أولوية الاستحقاق الرئاسي
نقترب يوما بعد يوم من الاستحقاق الرئاسي. ولاية الرئيس تنتهي في الخامس والعشرين من أيار ٢٠١٤. والمهلة الدستورية لانتخاب الرئيس الجديد تبدأ قبلها بشهرين. استنادا الى هذا المعطى الزمني، فإننا من الناحية العملية دخلنا مرحلة الاستحقاق الرئاسي لانه لا يفصلنا عن المهلة الدستورية سوى اربعة اشهر. لقد انتهت ولاية الرئيس ميشال سليمان، وجميع الاطراف يفكرون في الاستحقاق وفي الرئاسة بوصفها الموقع الدستوري الاول الذي يشرف على مرحلة فراغ اشد وطأة من الفراغ الحكومي الذي يبقى محكوما بتصريف الاعمال. لا فراغ تاما على مستوى الحكومة، اما الرئاسة فإنها تواجه خطر فراغ جديد شبيه بالفراغ الذي اصابها بعد انتهاء الولاية الممدّدة للرئيس اميل لحود سنة ٢٠٠٧. والخطر هنا مصدره التجربة التاريخية اللبنانية المرة التي تفيد انه اذا ما دخل لبنان في فراغ رئاسي بسبب الصراع السياسي الكبير في البلد والاقليم، فلن يخرج منه إلا بعد الاحتكام الى الشارع في شكل او آخر. هكذا حصل بعد انتهاء ولاية الرئيس امين الجميل سنة ١٩٨٨ وانتهى الفراغ الرئاسي بأكثر المراحل دموية في الحرب اللبنانية، وباتفاق سياسي ميثاقي تاريخي كبير غير وجه لبنان، كشرط لانتهاء الحرب مع انتخاب الرئيس الجديد. في المرة الثانية، اي بعد خروج لحود من بعبدا، استمر الفراغ ستة اشهر ليصل في ايار ٢٠٠٨ الى ذروة الصدام المسلح عبر غزوات "حزب الله" لبيروت والجبل لقلب موازين القوى، وليذهب الجميع الى الدوحة للخروج باتفاق يمكن القول انه شكّل تعديلا لاتفاق الطائف فرغ الدستور من محتواه عبر إدخال سلسلة اعراف جديدة هي موضع خلاف جوهري بين مكوّني البلد الاساسيين".
في مطلق الاحوال نحن امام مأزق حكومي كبير بصرف النظر عن الاسباب الواضحة التي لم تعد تحتاج الى شرح. ومجلس النواب الحالي يفتقر الى شرعية شعبية كونه مدّد لنفسه بشكل غير مقبول. اما الرئاسة ففي نهاية الولاية الحالية تلامس مرحلة الخطر.
بالأمس قال الرئيس المكلف تشكيل الحكومة تمام سلام ان الامور باتت أصعب، وهو محقّ تماما. فترك عقارب الزمن تدور لنصل الى المهلة الدستورية لانتخاب الرئيس الجديد من دون تشكيل حكومة تحل مكان الحالية، التابعة بكل مفاصلها لـ"حزب الله"، امر يحمل في طياته خطرا كيانيا كبيرا في لبنان. والمطلوب تشكيل حكومة تسبق مرحلة الفراغ الرئاسي وتواجه خطر قيام "حزب الله" بمواجهتها في الشارع، أي بالسلاح.
في مطلق الاحوال، يفرض الاستحقاق الرئاسي نفسه بقوة على الاجندة اللبنانية لانه يختصر اليوم كل الازمات اللبنانية، الداخلية، وقد يكون مفجّرا لأكثر من لغم تم زرعه في رحم المعادلة اللبنانية. وبالتالي وجب وضع الاستحقاق الرئاسي انتخابا او تمديدا او فراغا في صلب الاهتمامات والقرارات الكبرى.
( المصدر : النهار اللبنانية 2013-11-13 )
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews