حقوق البث التلفزيوني
لا أتذكر متى بدأت مناقشة أزمة الكرة المصرية، وفقر فكرها؟ لكنى أتذكر أنى كنت أكثر شبابا، أكثر صبرا، أكثر تفاؤلا. كان ذلك قبل عشرين عاما حين طرحت موضوع منتج كرة القدم ومن يملكه. ووفقا لما يجرى فى العالم: المالك هو الأندية. فهى التى تنفق على اللاعبين وتتعاقد معهم وتبنى الملاعب، وتشترى الملابس، وتسدد المرتبات، وتعالج الإصابات. فما دخل الآخرين بتلك الملكية؟!
فى مصر الأمر معقد قليلا، عفوا، معقد كثيرا، فالأندية كانت تحصل على دعم من الحكومة. والحكومة تعتبر هذا الدعم حسنة، وليس خدمة. ثم توقف الدعم للأندية الكبيرة. وتفجرت مشكلة ملكية أراضى الأندية. هى تخص مصلحة أملاك الدولة منذ عهد الخديو عباس حلمى الثانى. ويبدو أنها مازالت ملكا لأحفاد الخديو عباس حلمى الثانى الذين يعملون فى الجهاز الإدارى للدولة. وبعض الأندية تملك أرض مقار لها، ولكنها لا تملك مقارا أخرى كما فى حالة الأهلى مثلا. والحكومة ترى أن أرض الجزيرة التى منحها زمن الخديو لمؤسسى الأهلى بإيجار رمزى قدره قرش صاغ واحد فى العام، يمكن أن تمنح لأحفاد مؤسسى الأهلى بملايين الجنيهات وفقا لأسعار السوق الآن.. وهذا ينفى عن الدولة دورها المجتمعى والرياضى.. والدولة وجدت فى موضوع ملكية الأرض مسمارا تدقه كى تتدخل، وتفرض، وتبيع وتشترى منتجا لا تملكه وهو كرة القدم؟!
فى مثل تلك الحالات، تبادر الدول وحكوماتها بمساندة أنديتها، فتبدأ حوارا بهدف أن ينتهى بالاتفاق، وليس بفرض الأمر الواقع.. ومنذ 6 سنوات دعت الجهة الإدارية أعضاء فى رابطة دورى المحترفين الإنجليزى وشخصيات من إسبانيا وإيطاليا، وعقدت ندوات ومؤتمرات، وحضرتها وضاع وقتى للأسف، فكنت اقترحت أن نترجم كتاب حقوق البث فى البريمييرليج، وكيفية توزيع النسب على الأندية، وفقا لشعبيتها وبطولاتها، ونأخذ منه ما يناسب الحالة المصرية الفريدة. وهز الحضور رءوسهم بالموافقة، ولم تتوقف الرءوس عن الاهتزاز بنفس الموافقة حتى اليوم، لكن أزمة البث وحقوقه، وكيفية توزيع النسب، مازالت غير موضوعية، ويغلب عليها الصوت العالى وليس صوت الحق..
فى كثير من أزمات الرياضة والمجتمع.. يمضى الحوار حول المائدة المستديرة كأنها حلبة الكوليزيوم الرومانية فى قلب روما. كل طرف هو مصارع من المجالدين هدفه هزيمة الطرف الآخر بصرعه. لذلك يطول زمن الخلاف، ويطول وقت الصراع. وتبقى مشاكلنا بلا حلول..
سمعنا عن شركات طلبت شراء الدورى المصرى، وقيل إنها عروض وهمية.. هل حقا العروض وهمية؟ ثم إن التليفزيون المصرى منوط بدور خدمى لا يهدف للربح. ومشاكله المادية هو والحكومة والدولة مسئولون عن حلها بفكر جديد، وبشجاعة، وليس بالقفز على منتج لا يملكه. وإذا كانت الأندية توافق على بيع منتجها للتليفزيون، فلا مجال للاعتراض. لكن مرة أخرى هل الأندية موافقة أم خضعت للأمر الواقع؟!
فيما يتعلق بموضوع الفضائيات والإعلام الخاص. أعتقد أن الدكتورة درية شرف الدين تدرك جيدا أن الإعلام الخاص جزء من إعلام الدولة. ومن الخطأ أن يوضع إعلام قومى فى منافسه مع إعلام خاص.. ولا حاجة لنا لشرح تفاصيل تلك العلاقة ودور الإعلام المصرى الخاص والحكومى فى صياغة الوعى العام والرأى العام فى بلادنا وكيف جذب المواطن من شاشات عربية وإقليمية.. ثم إذا كانت القضية هى المنافسة، فلا أظن أن محتوى الإعلام الحكومى يتفوق على محتوى الإعلام الخاص.. لأسباب معروفة تنهك ماسبيرو..
وللحديث بقية إن شاء الله..
( الشروق 7/1/2014 )
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews