الرئيس الامريكي يجد نفسه وحيدا تماما
أعتقد أن اوباما تصرف هذه المرة بحكمة، على سبيل التغيير، مع مراعاة المعطيات البائسة التي ينبغي الحركة فيها، كان صحيحا من جهته أن يطلب على الاقل تأييد مجلسي النواب لديه، والا يبقى وحده في المعركة. وخلافا لما يقوله معظم المحللين، وقسم لا بأس به من السياسيين، عندنا وفي الولايات المتحدة ايضا، فان خطاب اوباما لا يعبر عن التعلثم وانعدام الحسم، بل عن المطالبة الحازمة من منتخبي الشعب الامريكي المشاركة في الحسم وفي المسؤولية عن نتائجه. فهو لم يدحرج اليهم الكرة، ولم يقل قرروا أنتم. رسالته كانت معاكسة: أنا قررت العمل، وأنا اطالبكم بالوقوف الى جانبي.
نظريا يمكنهم بالطبع أن يرفضوا وان يصوتوا ضد، ولكن في الشروط التي طرحها الرئيس من الصعب جدا الافتراض بان هذا ما سيحصل.
‘اذا ما اقر الكونغرس في نهاية المطاف، وكما هو متوقع، العملية، وهي ستنفذ بعد اسبوعين أو ثلاثة بدلا من أمس، فان احدا لن يذكر الزمن الذي مر بين القرار والتنفيذ. اسأل اليوم رجل الشارع ماذا كانت قصة حرب الخليج (الاولى) وهو سيقول لك ان صدام حسين اجتاح الكويت والجيش الامريكي جاء على الفور وطرده من هناك. والحقيقة هي أنه بين الاجتياح العراقي والرد الامريكي مرت خمسة اشهر. في أثناء هذه الاشهر اياها نظمت امريكا نفسها وخططت رويدا رويدا.
صدام حسين هزأ بها، وجموع المحللين والاذكياء قصيري الفتيل وعديمي الصبر انضموا الى الهزء، وكتبوا ان هذا لن يحصل ابدا، وان امريكا لا تزال مصابة بصدمة فيتنام، وليس لديها القوى النفسية للخروج الى حرب جديدة، وأن الانذار الامريكي سينتهي بصيغة ما عديمة الفعل وبمغسلة كلمات.
امريكا تعمل ببطء وحسب الكتاب، واذا فتح الشباب في دمشق اليوم الشمبانيا وابتسموا من تحت شواربهم على حساب أمريكا، فان هزءهم وفرحتهم سابقان لاوانهما. فالضربة أغلب الظن لا بد ستأتي، وهي ستكون أليمة.
هذا بالنسبة لدمشق، ولكن طهران هي قصة اخرى تماما. هناك يفتحون الشمبانيا عن حق، لان القصة الحقيقية ليست تأجيلا لاسبوعين او شهر، وليست رغبة اوباما في تلقي اسناد من الكونغرس، كل هذا وأكثر كان أيضا في عهد بوش الاب، حين وقف امام وقاحة صدام حسين. القصة الحقيقية هي الفرق الهائل في موقف الولايات المتحدة، فقد جند الرئيس بوش في حينه ائتلافا من 34 دولة، وصدر قرار من مجلس الامن في الامم المتحدة واقرار من الكونغرس. وقد عرف الجميع ان الائتلاف الدولي هو بقدر كبير مسرحية، وان معظم الدول تشارك بشكل رمزي فقط، وفي حقيقة الامر من سيقوم بالحرب هو اساسا الجيش الامريكي. ولكن المسرحية عبرت عن حقيقة أنه يوجد زعيم للعالم، وتوجد قوة عظمى واحدة متصدرة. اليوم، حتى بريطانيا تقف جانبا، روسيا تقف على الاطلاق في الطرف الاخر، و.
في طهران يفهمون الا غطاء لوعد اوباما في ‘الا يكون لايران سلاح نووي’، واذا كان هذا وضع الشرطي العالمي حيال اسلحة الدمار الشامل، التي سبق أن استخدمت، وحيال الصور الرهيبة للاطفال المختنقين، والامهات الميتات صفوفا صفوفا، ما الذي يمكنه أن يفعله حيال التسلح فقط بسلاح نووي موضوع في المخازن؟ ينبغي الامل ان يكون هذا ما يفهمونه ايضا في القدس، ولا يعيشون بالاوهام.
( المصدر : معاريف 3-9-2013 )
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews