انخفاض الأسعار يوجّه مدخرات الصينيين للذهب
جي بي سي نيوز- تنفست أسواق الذهب العالمية الصعداء بعد إصدار مجلس الذهب العالمي تقريره تحت عنوان "سوق الذهب في الصين.. التقدم والآفاق"، وذلك بعد حالة من الترقب والقلق انتابتها خلال الأيام الماضية بعد تكهنات سلبية بشأن توقعات طلب الصين على الذهب هذا العام.
فقد تجاوزت الصين الهند العام الماضي كأكبر مستهلك للذهب في العالم. وبفضل انخفاض أسعار المعدن النفيس ارتفع الطلب الصيني على المجوهرات وعملة الباندا وسبائك الذهب الصغيرة، وفضل الصينيون تحويل مدخراتهم المالية إلى ذهب واقتناص فرصة انخفاض الأسعار على أمل بيعه عند الحاجة أو عند ارتفاع أسعاره. وقدر مجلس الذهب العالمي الزيادة في طلب الصينيين على الذهب عام 2013 بنحو 32 في المائة لتصل إلى 1066 طنا.
إلا أن الأسابيع الماضية شهدت تحليلات تشير إلى احتمال عدم حدوث تغير في إجمالي الطلب الصيني على الذهب هذا العام مقارنة بالعام الماضي، بل تكهنت صحف اقتصادية كبرى من بينها "وال ستريت" بتراجع الطلب الصيني مع انخفاض معدلات النمو الاقتصادي، والقيود المفروضة على الأسواق الائتمانية. وسواء اتصف الطلب الصيني بالثبات أو التراجع، فإن الأمر كان سيمثل أنباء سيئة لأسواق الذهب الدولية. فمنذ عام 2002 والطلب الصيني على الذهب في ارتفاع متواصل.
وكانت تلك الترجيحات - إن تحققت - كفيلة بإحداث هزة في الأسواق الدولية تؤدي إلى تراجع نسبة 10 في المائة التي حققها سعر الذهب منذ بداية العام حتى الآن، فالأزمة الأوكرانية وانخفاض معدلات الفائدة في البلدان الصناعية الكبرى، إضافة إلى الانتكاسات الاقتصادية التي منيت بها الأسواق الناشئة، عوامل أدت إلى إقبال دولي على المعدن النفيس ودفعت أسعاره للأعلى. ويشير تقرير مجلس الذهب العالمي إلى أن الطلب الصيني سيرتفع بنحو 20 في المائة خلال السنوات المقبلة، ويرجع ذلك إلى تحول أعداد كبيرة من سكان الريف إلى الحياة في المدن، ومن ثم تزايد الطبقة المتوسطة الصينية وسيتراوح عددها عام 2020 بين 300-500 مليون شخص. وغالبا يفضل أفرادها الحافظ على مدخراتهم في شكل مجوهرات أو سبائك ذهبية.
ويؤكد التقرير بشكل واضح أن عام 2014 سيكون عاما "لتدعيم" اتجاهات سوق الذهب الصيني، وليس عام شراء كثيف. فالإقبال الصيني الشره على شراء الذهب كما حدث في العام الماضي، ربما يكون أقل حدة من العام المنصرم، فالسوق المحلية مشبعة بدرجة ملحوظة.
ويعول مجلس الذهب العالمي على طلب القطاع الخاص الصيني. ويتوقع أن يبلغ 1350 طنا بحلول عام 2017. ومع هذا فإنه لا ينفي وجود تحديات ضخمة مع تغير النموذج الاقتصادي الذي تتبناه بكين. ويشير التقرير إلى أن "الصين تواجه تحديات مهمة بالانتقال من نموذج اقتصادي قائم على الاستثمار والتصدير إلى نموذج أكثر توازنا، حيث يقوم الاستهلاك الخاص بدور أكبر، ومع ذلك فإن التقرير يجد في النموذج الجديد إمكانية لاستمرار نمو الطلب الصيني على الذهب ويقول "على الرغم من أنه لا يجب الاستهانة بالمخاطر المرتبطة بهذا التحول الاقتصادي إلا أن النموذج الجديد يؤدي أيضا إلى زيادة الإنفاق لدى المستهلكين المحليين، وهذا يمكن أن يصب في صالح قطاع المجوهرات".
ويراهن التقرير على القدرات الادخارية للأسر الصينية لتشجيع شراء الذهب. إذ تبلغ مدخراتهم النقدية في المصارف 7.5 تريليون دولار، بينما تمتلك تلك الأسر ذهبا بما قيمته 300 مليار دولار فقط، وهي نسبة صغيرة من حجم إجمالي مدخراتهم المالية، ولهذا يأمل مجلس الذهب العالمي أن يتجه المستهلك الصيني لتحويل مدخراته من العملات سواء المحلية أو الأجنبية إلى الذهب، يشجعه في ذلك الجاذبية الراهنة للمعدن الأصفر وأسعاره المعقولة.
ويعلق ستيف هيل من رابطة لندن لأسواق السبائك (LBMA) لـ "الاقتصادية": يبدو أن الاتجاه العام المستقبلي للمعدن النفيس في الصين إيجابي، لكن تحرير الأسواق المالية في الصين أمر يجب أخذه في الحسبان، وقد يضعف هذا جاذبية الذهب، فانتعاش أسواق الذهب في الصين يعود في جزء منه إلى عدم توافر قنوات ادخارية متنوعة في الاقتصاد الصيني، وتحرير الأسواق المالية يؤدي إلى توافر المزيد من الأوعية الادخارية، والذهب سيكون واحدا منها، وليس بالضرورة أفضلها".
ويضيف: "الأمر الإيجابي أن عملية تحرير الأسواق المالية في الصين ستكون تدريجية، ومن ثم يمكن لأسواق الذهب أن تتأقلم مع هذا الوضع".
وكان التقرير قد أشار إلى أن المستثمرين الصينيين ادخروا ذهبا بقيمة 77 مليار دولار العام الماضي، وهي نسبة ضئيلة أيضا من مدخراتهم المصرفية، ما يعني وجود أفق واسعة لزيادة الطلب المستقبلي على الذهب.
كما يعلق الدكتور فيل بايكر أستاذ مادة النقود والبنوك في جامعة نيوكاسيل لـ"الاقتصادية": "لم يكن من الممكن انتعاش الطلب على الذهب في الصين دون دعم ومباركة السلطات. فامتلاك الذهب من قبل المواطنين تعتبره السلطات أمرا جيدا ودليلا على زيادة الثروة لدى الدولة الصينية، كما أن بكين تستخدمه كوسيلة لامتصاص الفائض من العملات النقدية، ما يحد من التضخم المتوقع جراء زيادة المعروض من النقود نتيجة الفائض التجاري الضخم لدى الصين".
وتعد الصين أكبر مستهلك للسبائك الذهبية في العالم، إضافة إلى أنها أكبر منتج للذهب، وخلال العقد الماضي زاد إنتاج الصين من الذهب من 217 طنا إلى 437 طنا، إلا أن مجلس الذهب العالمي يتوقع تراجع الإنتاج الصيني لنضوب المناجم وتقلص الاحتياطات، ما يؤدي إلى ارتفاع تكلفة الإنتاج وانخفاض الربحية، وتزايد الإجراءات والقوانين المنظمة لعملية التنقيب سيقلص الإنتاج في الأجلين القصير والمتوسط.
وكانت البيانات الرسمية لعام 2013 قد أظهرت أن الصين استوردت وأنتجت ذهبا أكثر كثيرا مما اقتناه السكان، ويعتبر الكثير من المختصين في تجارة الذهب أن الفارق يقوم البنك المركزي الصيني بشرائه، إلا أن البنك المركزي الصيني لم يصدر أي بيانات عن حجم احتياطاته من سبائك الذهب منذ عام 2009، حيث قدر ذلك بـ 1054 في حينها.
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews