ولاية رئاسية رابعة لبوتفليقة
ترشح الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة لولاية رابعة يعني انه تم انتخابه وفق تقليد المؤسسة العسكرية الجزائرية. انه قرار غريب لمؤسسة عسكرية كان بإمكانها ان تختار بين مئة مرشح على الأقل من الشخصيات الجزائرية المرموقة. فلماذا في عهد الثورات العربية المحيطة بالجزائر اختارت التجديد لرئيس أتعبه المرض الى حد انه لم يتكلم منذ سنة مباشرة مع شعبه. حتى ان رئيس حكومته عبدالملك سلال هو الذي اعلن عن ترشحه. والأغرب من ذلك ان رئيس الحكومة هو رئيس حملته الانتخابية. فكم كان افضل ان يتم ترشيح سلال مثلاً. ما أغرب هذا القرار وبوتفليقة غير قادر على ادارة بلد يتطلب توجهاً جديداً لمواجهة البطالة الشابة المتزايدة فيه. فقد قال مسؤول جزائري لـ «الحياة» ان الرأي العام في الجزائر منقسم. فهناك من يتوقع ان البلد ذاهب الى كارثة لانه لا يمكن ان يحكمه رجل مريض ونظام البلد بحاجة الى إعادة نظر كاملة ولن يكون بوتفليقة قادراً على ذلك. وهناك البعض الآخر الذي لا يوافق ذلك ويقول انه ما زال يملك كل قدراته العقلية ولو ان لديه صعوبة في التنقل وهذا ليس مهماً فينبغي ألا ننسى انه مجاهد وهو رجل فوق العادة. فحتى بين الشباب هناك من يقول ان بوتفليقة وحده بإمكانه ان يحكم البلد. ولكن توقع المسؤول انه حتى لو انتخب رئيساً لولاية رابعة ستكون هناك انتخابات رئاسية أخرى بسرعة نظراً لوضعه الصحي المتدهور. والبعض الذي يؤيد انتخاب بوتفليقة يعتبر ان ذلك افضل من الفراغ الذي هو متوقع نتيجة الخلاف داخل المؤسسة العسكرية. وهناك داخل المؤسسة العسكرية بعض القيادات التي لديها ما يكفي من العقلانية لتفهم انه لا يجوز وضع مسؤول مريض على رأس بلد يحتاج الى قدرة كبيرة.
فالمحيطون ببوتفليقة والمقربون منه يريدون الحفاظ على امتيازاتهم كما انه قد يكون هناك بعض قضايا الفساد يريدون تغطيتها ويتخوفون من ان تتم المحاسبة عليها اذا لم يعد رئيساً. فمحيطه والاوساط التي تدور حوله وجزء من المؤسسة العسكرية يعتبرون ان من الافضل الحفاظ على الوضع القائم وان رئيساً مريضاً او في كامل الصحة لا أهمية لذلك. فالمهم ان يبقى. فهذه مأساة لبلد كبير وغني لان ترشيحه اولا هو عدم احترام للدستور الجزائري. فهل يمكن ان يكون رئيس الجزائر شخصاً لا يمكنه ان يعلن بنفسه عن ترشيحه وهل يمكن ان يكون للجزائر رئيس لا يشارك في الحملة الانتخابية وهل يمكن ان الرئيس المجدد له لم يستطع ان يتكلم الى شعبه منذ سنة وهل يمكن ان يوافق طبيب رسمي على اعطائه شهادة بأنه قابل للحكم وانه في كامل الصحة؟ اذن كل هذه اختراقات اوساط بوتفليقة ومن رشحه لا يبالي بها.
ويقول احد الجزائريين انه لو كان البلد في وضع مقبول آمن ومن دون مشكلات اجتماعية متفاقمة نتيجة بطالة الشباب لكان ممكناً الاكتفاء برئيس مريض ولكن البلد بحاجة الى رئيس قوي وبإمكانه ادارة امور البلد. والصحافة الجزائرية تعكس كل المشاكل الاجتماعية في الجزائر. ان التجديد لبوتفليقة لولاية رابعة (وهو فعلاً تجديد وليس انتخاباً) هو خطأ كبير لبلد غني يحتاج الى نهج جديد كلياً ليستفيد من هذه الثروة. فشعب الجزائر يستحق افضل من التجديد لبوتفليقة.
( الحياة 27/2/2014 )
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews