Date : 23,11,2024, Time : 06:33:39 AM
17694 : عدد القراء حاليا
حالة الطقس
°C
Amman,Jordan
13
اليوم
العليا 22° الدنيا 12°
غداً
العليا 18° الدنيا 12°
أرسل خبر
آخر تحديث: الجمعة 28 رجب 1437هـ - 06 مايو 2016م 01:53 ص

تحولات الحراك ومتاهات الشرعية والمشروعية

تحولات الحراك ومتاهات الشرعية والمشروعية
إدريس لكريني

اعتمدت العديد من النظم السياسية في المنطقة آليات الحكم المطلق واحتكرت السلطة وانفردت بتدبير القرارات، كما تجاوزت مبدأ الفصل بين السلطات وغيبت مبدأ المحاسبة، ولذلك لم تخل الشعارات والمطالب المرفوعة في أجواء الحراك من دعوات واضحة ومباشرة لإسقاط الأنظمة التي وصفت الكثير منها بافتقارها للشرعية والمشروعية.

تحيل الشرعية إلى ذلك المجال الرمزي وما ينطوي عليه من قيم ورموز روحية، تستند إليها السلطة انطلاقاً من الثقافة السياسية السائدة والتطابق مع العواطف والأفكار العامة المنتشرة في بيئة اجتماعية محدّدة.

إنها مجموعة من العناصر الفكرية والرمزية التي يستند إليها الحكام في ترسيخ سلطتهم وإقناع المجتمع بأحقيتهم فيها وتتوخى في تدرّجها إلى دفع المجتمع إلى الإقرار بهذه السلطة باعتبارها ضرورة اجتماعية ملحة. كما تحيل أيضا إلى انسجام السّلطة أو النظام السياسي الحاكم مع الطريقة التي يفكر بها أفراد مجتمع معين.

وتقوم الشرعية على مجموعة من الأسس والمقومات، فهي تفرض وجود تشريعات وقوانين صادرة عن إرادة المواطن، ومنسجمة مع خصوصياته وثقافته، وتظل السلطة السياسية القائمة فاقدة للشرعية ما لم تحظ بقبول المواطنين ولو كانت مستندة إلى المشروعية التي تجسدها الدساتير.

وتحيل المشروعية إلى المجال الدستوري، وما يرتبط بذلك من انسجام لسلوكيات السلطات مع المقتضيات الدستورية واحترام مختلف القوانين والتشريعات خلال انتقال الحكم من شخص إلى آخر أو من هيئة سياسية إلى جهة إلى أخرى.

وهي تتصل أيضاً بسيادة حكم القانون، فمشروعية الحكم يقصد بها انسجام وتطابق سلوك السلطة مع القوانين الجاري بها العمل.. وتفرض المشروعية توافر مجموعة من الشروط، أهمها الإقرار بفصل السلطات وخضوع الدولة للقانون وتحديد اختصاصات كل سلطة بصورة واضحة..

وخلاصة القول، إن المفهومين معاً ينطويان على أهمية كبرى بالنظر لارتباطهما بالدولة المدنية الحديثة، ولدورهما في ترسيخ ممارسة سياسية ديمقراطية، قادرة على دعم الثقة داخل المجتمع، والحسم مع الاختلالات السابقة في علاقتها بالهيمنة والتحكم وغياب المسؤولية.

إن ترسيخ الشرعية والمشروعية لا يمكن أن يتأتى إلا عبر مداخل وتدابير شمولية، من قبيل إعمال إصلاحات اقتصادية تسمح بتجاوز المعضلات الاجتماعية المطروحة، وتنظيم انتخابات حرة تدعم التداول السلمي للسلطة وتجدّد النخب وإقرار دستور ديمقراطي وبناء مجتمع مدني مستقل وقوي.

إن الحسم مع الاستبداد وطي صفحات قاتمة من تاريخ الشعوب يفرض بداية اعتماد إصلاحات دستورية جذرية أو إقرار دستور جديد يضع مجموعة من الضمانات، في علاقة ذلك بترسيخ دولة المؤسسات في إطار من الشرعية، وفصل السلطات، وربط المسؤولية بالمحاسبة، وبناء تعاقد جديد بين المواطن والدولة في إطار احترام الحقوق والحريات.

إذا كانت أجواء الحراك قد أعادت الأمل إلى شعوب المنطقة نحو تجاوز الإكراهات القائمة، وتعزيز الحقوق والحريات وبناء دولة مدنية حاضنة لجميع المكونات، وتحقيق التنمية في مختلف تجلياتها، بما يدعم ترسيخ الشرعية والمشروعية، فإن هناك مجموعة من الصعوبات والتحديات التي واجهت دول الحراك، وهي تختلف من دولة إلى أخرى.. حالت دون تحقيق مجمل المطالب والأهداف التي يتوق إليها المواطن.

ولعل من الأسباب الأساسية التي عمقت الجراح وحرفت الحراك عن مساره في بناء دول ديمقراطية حاضنة لكل مكونات المجتمع، هو ذلك التضارب الحاصل بين الشرعيات والمشروعيات بين مختلف التيارات والنخب السياسية..

ففي الوقت الذي تمسكت فيه النخب الحاكمة التقليدية بالمشروعية الدستورية وما تحيل إليه من انتخابات تشريعية ورئاسية ومؤسسات قائمة، رفعت النخب المعارضة مطلب الشرعية الشعبية وما تحيل إليه من رغبة الشعوب في تغيير أوضاعها السياسية والاقتصادية وإسقاط الأنظمة الشمولية.

تشير الكثير من الدراسات إلى أن الحراك لم يحقق مراميه لغياب زعامات لها من الكاريزما والشرعية ما يسمح لها بتوجيه الأحداث والتأثير في الجماهير، ففي جنوب إفريقيا التي اكتملت فيها حلقة التحول الديمقراطي، كان للزعيم التاريخي نلسون مانديلا الذي خرج من السجن في بداية التسعينات من القرن الماضي برصيد وازن من الشرعية على مستوى التأثير في الجماهير وقيادة مفاوضات ناجحة لإنهاء الفصل العنصري قبل تولي منصب الرئاسة في جنوب إفريقيا الذي منحه مشروعية عززت من مبادراته وسياساته الداعمة لاستقرار وتطور البلاد.

(المصدر: الخليج 2016-05-06)




مواضيع ساخنة اخرى

استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
استـ خبارات روسيا: النـ اتو هو من يقود الهجـ مات المضادة وليس الجيش الأوكـ راني
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
شاهد تركيا يقـ تل حماه بالرصـ اص ثم يـ صرع طليقته في وضح النهار
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
إيطاليا تقهر هولندا وتخطف برونزية دوري الأمم
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
السعودية: الثلاثاء 27 حزيران وقفة عرفة والأربعاء عيد الأضحى
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
رسميا.. أول مرشح يعلن خوض انتخابات الرئاسة في مصر
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
واشنطن : إصابة 22 عسكريا في حادث تعرضت له هليكوبتر بشمال شرق سوريا
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
هنا الزاهد تصدم جمهورها بصورة لها قبل عمليات التجميل!
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
جديد صاحبة الفيديو المشين لطفليها.. تورط ابنها وزوجها الثاني في المصر
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
سماع دوي انفجار في العاصمة الأمريكية واشنطن (فيديو)
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
البنتاغون يندد بتصرفات الصين "الخطرة" في آسيا
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
78 زعيما دوليا يشاركون في مراسم تنصيب أردوغان السبت
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
أوغندا تقر قانونا يجرم المثلية الجنسية وبايدن غاضب ويهدد بقطع المساعدات
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
لبنان.. اختطاف مواطن سعودي في بيروت
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
السودان.. اشتباكات كثيفة في الخرطوم قبيل انتهاء الهدنة
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
رغم انتصاره الكبير في باخموت.. قائد فاغنر يحذر من تبعات خطير
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
الضفة: إصابات بينها برصاص الاحتلال وهجوم للمستوطنين على فلسطينيين
  • لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :

اضف تعليق

مواضيع شبيهة
يمكنك أيضا قراءة X


اقرأ المزيد