عن ظهور البغدادي في الفلوجة
يذكرنا تقرير التايمز البريطانية عن إشاعات بظهور أبو بكر البغدادي في الفلوجة ، نقلا عن قناة عراقية مدعومة من إيران ، بما كان يقوله الإعلام الغربي عن ظهور صدام حسين في أماكن بعينها ، إبان فترة الحصار على العراق قبل الغزو في العام 2003 .
بل إن الأمر وصل هنا إلى أن تتدخل مؤسسة أبحاث الإرهاب في لندن لتفتي في الأمر فخرجت بما كانت تخرج به مؤسسات مماثلة عن صدام ، وهي أن الشخص الذي ظهر في فيديو يوزع الهدايا على حفظة القرآن الكريم في الفلوجة ليس سوى " شبيه " بالبغدادي ، ولكنه ليس هو بالضرورة .
أي أن القضية أخذت على محمل الجد .
فكما كان صدام حسين مصدرا مهما للقصص الإخبارية المثيرة ، فإن صحفا بحجم التايمز لا زالت تمارس مثل هذه الحيل الصحفية ، بغض النظر عن رزانة التقرير ، أو جدية مراسليها ، أو سياسة الجهة الإعلامية التي تنقل عنها ، وإلا فلماذا ورد ظهور البغدادي في العنوان الرئيس ، بينما ورد تقرير مؤسسة أبحاث الإرهاب ضمن متن الخبر وببضع كلمات .
ولما كان التقرير يتحدث عن الفلوجة ، فإن الزعم بظهور البغدادي ، خليفة داعش في المدينة المحاصرة ، ليس سوى نذير شؤم للمدينة السنية ، حيث ستستفيد الميليشيات الشيعية التي تحاصر المدينة من كل جهاتها مع الجيش الحكومي من مثل هكذا تقارير ، فتجعل من شائعة وجوده في المدينة ذريعة قذرة لاستمرار ضرب المدينة بمختلف أنواع الأسلحة ، واستمرار منع إدخال الدواء والغذاء إليها وهي المحاصرة منذ عام ونصف العام .
لا يجب أن ننسى ما سبق وقاله هادي العامري زعيم منظمة بدر الشيعية المتطرفة والممولة من إيران عندما فشل ذات معركة في اقتحام مدينة بيجي قبل أن تتكفل الطائرات الأمريكية بالمهمة .. أقول : لا يجب أن ننسى قوله : " إن الفلوجة هي رأس الأفعى " ، وقد قال العامري ما قال ، لكون هذا الوصف يدغدغ مرشده الأعلى والميليشيات الإيرانية التي اكتوت بنار الفلوجة ولا زالت ، ويدغدغ - كذلك - الأمريكيين الذين كانت لهم تجربة سابقة مع المدينة التي أجبرتهم على إبرام اتفاقية معها ، وهي المرة الأولى في التاريخ الذي تبرم فيها الولايات المتاحدة اتفاقا مع " مدينة " ، وذلك إثر المقاومة الشرسة التي أبداها أبناء الفلوجة في حينه .
ادعاء وجود البغدادي ونشر صور وفيديو له من داخل الفلوجة، ورعايته حفلا لتوزيع الجوائز على حفظة القرآن الكريم ، سبب تحريضي آخر ضد المدينة السنية التي تذبح بصمت وسط سكوت عربي وعالمي ، بل إن مثل هكذا تقارير يعني أن لا يجرؤ أي كان على إطلاق دعوة لفك حصار المدينة ، وهو هدف التقرير الصحفي المذكور ، وببثه سيستمر التحريض ، وبالتالي الحصار ، بينما يموت عشرات الفلوجيين من نساء وأطفال وشيوخ ، تارة بسلاح التجويع، وطورا بقذائف المدفعية والراجمات ، وتارة ثالثة بقمع داعش .
هذا هو الهدف من نشر القناة العراقية مثل هكذا تقرير ينضح خبثا صفويا لا يخفى على أحد .
د. فطين البداد
مواضيع ساخنة اخرى
- لمزيد من الأخبار تواصل معنا عبر :
- تابِع @jbcnews