حقيقة ما يجري في حلب
قال الأتراك ذات تصريح : إن حلب خط أحمر ، ولكن الأيام القليلة السالفة كشفت بأنه لا شأن لأنقرة هنا ما دامت موسكو هي التي تقصف ، حيث لا خطوط حمراء في سوريا أمام موسكو ، ولا مناطق آمنة ، و ليست جنيف التي يصلها كيري في الساعات القادمة سوى مجرد كذبة مطلوب تصديقها .
المعلومات تقول : إن قصف حلب بهذه الطريقة ، وهذه اللامبالاة الأمريكية هي رسالة أمريكية روسية مشتركة ، للدول التي تناصر المعارضة ، وعلى رأسها الرياض وأنقرة بغية إحراجهما وإظهارهما بمظهر العاجز ، فمن جهة واشنطن ، فإن هذا الموقف المتخاذل يجيء ردا على إبرام السعودية اتفاق تيران وصنافر بدون إطلاعها ، ومن أجل ذلك أعلن عن تحرك مصري قريب في الأمم المتحدة يخص حلب ، يقول مراقبون إنه من غير المتوقع أن يفعل شيئا .
أما من جهة موسكو وأنقرة ، فإنه رد روسي على الخط الأحمر التركي ، ولتحقيق هدف إسقاط المدينة وبالتالي هزيمة تركيا والثورة .
وأقول لمن قد يستهجن هذا الأمر : إن انسحاب القوات الأمريكية من سيناء " شمال الشيخ زويد " جاء بدون إبلاغ مصر أو إسرائيل بالخطوة الأمريكية كما كشفت الصحافة الأمريكية ذاتها ، ردا على اتفاق تيران وصنافر الذي أبرم مع السعودية بدون إطلاع الأمريكيين مما حدا بالولايات المتحدة إلى التهديد بأنها ستتخذ مواقف مهمة بدون إطلاع إسرائيل والمصريين عليها ، فجاء انسحاب القوات الأمريكية من معسكر لها في الشيخ زويد تعبيرا عن غضب أمريكي ، ترجمته الصحافة الأمريكية التي هاجمت السيسي ووصفت اتفاق الجزر بأنه المسمار الأخير في نعش حكمه ، أما الرد الأمريكي على السعوديين فها هو يجيء بطائرات السوخوي الروسية في حلب وبضغوط في اليمن .
وأيا كان الأمر ، فعما قليل يجتمع مجلس الجامعة العربية ، وتباعا أيضا ، تصدر بيانات شجب من دول عدة ، بينما تظل حلب تحت النار إلى أن نرى " طبخة كيري الجديدة " في جنيف وما تحمل من بهارات فاقدة للشهية .
الحليفان الأمريكي والروسي يردان على انتقادات المجازر بإعلان هدنة في مكان ما ، قد تشمل عدة مناطق ، والمعارضة تطلب إدخال حلب ضمنها ، والخارجية الروسية تقول إنها لن تضغط على الأسد وإن ما يجري في حلب يتم بالتنسيق مع واشنطن ، فأي صراحة مطلوبة أكثر من ذلك .
ممنوعة الهدنة في حلب تحضيرا لتهجير نصف مليونها ، ومن ثم اقتحامها ، وإسقاط رمزيتها ، وبالتالي إعلان الهزيمة ، وإلقاء السلاح ، والقبول بالأسد وبالشروط الروسية ، الأمريكية المشتركة ، وقد توقف روسيا والنظام قصفهما نظير اتفاق ما ، قد يعلن عنه قريبا .
أما الآن ، فها هي حلب تذبح أمام العالم بأسره كما سبق وذبحت غزة : هناك ، بموافقة أمريكية علنية ، وهنا بموافقة سرية فضحها غاتيلوف .
هناك ، كانت إسرائيل وذخائر أمريكا ، وهنا ، روسيا والأسد وحزب الله والحرس الثوري وشذاذ الآفاق من متعصبي الإثني عشرية .
المذبوحون هنا سنة ، والذين ذبحوا في تعز سنة ، وفي غزة سنة ، واينما وليت وجهك فثمة مجزرة للسنة ، والفاعل واحد ، وإن تعددت الأعلام والجهات واللغات .
قد يتوقف القصف على حلب ، وقد يمضي النظام والروس بعيدا ، ولكن الأهم وكما قال داوود أوغلو السبت : أن إسقاط الثورة بإسقاط حلب ، لا يزال بعيد المنال ، وبالتأكيد ، سيأتيك بالاخبار من لم تزود ِ .
د. فطين البداد
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews