اللعب على المكشوف في اليمن
من شاهد المؤتمر الصحفي الذي عقده جون كيري في جدة مؤخرا يدرك تلك الحقيقة التي كان يجادل فيها كثيرون ، وهي أن الولايات المتحدة ، وعلنا هذه المرة ، تبنت الإنقلابيين الحوثيين ، وتنصلت من كل التزاماتها للحكومة الشرعية وللتحالف بما فيها قرار مجلس الأمن 2216 .
فقد أكد كيري ، وسط دهشة الصحفيين ، على ضرورة مشاركة الحوثيين في حكومة وطنية قبل انسحابهم من المدن والعاصمة .
واعتبر كيري أن هذا هو الحل الوحيد ، وإن على الجميع ، التوصل إلى اتفاق بهذا الشأن .
وبخصوص الأسلحة الثقيلة فإن من الضروري تسلميها لطرف ثالث لم يحددها الوزير الأمريكي .
وفي ما يتعلق بسحب الخبراء الأمريكيين من التحالف العربي فإنه لم يجب عن سبب ذلك ، ولكنه أكد بأن الولايات المتحدة مع حلفائها .
وقال كيري : " إن الامر المهم هو وقف إطلاق النار الآن " ..
مضيفا : يجب أن تنتهي هذه الحرب بطريقة لا تؤثر على أمن أي دولة " يقصد القصف الحوثي للمدن الحدودية " ويجب التركيز على قتال القاعدة وداعش .
ليس هذا فقط ، بل إن كيري تجرأ وقال علنا : " إن هذه الخطة تطمئن الحوثيين " وإن هذه الخطة حكيمة ومن المفروض أن تنفذ " وفق وصفه.
إذن : فقد بات اللعب على المكشوف الآن ، ولم تعد القضية عملية انقلابية من فئة لا تتعدى مجاميعها 50 ألف حوثي سيطروا على مقدرات الدولة بتواطؤ مع صالح وأنصاره ، بل باتت قضية بالإمكان فرض الأمر الواقع عليها وتحجيم الإنتصارات العظيمة التي حققتها السعودية والتحالف والجيش اليمني الوطني والمقاومة الشعبية .
الخطة التي أعلنها كيري وبدون أي تردد ، هي تبن متطرف لوجهة نظر الحوثيين الذين أكدوا عقب مفاوضات الكويت ، بأن تسليم السلاح يجب أن يكون لطرف ثالث ، وبأن انسحابهم من المدن منوط بمشاركتهم في الحكم ، أي أن كل الذي طلبوه تحقق لدى الأمريكيين ، وبتفاهمات مؤكدة مع الروس الذين سبق وأعلنوا اعترافهم بحكومة صالح - الحوثي ، أو ما يطلق عليه الآن : " المجلس السياسي " قبل أن يعودوا ليؤكدوا التزامهم بالشرعية ، جريا على عادة " بيع الكلام " التي تتقنها الدول ، وخاصة العظمى منها ، بعد أن تذكروا بأن تدخلهم في سوريا تم تسويقه على أنه دفاع عن الشرعية وبطلب منها .
وكما رأينا في سوريا ، فإنه وبعد أن بات سقوط الأسد قاب قوسين أو أدنى ، وبعد فشل إيران وكل ميليشياتها الشيعية في إنقاذ الحليف المنهك والضعيف وفاقد الشرعية القانونية والأخلاقية ، تدخل الروس بكل قوتهم العسكرية لإنقاذه وها هو يسرح ويمرح ويقصف بالنابالم والكلور بلا حسيب ولا رقيب ، وكذلك الأمر في اليمن ، فبعد أن بدأت قوات الجيش الوطني اليمني وقوات التحالف والمقاومة الشعبية تقترب من حسم المعركة ومن صنعاء ذاتها عقب انتصارات تحققت في كل الجبهات وأبرزها فك حصار تعز ، تدخلت واشنطن وجاء كيري حاسما حازما عازما على حماية الحوثيين وصالح ، طالبا إشراكهم في الحكومة قبل تسليم أسلحتهم وانسحابهم ، مما يفضح المخفي والمستور علنا وعلى رؤوس الأشهاد .
ممنوع انتصار المقاومة والتحالف في اليمن ، كما هو ممنوع انتصارها في سوريا ، وفات كيري أن تخطيطه مع الإيرانيين والروس لجعل الحوثيين حزب الله الآخر جنوب السعودية ليس قدرا مقدورا ، ولكن بشرط جازم : وهو أن يثق العرب بأنفسهم ، ويتحدوا على قلب رجل واحد لمواجهة هذا المخطط الشيطاني الرجيم ، ويواجهوه متمثلين بما قاله حسان بن ثابت :
فإمـا تعـرضـوا عـنـا اعتمـرنـا
وكان الفتح وانكشف الغطاء
وإلا فـاصـبـروا لـجــلاد يـــوم
يـعـز الله فـيـه مـــن يـشــاء
د. فطين البداد
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews