الدرس السعودي لـ "أوباما"
جي بي سي نيوز - : تحت هذا العنوان كتب البروفيسور أيال زيسر يقول:
إن الرئيس باراك أوباما وصل في الأسبوع الماضي، إلى المملكة العربية السعودية في "جولة تراث". ولكنها لم تكن جولة تراث تتطلع إلى الماضي، وإنما هي جولة مع غمزة إلى المستقبل، بهدف وضع الأساس "لإرث أوباما"، الذي يسعى الرئيس الأمريكي لتركه عندما يغادر البيت الأبيض بعد أقل من عام.
لقد سعى أوباما خلال الزيارة إلى بث أجواء العمل الاعتيادي في العلاقات بين واشنطن وحلفائها في الخليج، وضمان تذكار فترته على أنها الفترة التي حوفظ خلالها على منظومة العلاقات الخاصة بين واشنطن والرياض. لقد شكلت منظومة العلاقات هذه في الماضي، دعامة للسياسة الأمريكية في المنطقة، ونموذجا مثاليا لشكل دفاع الولايات المتحدة عن صديقاتها في العالم – تايوان، كوريا الجنوبية، أو العربية السعودية. والى جانب ذلك حدد أوباما أمام ناظريه هدفان عمليان. الأول، تجنيد الدعم السعودي العملي لمحاربة داعش، والثاني الاتفاق مع السعوديين، كما يحاول مع إسرائيل، على صفقة التعويضات والضمانات التي ستقود إلى إنهاء الأزمة التي نشأت بين واشنطن والرياض في أعقاب الاتفاق النووي مع إيران في الصيف الماضي.
لكن السعودية قررت عدم الانضمام إلى المسرحية بل حاولت تخريبها. واختار الملك سلمان عدم الحضور إلى المطار لاستقبال أوباما، فيما استقبلت وسائل الإعلام في بلاده الضيف بهجوم شامل عليه وعلى سياسته، وبرسالة فظة تقول انه يتصرف كمن نسي من هم حقا رفاقه، في تلميح إلى الغزل الذي يقوده أوباما مع إيران على حساب العلاقات التقليدية مع الرياض.
وبالفعل، هناك شيء سيء يحدث للعلاقات بين الولايات المتحدة والعربية السعودية. واشنطن لا تحتاج كما في الماضي، إلى النفط السعودي، وربما استنتجت أن إيران هي شريك فاعل أكثر، يمكن الاتفاق معها في كل القضايا المتعلقة بمستقبل الشرق الأوسط، كمستقبل العراق واليمن، وطبعا سورية. ومن المحتمل جدا أن هذا كان سبب تهجم أوباما على السعوديين في ذلك اللقاء الصحفي لجريدة "اتلانتيك" والذي انتقد فيه رئيس الحكومة الإسرائيلية، أيضا. وكما نذكر فقد اتهم بنيامين نتنياهو بأنه لا يمنح الرئيس الأمريكي الاعتماد بأنه يفهم مشاكل المنطقة، بينما اتهم السعوديين بتأجيج التوتر بين السنة والشيعة، وبمعنى آخر بالمسؤولية عن مشاكل المنطقة وعن النيران المشتعلة في العراق وسورية.
المشكلة لا تتوقف على إدارة أوباما، وإنما تتغلغل إلى طبقات أخرى في الرأي العام الأمريكي. وبالفعل، في الوقت الذي سافر فيه أوباما إلى الرياض لالتقاء الملك سلمان وبقية قادة دول الخليج، الذين عقدوا قمة مشتركة في العاصمة السعودية، واصل مسؤولون كبار في الكونغرس الأمريكي دفع التحقيق في شبهات تورط مسؤولين سعوديين في الهجمات الإرهابية في 11 أيلول في الولايات المتحدة. من جانبها هددت السعودية بأنه إذا قام الجهاز السياسي الأمريكي، وفي أعقابه الجهاز القضائي الأمريكي، بدفع هذا التحقيق أو محاولة المس بممتلكات سعودية واستغلالها لدفع تعويضات مالية لضحايا العمليات الإرهابية في الولايات المتحدة، فستقوم السعودية بسحب كل استثماراتها في الولايات المتحدة.
السعوديون ليسوا أبرياء. يصعب الافتراض بأن جهة في المملكة كانت تعرف أو شجعت العمليات في برجي التوأم في أيلول 2001. ولكن من الواضح أن سنوات الاستثمار الضخم في نشر الأيديولوجية الوهابية في كل أنحاء العالم، ساهمت في موجة التطرف الإسلامي الذي وجه قبل 15 سنة، بصورة القاعدة، ضربته إلى الولايات المتحدة، ويجرف أنحاء الشرق الأوسط حاليا، بصورة داعش. ( النقل عن المقال حرفيا ) .
ولكن إذا استنتجت الولايات المتحدة، في أعقاب التطورات الأخيرة، بأن إيران أفضل، فسرعان ما سيتضح لها مدى خطأها. لقد قدمت العربية السعودية طوال سنوات خدمات ثمينة للمصالح الأمريكية في المنطقة، والتخلي عنها ينطوي على رسالة خطيرة للعالم السني في الشرق الأوسط، ولأصدقاء الولايات المتحدة في المنطقة وخارجها. نأمل أن تدرك الإدارة القادمة في البيت الأبيض – بعد أوباما – كيف تبلور سياسة شاملة لمشاكل الشرق الأوسط، توفر الرد أيضا لصديقات الولايات المتحدة في الخليج.
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews