أغنية حزب الله عن " يبرود " تفاهة وإفلاس

لعل التخبط الذي يعيشه حزب الله جراء الضربات التي تقاها في سوريا ، وفي عقر داره " الضاحية الجنوبية والهرمل " دفعته إلى تأليف " أغنية " لعلها تخفف عنه شيئا بعد الضغط الهائل الذي يتعرض له ، والإفلاس الأمني ، واللوم الشديد الذي وجه إليه من قبل قيادته في إيران ، خاصة وأن الهجوم الأخير في بيروت استهدف للمرة الثانية مرفقا إيرانيا تحت حراسة الحزب " المركز الثقافي الإيراني " وها إن الهرمل يتعرض لهجوم مساء السبت .

نعم ، حزب الله لجأ إلى الأغاني لينسي جمهوره جراحاتهم ومآتمهم .

ماذا تراه سيقول لقواعده في لبنان وخارج لبنان ؟ .. هل سيقول لهم : إن الكاميرات التي زرعها في كل متر من الضاحية لم تكتشف الإرهابيين ، وسياراتهم المفخخة ، وهل سيقول لقيادته العليا في طهران : إنه عجز عن حماية مرفقا لها لمرتين في غضون أيام معدودات ، أم تراه يقول لذوي الضحايا المدنيين الأبرياء الذين تسبب تدخل حزب الله في سوريا بقتلهم جراء التفجيرات : إن قدرته على حماية " شعبه " باتت مستحيلة ، وإن عينه أصيبت بالعشى ، هل يقول ذلك لتسقط هيبته ، ويتمرغ أنفه في الوحل أمام من مده بالرجال ، والولاء ؟؟ .

لم يجد حزب الله من طريقة للخروج من مأزقه الشعبي والأمني في الضاحية وفي البقاع سوى بالأغاني ، ومحاولة تسجيل انتصار في يبرود ، وبالأحرى : انتصار وهمي في البلدة السورية القريبة من الحدود ( 14 كيلو متر ) : انتصار لم يسجل حتى الآن ، وقد يسجل لاحقا ، ولكن : لو حدث واحتل البلدة ، فإنه نفس سيناريو احتلال القصير ، ونفس الأحداث مع اختلاف في بعض التفاصيل .

إن الضربات التي تلقاها الحزب في عقر داره أفقدته أعصابه ، وها هي التسريبات الأمنية تتوالى عن لوم إيران لحسن نصر الله وأجهزته الأمنية ، وأقتبس هنا هذا التقرير الذي نشره موقع جي بي سي نيوز في الخامس عشر من شباط الجاري لارتباطه بمضمون هذا المقال .. يقول التقرير :

" كشف ملف ديفكه الجمعة : أن حزب الله اضطر للإعلان يوم 13\2 عن إلغاء إحياء الذكرى السنوية لرئيس جهازه الأمني عماد مغنية الذي تم اغتياله قبل ست سنوات عام 2008 في دمشق لأسباب أمنية .

ويقول الموقع الإستخباري الإسرائيلي كما ينقل عنه مراسل جي بي سي نيوز في القدس المحتلة : إن الاحتفال يعتبر بمثابة مناسبة مركزية قومية لحزب الله، وكان من المفروض أن يقوم زعيم الحزب حسن نصر الله بإلقاء كلمة خلالها. ورغم أن حزب الله لم يعلن عن أسباب إلغاء المناسبة، إلا أن مما لا شك فيه أنه ألغاها خشية العمليات الانتحارية التي تقوم بها القاعدة ومنظمات سنية أخرى في بيروت وفي المناطق الشيعية الأخرى في لبنان " .

أضاف التقرير :

" وقد عزز حزب الله الحراسة حول زعيمه حسن نصر الله وشخصيات رفيعة أخرى في الحزب إثر تلقيه معلومات استخبارية تفيد أن جهات إرهابية ستحاول اغتيالهم " .

وذكر الملف الإستخباري العبري :

" أن الجهات الاستخبارية التابعة له أفادت أن وفدا استخباريا إيرانيا وصل إلى بيروت في السادس والعشرين من كانون الثاني الماضي، وأن هذا الوفد سيبقى في بيروت خلال الأسابيع القادمة من أجل العمل على وقف العمليات التي تجري ضد حزب الله، والوفد مؤلف من ضباط مخابرات إيرانيين رفيعي المستوى من كتائب القدس، ومن جهاز المخابرات الأمني الإيراني، وقد عمد الوفد إلى تشكيل هيئة خاصة لمحاربة الإرهاب تعمل من السفارة الإيرانية في بيروت والتي يشارك فيها اثنان من كبار العاملين في الأمن في حزب الله هما مصطفى بدر الدين ووفيق شافع " . ( انتهى الإقتباس ) .

وأستذكر هنا : عندما عجز الحزب في البداية عن احتلال القصير أواسط العام المنصرم رغم حصار طويل وقصف بالقنابل الفراغية لأسابيع ، وهي مجرد بلدة معزولة قريبة من الحدود وساقطة عسكريا ، ومن ثم تمكن من احتلالها بعد انسحاب المقاتلين ، بدأ يصور للعالم بأنه فتح القسطنطينية ، ويبدو أن علي خامنئي صدق الرواية ، فبعث برسالة لنصر الله مهنئا ، بينما قام أعضاء الحزب بتوزيع الحلوى على إشارات بيروت ، فلو أمعنت في ذلك ، تدرك كم هو سخيف هذا الحزب ، وكم هي ساذجة قيادته العليا في طهران ، وكم هو غبي من صدق " بطولات " الحزب في القصير ورفعه لرايته من فوق مأذنة المسجد في تحد وفخر أجوف ، في ذات الوقت الذي جاء فيه بسيارة إسرائيلية وركنها في منطقة قريبة ليقول : بأن المعارضة مدعومة إسرائيليا ، وليتبين - لاحقا - بأن السيارة المذكورة لم تستخدم في الجيش الإسرائيلي منذ الثمانينيات ، أقول : الجيش الإسرائيلي الذي لم يطلق عليه هذا الحزب رصاصة واحدة منذ حرب 2006 .

ويعود الحزب تارة أخرى لتشبيحه ، من خلال حشد الرأي العام لديه مبشرا باحتلال " يبرود " مع أن هذه البلدة ليست سوى بلدة معزولة في القلمون - ريف دمشق - ، مثل القصير تماما - ريف حمص - ، وقد يتمكن الحزب جراء القصف الجوي ، وجراء المستشارين الأيرانيين والمناظير الليلية والصواريخ الحرارية والقنابل الفراغية وطائرات من دون طيار والإمكانات الهائلة التي يتمتع بها بدعم إيراني : قد يتمكن من احتلالها ، ولكن هذا الإحتلال سيكلفه غاليا ، وحتى مساء السبت سقط له أربعة قادة عسكريين كبار ، وأحرقت له دبابات وعجلات ووقع في كمائن تحيط بيبرود من مختلف الجهات ، حيث إن الثوار يقاتلونه في الجبال حتى هذه اللحظة ، فهل إسقاط يبرود بقوة إيرانية وغيرها هو هدف استراتيجي ، أم هدف " معنوي " يا ترى .

لقد خلق المحللون العسكريون من سقوط القصير خسارة الخسارات ، بينما هي خسارة جولة في معركة ، والحرب سجال. .

صفحات المعركة في يبرود التي تتعرض لهجوم منذ عشرة أيام تقول إنها تصمد حتى الآن صمودا بطوليا ، وتقول بأن الحزب يخسر عشرات القتلى ، ويقع في عشرات الكمائن ، بل إن الثوار بعثوا له بهدايا " الكونكورس " وسجلوا مجزرة لدباباته ، ونظرة سريعة على معارك يبرود في اليوتيوب يدرك المتابع كم هي جسيمة خسارات حزب إيران في لبنان ، وكم هو ساذج ليحشد كل قواه على يبرود من أجل نصر معنوي لا يقدم ولا يؤخر ، ولا يوقف الثورة أو ضرب الضاحية أو مشروع إسقاط الأسد ، والأهم أن أي نصر في يبرود لا يهدئ من روعه ولا يمحو من عاره في لبنان ولا في ساحات المعارك في سوريا .

ولعل من أبرز سخافات هذا الحزب ، تأليفه الأغنية المذكورة ، وبثها على يوتيوب ، وتتحدث عن سقوط يبرود في أول يوم أعلن فيه عن نية الحزب اقتحام المدينة ، حيث تقول كلمات هذه الأغنية : " احسم نصرك في يبرود ، حزب الله برجالك جود " .. فهو - من جهة - يعد قواعده باحتلال يبرود ، وقد يتمكن من ذلك لطبيعة المنطقة وحجم التسليح والتحريض ، ومن جهة أخرى يبلغهم مسبقا بخسارات بشرية فادحة " حزب الله برجالك جود " .

هل هناك أسخف من هذا الحزب ، سوى قيادته في طهران ؟ .

د . فطين البداد

 fateen@jbcgroup.tv