ايران: التسويف وخداع الغرب للحصول على قدرات ذرية مدنية وعسكرية
يصعب أن نتجاهل تقرير الـ “وول ستريت جورنال” عن أن ايران مستعدة لوقف تخصيب اليورانيوم لأهداف عسكرية وذلك في الأساس على خلفية المكالمة الهاتفية التاريخية بين اوباما وروحاني قبل اسبوعين. أجل، بعد 34 سنة ايديولوجية خمينية قطع فيها النظام الايراني كل صلة بالولايات المتحدة، كانت المكالمة مهمة جدا. وشعر رئيس الوزراء نتنياهو بعدها بأن السياسة نحو ايران التي عمل عليها عدة سنوات أخذت تتفلت وتنهار تحت قدمي دولة اسرائيل.
من المهم أن نفحص أولا عن المصلحة الامريكية في الحديث مع روحاني. أدركت الولايات المتحدة أن السياسة التي أدارتها وتريد أن تديرها في الشرق الاوسط ليست مُحدثة بل هي غير مُحكمة. وإن ركوب روسيا لظهرها المفقور بسبب الازمة في سوريا (وبعد ازمات اخرى للولايات المتحدة في العراق وافغانستان) جعل الامريكيين يدركون أنه اذا كانت روسيا (والصين) تدعم الأنشطة السورية وتكون لسوريا بمنزلة راعية اقتصادية وعسكرية وسياسية، فماذا سيحدث اذا وحينما تضطر الولايات المتحدة الى تهديد ايران بهجوم عسكري كما فعلت مع سوريا؟.
وفي مقابل ذلك لاحظت ايران الضعف الامريكي وأصبح مجرد اجراء المكالمة يُرى عندها عملا شجاعا من موقع قوة وفخامة منزلة. ولا مكان لزعم أن الحرس الثوري ندد بتجديد الصلة خشية فقدان حصص من السوق واحتكارات يسيطر عليها بسبب العقوبات. فالحرس الثوري يملك ما يكفي من القوة مع العقوبات أو بغيرها. ويرى اشخاص آخرون في ايران كوزير الخارجية محمد جواد ظريف تلك المكالمة بأنها لا حاجة إليها وبأنها غير مناسبة. ومهما يكن الامر فانه لا مخالف في ايران في تأييد الزعيم الروحي علي خامنئي الجارف لهذه المكالمة.
لكن هل تحرك هذه المكالمة مسيرة تجلس بها ايران الى طاولة التفاوض في الشأن الذري ويخفف الغرب العقوبات مقابل ذلك؟ إن لهذا السؤال عدة جوانب. أولا إن العقوبات تنجح وتؤثر حقا ولا سيما في الشأن الذري. فالشعب الايراني لا تعوزه الأدوية أو المنتوجات الأساسية – والنوعية وإن تكن صينية وكورية فانه لا أحد يموت جوعا آخر الامر. وثانيا يمكن أن نفرض أن لايران قدرا كافيا من اليورانيوم المخصب لبناء قنبلة ذرية، وسيكون اسقاط العقوبات غلاف هدية العالم للايرانيين في حين تكون القنبلة الذرية هي الهدية. وثالثا يخدع روحاني وسائر قادة النظام الايراني الادارة الامريكية ويريدون التسويف كما فعلوا في الماضي وسيفعلون في المستقبل. وينسى الغرب شيئا واحدا وهو أن روحاني بقدر أكبر من كل سياسي آخر في ايران يُرى الشخص الأكثر اصرارا على احراز قدرات ذرية، ويكفي أن نتصفح عشرات كتبه ومقالاته والمواقع الرسمية للنظام الايراني في الشبكة العنكبوتية.
ان محادثات جنيف بين ايران والقوى الكبرى الست توشك أن تكون عقيمة من المضمون لأن ايران الحالية لن تتخلى أبدا عن حقها في الحصول على القدرة الذرية، وإن لايران أكثر من 20 موقعا ذريا مع قدرات وانتاج مختلف. ويرمي كل هذا المسار الى التسويف والى الايهام بالسير نحو الغرب في حين ستستمر ايران – في مقابل ذلك وفي اثناء المحادثات واسقاط العقوبات والرقابة في ظاهر الامر على المنشآت الذرية – ستستمر بموافقة دولية من القوى الست الكبرى على فعل ما كانت تفعله سنوات كثيرة وهو السعي الى قدرات ذرية مدنية وعسكرية.
( اسرائيل اليوم 11/10/2013 )
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews