رسائل مناورات " رعد الشمال "
لعل مناورات رعد الشمال "North Thunder" التي انطلقت نهاية الأسبوع في قاعدة حفر الباطن شمال السعودية ( حدود العراق وقبالة إيران ضمناً ) وبمشاركة عشرين دولة عربية وإسلامية ليست مجرد مناورات تعاون مشترك لمواجهة تحديات محتملة ، بل إن رسائلها التي توجهها تذهب في أكثر من اتجاه ، وتحمل أكثر من معزى .
فقد جاءت هذه المناورات عقب الإعلان في ديسمبر الماضي ، عن تشكيل تحالف إسلامي ضد الإرهاب من أربع وثلاثين دولة ، لتكون هذه المناورات أولى ثماره ، وردا مباشرا على من اعتقد بأنه مجرد تحالف " إعلامي " على الورق .
المناورات التي تعتبر الأكبر في تاريخ الشرق الأوسط ، والتي يشارك فيها بالإضافة إلى السعودية كل من : الإمارات ، الأردن ، مصر، الكويت، السودان ، تونس، البحرين، قطر، عمان، باكستان ،المغرب، موريتانيا، جيبوتي، جزر القمر، موريشيوس، المالديف، السنغال، تشاد، ماليزيا ، أقول : هذه المناورات جعلت العالم يقف وكأن على رأسه الطير ، وتجلى ذلك في بعض التغطيات الإعلامية الساخنة ، أو الباهتة والباردة وهي الأكثر ، ، حيث لم يكن لا الغرب ولا الشرق يعتقدان أن بإمكان السعودية جمع قوات بهذا الحجم على أراضيها والبدء بمناورات عسكرية كبرى ، والمذهل حقا ، هو حجم القوات المشاركة ، وأنواع الأسلحة المستخدمة .
اعتقدت الولايات المتحدة وغيرها ، أن المنطقة عاجزة عن الدفاع عن نفسها ، وسبق لأوباما ذاته ، وعقب الإتفاق النووي مع إيران ، أن طلب من العرب حماية أنفسهم ، وأن لا يعتمدوا على أمريكا بعد الآن ، ولا بأس إن أصبحت المنطقة وشعوبها نهبا لإيران ، ومن لف لفيفها في مؤامرة مكشوفة ، نظير تقاسم مصالح استراتيجية معلنة وغير معلنة ، لتجيء هذه المناورات ردا مباشرا على ذلك بالقول : إننا سنحمي أنفسنا فعلا ، ولسنا قاصرين عن ذلك ، حتى لو بقينا وحدنا في الميدان ، ولن يكون لأطماع الطامعين أي فرصة بتحقيق أهدافهم الخبيثة طالما أننا موحدون ومتكاتفون ونعي بأن المصير مشترك ، وأن أرض الحرمين الشريفين ودول الخليج وأقطار الأمة كافة لن تكون أبدا إلا لأبنائها " السنة " أما الصفويون الجدد الذين لا يشكلون مع من يواليهم إلا نسبة 1% قليسوا سوى أقلية هشة ، وفقاعة في بحر عظيم ، وأنا هنا لا أشمل الشيعة العرب من الذين لا يعترفون بولاية الفقيه وتصدير ثورته التخريبية ، ومن الذين يؤمنون أن إيران دمرت العراق وسوريا واليمن ، ولبنان ، وتسعى لتدمير المزيد .
المناورات التي تجري وسط صمت إيراني ، وغربي ، وشرقي ،قرعت بالفعل ناقوس الدهشة في أذن وملء بصر كل من كان يراهن على أن مثل هكذا قوة لن تجتمع أبدا : حيث لم يكن يخطر على بال أحد أن السلاح المستخدم في مناورات رعد الشمال هو : 20 ألف دبابة ، 2520 طائرة مقاتلة ، 460 طائرة مروحية ، مئات السفن ، 350 الف جندي وضابط .
إن حجم المؤامرات التي تحاك للأقطار العربية السنية ، بتواطؤ بين الغرب والشرق وبمشاركة إيران الصفوية ، تتطلب أن تجرى مثل هكذا مناورات وبهذه القوة .
إن مواجهة طموحات إيران ، ومحورها البغيض في المنطقة هو هدف استراتيجي لهذه المناورات بغض النظر عن أي كلام آخر ، كما وأن لهذه المناورات هدفا لا يقل أهمية ، وهو أن أطرافا عربية سنية للأسف ، وبعضها مشارك في المناورات ، كان يجب أن تصلها هي أيضا رسالة مفادها : إن الأمة الإسلامية ليست عاجزة ، وبإمكانها الدفاع عن نفسها ، فعليك أن تبقي في صف أمتك الخالدة ، لأن من يخلع رداءه سيعرى .
د. فطين البداد
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews