هل يُنتخب الرئيس ويُقر قانون للانتخابات خلال جلستين تُعقدان في يوم واحد؟
إذا كان من حق النواب الذين يواظبون على حضور جلسات انتخاب رئيس الجمهورية أن يقرروا عدم حضورها إذا تحوّلت جلسات للتشريع لأنهم يعتبرون المجلس هيئة ناخبة الى أن يتم انتخاب رئيس، فليس من حق أي نائب يقاطع الجلسات الرئاسية أن يفعل مثلهم لأنهم بمقاطعتهم الجلسات يكونون هم سبب إبقاء مجلس النواب هيئة انتخابية وليس هيئة تشريعية. وإذا كان من حق نواب المطالبة بادراج مشروع قانون للانتخابات النيابية على رأس جدول أعمال أي جلسة تعقد لاقرار مشاريع ضرورية، فإن مشروع الانتخابات هو منها ولا يجوز الاستمرار في تأجيل درسه وإقراره لئلا يحين موعد اجراء الانتخابات النيابية ولا وجود لمشروع جديد تجرى الانتخابات على أساسه فتوضع البلاد عندئذ بين خيارين لا ثالث لهما: إما اجراء الانتخابات النيابية على أساس القانون الحالي، أي قانون الستين، وإما ارتكاب خطيئة تمديد جديدة ثالثة للمجلس وتكون هذه المرة خطيئة مميتة للديموقراطية في لبنان.
لذلك فلا خروج من أزمة الخلاف على "تشريع الضرورة" إلا بالمباشرة بانتخاب رئيس للجمهورية قبل أي أمر آخر، أو تخصيص جلسة لاقرار مشروع قانون جديد للانتخابات، ثم تخصيص جلسة أخرى لانتخاب رئيس في اليوم نفسه، حتى اذا ما اطمأنت الأحزاب والكتل الى أن الانتخابات النيابية سوف تجرى على أساس قانون عادل ومتوازن، فلا يعود لديها مانع من انتخاب رئيس للجمهورية في جلسة مكتملة النصاب، خصوصاً اذا أصبح انتخابه مرتبطاً باقرار مشروع للانتخابات خلال جلستين تعقدان في يوم واحد، ولا يبقى عندئذ في استطاعة أحد تحمّل مسؤولية الاستمرار في تعطيل انتخاب الرئيس بعد اقرار قانون جديد للانتخابات النيابية.
الى ذلك، ثمة اجتماعات تعقد بين "القوات اللبنانية" و"التيار الوطني الحر" للاتفاق على موقف واحد من مشاريع الانتخابات عند طرحها على مجلس النواب وذلك بغية الحؤول دون تأمين الأكثرية المطلوبة لأي مشروع قد لا يكون مقبولاً منهما وربما من أحزاب أخرى فيستمر عندئذ الخلاف على انتخاب رئيس للجمهورية نتيجة استمرار الخلاف حول مشروع قانون الانتخابات النيابية.
فهل يتم التوصل في اجتماع هيئة الحوار الوطني المقرر عقده في 20 نيسان الى اتفاق على مشروع واحد للانتخابات النيابية فيسهل عندئذ طرحه على مجلس النواب للمصادقة عليه، ويسهل تالياً انتخاب رئيس للجمهورية، فيعود المجلس إذذاك الى ممارسة عمله الطبيعي في التشريع وإقرار المشاريع الملحة والضرورية، ولا سيما تلك المتعلقة بالأوضاع الاقتصادية والمالية والانمائية ولا تحتمل التأجيل؟ وهل يمكن القول استناداً الى كل ذلك إن اجتماع هيئة الحوار الوطني المقبل مهم لأن التوصل فيه الى اتفاق على مشروع قانون للانتخابات النيابية يسهل انتخاب رئيس للجمهورية خصوصاً بعدما أصبح هذا المشروع الممر الإلزامي لانتخابه. أما إذا لم يتم التوصل الى اتفاق عليه، فهل يقرر الرئيس نبيه بري تخصيص جلسة نيابية تطرح فيها كل المشاريع المحالة على المجلس، وهي عديدة، على التصويت فيتم إقرار ما يحظى منها بأصوات الأكثرية المطلوبة؟
لكن ثمة من يرى في ذلك محاذير ويفضل التوافق على مشروع واحد في هيئة الحوار الوطني يطرح على الهيئة العامة لمجلس النواب لتصبح المصادقة عليه سهلة باعتبار أن هيئة الحوار تجمع كل الاقطاب الذين اذا اتفقوا أصبح الحصول على الأكثرية المطلوبة مضموناً، والأكثرية المطلوبة هي الثلثان كما ينص عليه الدستور في المادة 65 منه التي تعدد المواضيع التي تحتاج الى موافقة الثلثين لأن لها صفة ميثاقية وموضوع الانتخابات النيابية منها.
الواقع أن الاتفاق على مشروع قانون جديد للانتخابات النيابية له أهمية لا تقل عن أهمية انتخاب رئيس للجمهورية لأن لا سبيل الى إعادة تكوين السلطة إلا من خلال مشروع للانتخابات النيابية يؤمن التمثيل الصحيح لشتى فئات الشعب وأجياله وينبثق منها مجلس نيابي شرعي ولا يشكك أحد في صحة تمثيله، خصوصاً عندما يتخذ القرارات المهمة التي لها صفة ميثاقية وتفرض موافقة الثلثين عندما يتعذّر التوافق عليها.
والسؤال المطروح هو: هل يكون انتخاب رئيس للجمهورية هو المدخل لاقرار مشروع قانون جديد للانتخابات النيابية كي يكون للرئيس حق ردّه اذا تبيّن له أنه غير عادل وغير متوازن، أم أن اقرار مشروع جديد للانتخابات النيابية هو المدخل لانتخاب رئيس للجمهورية على أن يصبح هذا المشروع غير نافذ إلا بعد توقيع الرئيس؟ المهم هو إخراج مجلس النواب من كونه هيئة انتخابية الى كونه هيئة تشريعية لاقرار المشاريع الضرورية وغير الضرورية ويعاود نشاطه المعتاد.
(المصدر: النهار 2016-04-11)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews