منع حلقة برنامج باسم يوسف .. لماذا ؟
بدأت ثورة ٢٥ يناير في مصر من أجل تحقيق مفاهيم الديموقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية ومحاربة الفساد والقضاء على الديكتاتورية وحكم الطاغية.
وكان أن انتصرت هذه الثورة العظيمة وتم الإطاحة بحكم حسني مبارك بعد ١٨ يوماً من الاعتصام والاحتشاد والتظاهر في الميادين المصرية : حيث رُفع الصوت عالياً مطالباً بالحرية والعدالة والديموقراطية.
بعد ذلك تم انتخاب الرئيس المعزول محمد مرسي وكان أول رئيس " مدني " مُنتخب منذ ثورة العسكر.
لم يُكمل مرسي سنة واحدة في الحكم حتى وقعت ثورة/ انقلاب ٣٠ يونيو التي وقف الجيش بقيادة عبد الفتاح السيسي القائد العام للجيش والقوات المسلحة إلى جانبها، وتم عزل محمد مرسي والإطاحة بحكم الإخوان المسلمين وإلقاء القبض على قياداتها ، وتم الاعلان عن قانون الطوارئ وحظر التجول وفض الاعتصامات والتظاهرات وإخلاء الميادين والشوارع من أي تجمعات.
في عهد مرسي لم تشهد مصر - بعد ثورتها الأولى - أية إنجازات أو إصلاحات ، أو أية تطور ونمو في أي مرفق من مرافق الدولة، بل شهدت تراجعاً واضحاً في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية ، ولعلَّ خطأ مرسي الأكبر أنه أقحم جماعة الإخوان في كافة مؤسسات الدولة ليصبح حزب " الحرية والعدالة " هو الحزب الوحيد الحاكم في مصر على طريقة " الحزب الوطني " في عهد حسني مبارك.
كان المجتمع ككل يغلي رافضاً هذا الشكل من التغيير وهذه السياسة " الإقصائية " لبقية الأحزاب وفئات المجتمع المصري، وبدأ ذلك ينعكس في وسائل الاعلام التي لم يستطع مرسي وجماعة الإخوان السيطرة عليها، فكان أن بدأت البرامج النقدية الساخرة التي أصبحت مادتها الرئيسة : السخرية من مرسي والجماعة ، وكان ضمن ذلك برنامج " البرنامج " الذي يقدمه باسم يوسف ، والذي حقق شهرة عربية واسعة وأضحى مقدمه نجماً ساطعا .
جميعنا يعلم كيف بدأ باسم يوسف أسلوبه الساخر وتقديمه لهذه النوعية من البرامج ، وكيف أن نجاحه في التقديم ، والمادة المُعدة حولاه من نجم على اليوتيوب إلى صاحب أضخم برنامج عربي يمتلك مسرحه الخاص ، ولديه فريق عمل متكامل وإمكانيات هائلة تقنياً وفنياً وإنتاجياً.
طوال ٣٠ حلقة ، وباسم يوسف يعتمد في مادته الساخرة على نقد مرسي و" الجماعة " وكانت ردود الأفعال الإيجابية تنهال عليه من مختلف الفئات المصرية، مع بعض التحفظ والغضب من جماعة الإخوان ومؤيدي الرئيس المعزول .
ورغم أن باسم كان جريئاً في سخريته ونقده بشكل رآه البعض تجاوزاً للحدود والأخلاقبات المهنية، ورغم أن هذا الشكل من البرامج جديد على واقعنا العربي، إلا أن البرنامج استمر رغم بعض التهديدات ورفع الدعاوي القضائية التي حكم فيها القضاء المصري لصالح باسم .
لم يتوقف أو يمنع برنامج باسم يوسف في عهد مرسي، اللهم إلا حلقة واحدة، شهدت إقبالاً منقطع النظير عندما عُرضت على اليوتيوب ، وكان فحوى تهمتها " ازدراء الأديان " وهي تهمة لم تقنع القضاء .
توقف البرنامج لأسباب تتعلق بثورة ٣٠ يونيو ، وكان أن عاد بإعلان قوي - الأسبوع الماضي - لتشهد الحلقة الأولى ردود أفعال متفاوتة بين مرحب بالبرنامج ولكنه يرى الوقت غير مناسب ، وبين رافضٍ له بشدة ، وأما جماعة الرافضين فهم - أنفسهم - الذين " هللوا " لباسم يوسف وصفقوا له طيلة الفترة الماضية ، فكان رفضهم بسبب تناول يوسف في حلقته الأولى الحكومة الحالية ولشخص السيسي ، ما أدى إلى منع بث الحلقة الثانية مساء الجمعة الفائتة.
سوف يذكر التاريخ ، أنه في عهد الإخوان لم يتم منع أو حجب عرض حلقة من برنامج تلفزيوني أو إذاعي أو مسلسل درامي أو مقالة صحفية، بينما جاء قرار منع بث حلقة البرنامج بسبب تناوله شخص السيسي الذي أصبح رمزاً لفئة من الشعب المصري ، التي - وللآسف - تخلق اليوم طاغيتها الجديد.
د . فطين البداد
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews