتح الراديو ويبحث عن تردد فارغ ويبث عليه إذاعته، مما سبَّب مشكلة، فحينما كانت تبث إذاعة أو اثنتين لم تكن المشكلة ظاهرة، لكن حينما زاد عددها إلى أكثر من عشرين، أصبح هناك مشكلة في تداخل الترددات على بعضها نتيجة عدم وجود إشراف من قِبل وزارة الاتصالات".
وتابع :"يرجع أيضاً إلى غياب الخبرة الكافية واستيراد أجهزة بث لا تخضع للمواصفات العالمية التي تحدد احتواء كل جهاز بث إذاعي على فلتر ينظّم التردد الذي تبث عليه الإذاعة، إضافة إلى أن التداخل بين الاذاعات الفلسطينية في غزة والإسرائيلية يحصل بسبب قوة محطات الارسال الفلسطينية التي تؤثر على الاذاعات الاسرائيلية، وأحياناً أخرى الاذاعات الاسرائيلية يتداخل بثها على الإذاعات في غزة".
( المصدر : جي بي سي نيوز - قطاع غزة - محمد عثمان )
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews