مقاهي القطط.. وصفة صينية لجيل الطفل الواحد
جي بي سي نيوز - شن زي وي طالبة جامعية في السنة الأولى بكلية الإعلام في إحدى جامعات العاصمة الصينية بكين، وقد أكملت للتو عقدها الثاني من العمر، وكانت قد نشأت وحيدة كباقي أبناء جيلها، لا أخ لها يشاركها أفراحها وأتراحها، ولا أخت لتبوح لها بأسرارها، إذ يحظر "قانون الطفل الواحد" الذي تفرضه الحكومة الصينية منذ ثلاثة عقود إنجاب أكثر من طفل واحد لكل عائلة.
هجرت شن الواقع نحو عالم الإنترنيت الافتراضي، وهي تقضي ساعات من وقتها أمام شاشة الكمبيوتر، هكذا وجدناها عندما زرناها في سكنها بالجامعة، غير أن خيالها قادها عبر أحد مواقع الألعاب الإلكترونية إلى القطب الجنوبي لتعود من هناك بطائر بطريق تربيه وترعاه، وتستخدم رصيدها المالي من بطاقتها الائتمانية لتشتري له الطعام وصابون الاستحمام، وتبادله الود والعطف. حتى غدا مع الوقت صديقها الصدوق.
تقول لنا شن إنها تفضل طائر البطريق على كثير من أصدقائها، فلكل منهم مشاغله واهتماماته ولا يستطيعون أن يزوروها أو تزورهم في أي وقت، في حين باستطاعتها أن تستدعي طائرها المفضل في أي وقت تشاء بمجرد ضغطة على فأرة الكمبيوتر.
كسر الطوق
لكن شن شبت عن الطوق وقررت أن تكسر حاجز عزلتها وتودع عالمها الافتراضي وتستجيب لنداء الواقع، فقد أدركت أنها بحاجة إلى كائن حي تستطيع أن تلمسه وتشعر به، تداعبه وتناغيه وتناديه فيستجيب أو تنهره فينصاع.
وجدت شن ضالتها في أحد المقاهي التي باتت تنتشر في المدن الصينية، وتلقى رواجاً كبيراً لدى شريحة الشباب من "جيل الطفل الواحد" ممن يعانون الملل والوحدة، فيقصدون تلك الأماكن لمداعبة الحيوانات الأليفة والاستئناس بها وتبديد وحدتهم.
فقد أظهرت دراسة نشرت مؤخراً أن 60% من الشباب الصيني قد نشؤوا دون إخوة أو أخوات بسبب قانون الطفل الواحد، واعتبروا "الأباطرة الصغار" أو "شمس العائلة" وفق التسمية الصينية، أي أن العائلة كلها تدور حولهم، ومع كل هذا الدلال ظلوا يشعرون بالوحدة في طفولتهم، ويعاني نحو سبعة ملايين منهم من مرض التوحد.
ويقول يوان خونغ صاحب أحد هذه المقاهي للجزيرة نت "جميع الذين يترددون على المقهى هنا هم من شريحة الشباب، والإناث عادة يقضين وقتاً أكثر في مداعبة القطط، وأما الشباب فيقضون وقتاً أكثر في الحديث أو في محاولة البحث عن صديقة. وتناول بعض أكواب القهوة أو الشاي. وجميعهم يشعرون بالسرور والانشراح".
قطط سليمة
وتعلق إحدى الفتيات وهي تلاعب قطاً ينط بين يديها "بعض أصدقائي وصديقاتي يذهبون للتطوع في مراكز للاعتناء بالحيوانات الأليفة كالقطط والكلاب الشاردة أو التي هجرها أصحابها ويتم تجميعها في مراكز خاصة". وتضيف "لكنني أعتقد أن القطط هنا أكثر نظافة وتخلو من الأمراض. كما أنني لا أطيق الكلاب فنباحها مزعج".
تلك هي قصة شن زي وي بل قصة جيل بأكمله هو نتاج سياسة الطفل الواحد، فقد نشأ دون إخوة أو أخوات، ويعاني من الملل والوحدة، فمن الطبيعي أن يصبح خير مكان بالنسبة إليه مقهى كهذا، وخير جليس وأنيس بالنسبة إليهم قطة.
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews