أردوغان يريد غزة
الرئيس التركي، طيب أردوغان، يخطط منذ الان لحدث مغطى إعلاميا، مثلما يحب، يعلن فيه عن انهاء القطيعة والنزاع مع إسرائيل. ولمحادثات الفريق الإسرائيلي ـ التركي الذي يجلس على وضع صيغة اتفاق المصالحة، حرص على أن ينقل رسالة بان «إسرائيل كانت ولا تزال حيوية لتركيا، المستعدة لان تعود إلى صيغة العلاقات الوثيقة التي سادت قبل وقوع قضية مرمرة».
ليس بسيطا. فقدر كبير من الجهات السياسية والمصالح الأمنية تنبش خلف الكواليس. فالسلطان من أنقرة يعتزم، بعد التوصل إلى اتفاق، الوصول بنفسه إلى غزة، فيقف امام الكاميرات ويعلن عن نهاية الحصار بفضل جهوده. وقد حرص أردوغان على أن يوضح بانه لا يعتزم الدخول إلى غزة عبر حاجز ايرز الإسرائيلي. كما أنه يفهم بانه لا يمكنه أن يصل عبر البحر. فماذا يتبقى؟
مصر ترفض ان تفتح له معبر رفح، والسياسي لن يبسط له بساطا احمر إلى غزة.
لا يوجد جدول زمني للانعطافة مع تركيا، وإسرائيل، وليس صدفة، تحرص على الصمت. أردوغان هو الذي ينثر التلميحات الواضحة بان الاتفاق يقترب، وقد عين منذ الان دبلوماسيا كبيرا لمنصب السفير التركي الجديد في تل أبيب ولكن من يتابع سيكتشف أن فجأة لم يعد الامر ملحا لإسرائيل. في القدس يواصلون الاشتباه بامزجة أردوغان المتقلبة.
مشكلة صعبة: ما هو الاهم لإسرائيل، التنسيق الاستراتيجي مع مصر ام استئناف الطلعات الجوية العملياتية في سماء تركيا، فيما تتجه العيون الالكترونية نحو سوريا ولبنان؟
كيف الخروج بلباقة من المعادلة المعقدة دون الوقوع بين الكراسي؟ ليس سرا ان أردوغان الإسلامي يجري منذ ثلاث سنوات حسابا منفلت العقال مع السيسي، الرئيس المصري على حربه ضد «الاخوان المسلمين» وعلى مئات عقوبات الاعدام التي فرضت على كبار رجالات التنظيم.
والى جانب الشتائم والتهديدات، فانه يرفض الاعتراف بشرعية حكم السيسي. من الجانب الاخر، لا تفوت المخابرات المصرية تفاصيل عن «الاستضافة» التركية لكبار رجالات حماس.
من خلف الكواليس تجري ايضا جهود بطيئة من جانب السعودية لتحقيق مصالحة بين تركيا ومصر. في هذا الثلاثي المركب لا توجد ثقة كبيرة ولا توجد حماسة. ومريح لكل الاطراف، بالضبط مثلما لإسرائيل حيال تركيا، تجميد صورة الوضع. فليست غزة فقط هي على الطاولات. السعودية وتركيا تسعيان إلى انهاء حكم بشار الاسد في سوريا. في هذا الشأن فان لهما مواجهة مع اللاعب الجديد في الحارة ـ بوتين الذي يبعث بالطائرات القتالية لحماية الاسد. كما أن الرئيس الروسي حرص ايضا على أن ينقل رسالة واضحة للقدس بانه ليس مسرورا من آثار المصالحة بين تركيا إسرائيل.
في القدس يزنون التفاهمات مع موسكو في الساحة السورية حيال المصالح والاهداف في أنقرة. وبينما مصر حيادية في موضوع الاسد، فان السعودية ـ صديقتنا السرية ـ تهدد باطلاق الطائرات نحو سوريا. فماذا تفكر إسرائيل في موضوع تغيير الحكم في دمشق؟ مثل موضوع المصالح مع تركيا، ليس الامر ملحا لها. فبقدر ما بقي بشار، برعاية التفاهمات مع روسيا، تكون إسرائيل اكثر هدوءاً.
ومن تعرف عن كثب على منظمات المعارضة المنقسمة والثوار المتنازعين فيما بينهم، سيفضل بشار الطائع والضعيف.
مشوق محاولة حل لغز توزيع المهام بين روسيا وإيران. فبوتين انكب على سوريا قبل خمسة اشهر، والحرس الثوري من طهران لا يتنازل عن الحلف مع دمشق. واعلان النوايا من السيسي في أنه غير مستعد للتقرب من إيران «الجديدة» يهدد بالمس بالمساعدة الاقتصادية من السعودية. فالسعودية جندت امارات النفط للتحالف الذي يهدد بالصدام مع الحرس الثوري داخل سوريا. ولتركيا علاقات مريحة بما فيه الكفاية مع طهران.
مشوق أن نرى ما الذي يفكرون به في أنقرة حول ارسالية الصواريخ الاولى من روسيا إلى إيران، وكيف سيردون عندنا إذا ما وجدت هذه الصواريخ طريقها إلى حزب الله في لبنان.
(المصدر: يديعوت 2016-02-21)
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews