529 إعدامًا في 20 دقيقة
انحطاط النظام الانقلابي في مصر وإجرامه وصل إلى درك لا يمكن قياسه، لأنه خارج عن كل السياقات الأخلاقية والإنسانية والقانونية، ويتجلى ذلك في إصدار حكم بإعدام 529 شخصا من مؤيدي الشرعية والإخوان المسلمين المعارضين للانقلاب خلال عشرين دقيقة.
هذا الأحكام الجماعية في قضية يفترض أن تضم ثلاثة آلاف صفحة، ومئات الشهود والإثباتات وغيرها من المتطلبات القانونية، دفعت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية إلى القول إنها "تتحدى المنطق" وتثير الصدمة ولا تنسجم مع المعايير الدولية، وأذهلت روبرت كولفيل المتحدث باسم المفوضية العليا لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة بطريقة جعلته يتهم السلطة الانقلابية في مصر بتنفيذ عملية إعدام جماعي بطريقة غير مسبوقة، بقوله :"العدد المذهل للأشخاص الذين حكم عليهم بالإعدام في هذه القضية لم يسبق له مثيل في التاريخ الحديث، وإن إصدار أحكام الإعدام الجماعية هذه بعد محاكمة كانت مليئة بالمخالفات الإجرائية هو انتهاك للقانون الدولي لحقوق الإنسان".. ووصفت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين الأحكام بأنها "تمثل نكرانا غير مقبول لكرامة الإنسان"، وسخرت جريدة نيويورك تايمز من المحكمة وقالت:"إن الحكم عرض مسرحي لعملية سياسية مقررة سلفا، فالقاضي كان يقصد في حكمه استفزاز وإخافة أي شخص يتجرأ على تحدي العسكر ، أو دعم وإظهار التعاطف مع الإخوان المسلمين ومحمد مرسي الذي انتخب رئيسا عام 2012، وهو أكبر حكم جماعي يصدر في تاريخ مصر الحديث، جاء بعد محاكمة استمرت ليومين، ليست كافية لتقديم مرافعة ضد شخص واحد علاوة على 529 شخصا، فاتهام مثل هذا العدد الكبير في مقتل رجل واحد مثير للسخرية ومناف للعقل".
وقالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" إن هذه المحاكمات تسفر عن "أحكام مشينة تمثل انتهاكا خطيراً للعدالة"، وطالب محامون ومنظمات حقوقية أمريكية بالضغط على النظام العسكري الحاكم في مصر لإنهاء "العبث" القضائي، بعد ما توالت أصداء "حكم الإعدامات" في مصر من قبل سلطات الانقلاب، وأعرب "الائتلاف العالمي للحريات والحقوق "عن "قلقه من مدى تدهور الأوضاع الحقوقية والقانونية في مصر، وإن صدور مثل الأحكام يثبت أن القضاء المصري متورط وبشدة في ممارسة الانتهاكات الحقوقية والقانونية التي تتم في مصر منذ الإطاحة بالرئيس الشرعي محمد مرسي".
واعتبر المرصد المصري للحقوق والحريات أحكام الإعدام بأنها "قتل واضح وصريح للعدالة والقانون المحلي والدولي، ووصمة عار في جبين القضاء الانقلابي، لأنه لم يراع حق الإنسان في الحياة ، ويخالف العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وعبر عبدالله الحداد عضو لجنة العلاقات الخارجية لحزب الحرية والعدالة عن ذهوله لمستوى القضاء المصري وقال:" من المخزي رؤية القضاء في مصر بهذه الصورة ، هذا القضاء مجرد أداة اضطهاد لصالح زعيم الانقلاب العسكري".
هذه جملة من المواقف الدولية والعربية حيال هذه الأحكام التي تفتقر إلى أي معايير عقلانية من قبل نظام انقلابي يسجن 22 ألف مصري في زنازين قذرة ومكتظة مخالفة لكل الشروط الإنسانية التي تليق بالبشر.
لابد من إسقاط الانقلاب والانقلابيين الذين عاثوا في مصر فسادا، بمساندة الأجهزة الفاسدة في القضاء والإعلام، لأنه تجاوز كل الخطوط الحمراء في الديكتاتورية والعنف والتسلط وانتهاك حقوق الإنسان والقتل والإعدامات.
الأمة العربية كلها تخوض معركتها في مصر، والمستقبل العربي كله مرهون بما يحدث في مصر، وسقوط الانقلاب والفلول كفيل بفتح الأبواب أمام آفاق أرحب أمام العرب من المحيط إلى الخليج.
ليس هناك حاجة إلى دليل على مدى إجرام النظام الانقلابي مما يجري، فهؤلاء الانقلابيون قتلوا 6000 إنسان وسجنوا 22000 وحرقوا الجثث وجرفوا الموتى في الجرافات واعتدوا على النساء في الشوارع وقتلوا الطلاب في جامعاتهم، ووظفوا الإعلام الفاسد، وحولوا القضاء الفاسد إلى مقصلة اعدامات دموية لامثيل لها في التاريخ الحديث، من أجل السيطرة على حكم مصر.
لا يجوز السكوت على هؤلاء الانقلابيين المجرمين، والساكت عنهم شيطان أخرس، فهؤلاء يقتلون شباب مصر ويدمرون مستقبل مصر والعرب، إنهم يدمرون مستقبل الأمة كلها، ولهذا فإن إسقاطهم واجب وضرورة لازمة لابد منها، ولا بد من إعادة الشرعية التي اختارها المصريون عبر صناديق الاقتراع.. فمستقبل مصر والأمة العربية مرهون بسقوطهم.
( الشرق 28/3/2014 )
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews