من يوقف "عنف الملاعب" في الجزائر؟
جميل أن يتحدث المسؤولون عن الرياضة في الجزائر، عن الملاعب التي من المنتظر أن تُدشن قريبا لاحتضان منافسات قارية أو إقليمية، أو عن التتويجات المتحصّل عليها في مختلف الرياضات، فيجعلون من الحبّة قبة، ويتباهون في مختلف وسائل الإعلام، حتى يخيّل لنا أننا توجنا بكاس العالم أو ميدالية ذهبية، فالكل يريد إرغامنا على حب الجزائر بطريقته، رغم أننا نحب بلدنا بالفطرة، ويعطوننا دروسا في الوطنية والشجاعة والتفوّق على الغير حتى بطرق غير رياضية، وشتان بين ما كان يفعله الرياضيون سابقا وما يفعله الجيل الحالي، حتى أصبحنا نستورد من يمثلون الجزائر من الخارج، ونعتبرهم خريجي المدارس الجزائرية، ومنهم حتى من لم تطأ أقدامهم بلادنا ولو مرة واحدة في حياتهم، ونهمل البضاعة المحلية ونعتبرها منتهية الصلاحية.
تحدثنا في مرات سابقة، عن الرشوة في كرة القدم التي تفاقمت بشكل لافت للانتباه، ولا أحد تحرّك من مكانه، ولم نعرها أي اهتمام، فهذا رئيس الشاوية ياحي، يقر تلفزيونيا بوجودها، وهذا رئيس القبائل حناشي، يتّهم حكما بتلقيه أموالا من ناد آخر..
هذه الظاهرة انتشرت بقوة حتى عند أصغر الفرق الجزائرية، حيث راح رئيس ناد عاصمي صغير يبوح أمام جمعية عامة لرابطته، بأنه يملك الدلائل والبراهين على تلقي الحكام أموالا من بعض الرؤساء، وبحضور ممثل الاتحاد الجزائري لكرة القدم، لكن لا حياة لمن تنادي، والجميع يبارك تفشّي هذه الظاهرة، فهل تتحرك الجهات المخول لها قانونا وضع حدّ للرشوة في المحيط الرياضي؟
أتساءل، هل من يسيّرون الكرة الجزائرية، من وزارة إلى اتحادية والرابطات الموجودة عبر الوطن ورؤساء أندية، وحتى المدربين واللاعبين نددوا بالظاهرة؟ ربما أخطر من الرشوة وهو العنف الذي اجتاح الملاعب الجزائرية، هل يُعقل أن يتعرّض حكم إلى اعتداء وحشي في بطولة محلية؟ يجري بعدها ثلاث عمليات جراحية على أنفه وأخرى في الأيام القادمة، ولا أحد من المسؤولين خرج ليُدين ذلك، ويفضّلون الحديث عن كاس العالم، وتنقل الأنصار إلى البرازيل وأمور أخرى ربما غير مهمّة مقارنة بأرواح ودماء الرياضيين التي تسيل أسبوعيا في ملاعبنا.
هل الوزير تهمي، والرئيس روراوة، وقرباج واعون بما يحدث في كرة القدم الجزائرية، هل أعجبتهم صورة اللاعب الدولي حسين عشيو، في وهران وهو ملطخا بالدماء، وهل يتمنّون أن يروا فلذات أكبادهم مثل الحكم سيقني، من رابطة باتنة الجهوية، وهو ملقى في المستشفى ليجري عمليات جراحية متتالية على أنفه؟، وهل ينام المسؤولون على الكرة في الجزائر، عما يحدث أسبوعيا في ملاعبنا؟، حتى أصبح المناصر يعتدي على الأمن والحماية المدنية، ويشتم الحكم والفريق الزائر ليشفي غليله، وهو يعلم أن الملاعب الأوروبية التي يشاهدها يوميا على شاشة التلفاز، كرة القدم فيها هي وسيلة متعة، يتقاسم فيها أنصار الفريقين نفس المدرجات، يتعارفون فيما بينهم، يتجاوبون مع اللقطات التي يصنعها الفريقان، ولا وجود للعنف والاعتداءات إلا نادرا.
أعرف أنّني أصبحت أكتب أسبوعيا عن العنف والرشوة والتحكيم، وخاليلوزيتش والفريق الوطني الذي يحضّر للمونديال، وهمّي الوحيد هو أن تضرب السلطات العمومية بقوة المتسبّبين في العنف والرشوة، وعلى الحكاّم "ربي يهديهم" أن يعودوا إلى صوابهم، وتمنّياتنا بالنجاح ل"الخضر" والمدرب البوسني.
( الشروق 22/2/2014 )
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews