لماذا يصدق الناس نظريات المؤامرة .. و ما هي أهم هذه النظريات؟
جي بي سي نيوز- منذ نعومة أظافرنا هناك العديد من الأفكار التي تلقى داخل رؤوسنا بدون فرصة واحدة لتناولها بالتحليل وفقاً للمنهج العلمي، وفي الفترة الأخيرة تزامناً مع التغيير العظيم الذي حدث على مستوى عالمنا العربي بأكمله في جميع الجوانب السياسية والاقتصادية والثقافية بإيجابياته وسلبياته؛ انتشرت روافد الأفكار التي تلقيناها مصحوبة بتحليلات غريبة وعجيبة أطلق البعض عليها “نظرية المؤامرة Conspiracy Theory”.
يعرفها قاموس أكسفورد بأنها النظرية القائلة بأن حدث أو ظاهرة ما حدثت بسبب مؤامرة بين طرفين، وبسبب انتشار الجهل والخرافة في عالمنا العربي وجدت هذه الأفكار تربة خصبة لكي تتحول من كونها مجرد أفكار وأطروحات تحتمل الصواب والخطأ إلى ثوابت ثقافية يبنى عليها العديد من القرارات المصيرية.
وفي نقاط وجيزة أحاول أن أضع تحليل لهذه الظاهرة المنتشرة في عالمنا العربي، فلماذا يصدق الناس في نظرية المؤامرة ؟
مجموعة من أشهر نظريات المؤامرة
نظرية المؤامرة 01
والمثير للسخرية أن الأمر لم يقتصر على عالمنا العربي فقط، بل هناك العديد من نظريات المؤامرة التي تنتشر في أذهان جميع شعوب العالم، فسواء كانت الشعوب متقدمة أو متخلفة هناك دائماً مثل هذه الأفكار الغريبة التي تجد تربة خصبة للانتشار والنمو بها، ونستعرض في هذه الجزئية مجموعة من أشهر النظريات التآمرية التي لقت رواجاً في العديد من المجتمعات العالمية، فمنها النظريات التي تشوه الحقائق العلمية وتحرفها ومنها الذي يحرف الحقائق التاريخية…
نظريات لها علاقة بالعلم:
# نظرية التطور هي خدعة ومؤامرة وضعها اليهود لكي يتخلى المؤمنون عن دينهم. (السؤال الذي يطرح نفسه هو لماذا اليهود بالذات؟)
# علاج السرطان تم اكتشافه بالفعل ولكن حكومات العالم تخفي هذه الحقيقة عن العامة!!! (ولا أعرف لماذا؟)
# الهبوط على القمر مجرد خدعة صنعتها الولايات المتحدة الأمريكية رداً على البرامج الاستكشافية التي أطلقها الاتحاد السوفيتي لاستكشاف القمر. (والغريب في الأمر أن القائل بمثل هذه النظرية لم يشكك لحظة في برامج الاستكشاف السوفيتية)
# أنفلونزا الطيور والخنازير مجرد سلاح في يد – إذا كنت مقيماً في الوطن العربي – الولايات المتحدة الأمريكية لمحاربة الشرق أو – إذا كنت مقيماً في الغرب – فهو سلاح في يد الإرهاب الأصولي لمحاربة الحضارة.
# الاحتباس الحراري مجرد خدعة من قبل العلماء الغربيين.
# الإيدز عبارة عن سلاح تم إطلاقه من قبل الولايات المتحدة الأمريكية أو إسرائيل لتدمير العالم!!!!!!!
نظريات تحرف الأحداث التاريخية والسياسية
# جميع الشركات العالمية تخفي داخل شعارها العديد من الكلمات المسيئة للعرب وللإسلام.
# أحداث 11 سبتمبر مدبرة من قبل اليهود أو حكومة الولايات المتحدة الأمريكية أو الماسونية العالمية أو عائلة روتشيلد.
# النازيون تحالفوا مع كائنات فضائية خلال الحرب العالمية الثانية!!
# هتلر وأعضاء الحزب النازي يتخبئون في (جانب مظلم من القمر أو في مكان ما تحت الأرض) وينتظرون اللحظة المناسبة للانتقام.
# الخلافة العثمانية تم إسقاطها بسبب مؤامرات من قبل اليهود.
التفسير الأكاديمي لـ نظرية المؤامرة
نظرية المؤامرة 02
نظراً لانتشار هذه الظاهرة بشكل هستيري في العالم، قامت العديد من المجلات والمؤسسات العالمية بدراسة هذه الظاهرة محاولة لتحليلها وتفسيرها، وتوصلت هذه الدراسات إلى العديد من الحقائق التي تتصف بها هذه النظرية وهي…
# إن إيمان الناس بمثل هذه النظريات نتيجة خوف وفزع رهيب من العشوائية، بمعنى إن الناس دائماً تريد شخص أو جهة ما يتم إلقاء اللوم عليها حينما تحدث مشكلة.
# وأيضاً هناك صفة مهمة تتصف بها أغلبية هذه النظريات وهي افتقار جميع هذه النظريات إلى الأدلة المنطقية، فدائماً هذه النظريات تأخذ جزء بسيط من الحقيقة وتبني عليها نسيج كبير من الخيال.
# وهناك صفة مشهورة جداً بين مروجي نظريات المؤامرة ألا وهي أن الشخص الذي يصدق في نظرية ما عنده القدرة على تصديق نظرية أخرى تناقض النظرية الأولى، فمثلاً الشخص الذي يؤمن إن بن لادن تم اعتقاله حياً ولم يقتل ممكن أن يكون مؤمنًا أيضاً أنه تم قتله في تاريخ سابق.
# وأيضاً الملفت للنظر أنه كلما اتسعت الأدلة التي تفند هذه النظريات، اتسعت النظرية بدورها في عين المؤمنين بها، بمعنى أنه إذا كان هناك العديد من الأدلة التي تبرأ الشخص (أ) من جريمة ما، فإن مروجي النظرية التآمرية يرون أن جميع هذه الأدلة مزورة وإن الشخص (أ) هو المتهم الحقيقي.
# والشئ الأكثر وضوحاً في مثل هذه النظريات هو تقسيمها للعالم إلى معسكر للخير ومعسكر للشر مع إغفال فكرة المصالح الدولية نهائياً.
# وطبعاً لا ننسى أنها تقدم الأفكار والإطروحات المختلفة على أنها سرية وخفية، والسؤال الذي يطرح نفسه هو كيفية إنتشار هذه الإطروحات إذا كانت خفية وسرية في الأصل.
عدو اليوم هو الشر المطلق
نظرية المؤامرة 03
جميع نظريات المؤامرة تستند على أساس واحد وهو إن عدو اليوم هو الشر المطلق، فمثلاً إذا كان وطننا العربي يعادي دولة معينة، فإذا ظهر على السطح حدث مفاجئ غير مفسر وغريب فسنجد كل النظريات التأمرية تتفق على أن هذه الدولة هي السبب في كل الأحداث المفسرة وغير المفسرة إلى أن يأتي عدو أخر ليكمل المسيرة.
ونذكر في نهاية عام 2010 حينما تفاجئ الجميع بهجمات أسماك القرش في شرم الشيخ مما أسفر عن مقتل سائحة ألمانية وبتر أطراف لأربع سائحات روسيات وسائح أوكراني، خرج بعدها تصريح من مصادر مسئولة إن هذه الهجمات مدبرة من قبل إسرائيل لضرب السياحة في مصر وبعدها بمدة تم نفي هذا التصريح!
هناك مثال أخر شهير وهو الحرب الباردة التي حدثت بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي في منتصف الأربعينيات حتى أوائل التسعينيات، فجميع الكوارث التي تحدث في الولايات المتحدة الأمريكية ظن الكثير أنها مدبرة من المخابرات السوفيتية والعكس صحيح، ولا ننسى اتهام جوزيف مكارثي للعديد من الموظفين والإداريين الأمريكيين بتعاملهم مع الاتحاد السوفيتي ونشر الشيوعية في البلاد حيث يتم الزج بهم في السجون أو النفي وكان من ضمن ضحايا المكارثية الممثل الشهير تشارلى تشابلن.
عالم يتطور إلى الأمام
نظرية المؤامرة 04
من ضمن التفسيرات الشائعة لفترة الاستعمار الإنجليزي والفرنسي التي تعرضت لها منطقتنا العربية أنها كانت بسبب كره الغرب للعرب والاتفاق على إجهاضه وتدميره ولا يذكر أحد السبب الحقيقي وهو إن الهدف وراء كل الخطط الإستعمارية ماهو إلا منافسة بين الدول العظمى ليس إلا ولم يكن الموضوع شخصي بالمرة.
فلقد كنا في حالة يرثى لها من كل الجوانب مما أدى إلى احتلال بلادنا، وفي عصرنا الحديث ومع سيطرة الرأسمالية وطبائع الاقتصاد الحر والتنافس على العالم كله أسفر عن العديد من الإيجابيات منها عملية تجويد مستمرة في نوعية ومستوى البضائع والخدمات وحيث تؤدي في أحيان كثيرة لخفض السعر.
ولكن هناك سلبيات أيضاً منها إن التنافس في السوق ممكن أن يؤدي إلى الطرد من السوق أو تهميش دور الأخرين والاستئثار بأكبر حصص من السوق وهذه السلبيات كثيراً ما تفسر في المجتمعات المتخلفة الجاهلة بالرأسمالية بـ “نظرية المؤامرة”، فالعالم أجمع يسير في اتجاه التطور فإما أن نسير مع التقدم والعولمة أو نسير عكس الاتجاه ونزداد تخلفاً وجهلاً.
من المحرك لكل هذه النظريات؟
نظرية المؤامرة 05
قلت مسبقاً إن هذه النظريات وجدت مناخ خصب لتنتشر وتنمو، وهذا المناخ عبارة عن تدني مستوى التعليم في عالمنا العربي مما أخرج أجيال عديدة مغروس داخل عقولها المؤامرة والخوف من كل ما هو جديد، وهذا بالتأكيد له تأثير على جميع المؤسسات الثقافية والاقتصادية والاجتماعية التي قادرة على اتخاذ قرارات مصيرية تؤثر على المجتمع العربي بأكمله، ويغذي الإعلام بالتأكيد مثل هذه الأفكار “فكل شيء مؤامرة” هو التفسير العلمي والمنطقي لكل شيء مما يضعنا دائماً في موقف المفعول به وينهي على جميع محاولات التفسير العقلاني لأي ظاهرة.
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews